الرأي

مطلوب  منظمات مجتمع مدني 

أسماء جمعة

في عهد النظام المخلوع تحولت منظمات المجتمع المدني عموماً الى أملاك تابعة له؟ وسخرها لخدمته مما أدى إلى غياب دورها الحقيقي المتمثل في الرقابة على الحكومة وتحقيق وتعزيز حقوق المواطنين وحفظها ومناصرتهم، فهي تسمى السلطة الخامسة لقوة تأثيرها على الحكومات بعد الصحافة التي تسمى السلطة الرابعة، وحقيقة  المجتمع السوداني زادت معاناته بسبب الفراغ  الذي  خلفه غياب دور منظمات المجتمع المدني الذي ما زال ضعيفاً حتى الآن بالرغم من سقوط النظام المخلوع وملاءمة البيئة للعمل المدني  .

 

المجتمع السوداني مفطور على ثقافة العمل المدني والتكافل الاجتماعي وظل تاريخياً يملك منظمات مجتمع مدني تقليدية تناصره وتدعمه في السراء والضراء، ولكن  استطاع النظام المخلوع أن يؤثر عليها من خلال تفكيك المجتمع نفسه ومن ثم إضعاف مؤسساته ومنظماته وآلياته الاجتماعية التي صممها لخدمة نفسه،  وعندما اشتدت المصائب على المجتمع اضطر الشباب في السنوات الأخيرة إلى إنشاء مبادرات حتى لا يلتف حولها النظام ويفرض عليها سطوته التي فرضها على أغلب المنظمات والجمعيات الوطنية، ولكن حتى هذه المبادرات واجهها بالقمع والتخويف والمساومة ولكنها لم تنصاع له.

تلك المبادرات الشبابية حقيقة أثرت المجتمع وأنعشته وقدمت عملاً عظيماً وجليلاً ولكن يظل دورها قاصراً ولا يساعد على التغيير الاجتماعي المطلوب كالذي تقوم به منظمات المجتمع المدني الرسمية ولذلك يجب الاستفادة منها الآن، وهنا أدعو الحكومة الانتقالية إلى تحويل المبادرات الشبابية إلى منظمات ودعمها وتوجيهها والإشراف عليها، فهي يقودها شباب أنقياء وشرفاء وصادقون، على سبيل المثال لا الحصر مبادرة شارع الحوادث المميزة، ونفير، وصدقات  وغيرها وقد  بدأت تضعف ولم تعد نشطة كما كانت، وهي حقيقة مبادرات ولكنها ولدت بقامة المنظمات الدولية وستكون أساساً لمنظمات مجتمع مدني جديدة وعظيمة ومعافاة من الفساد والاستغلال.

عموماً لا يمكن أن يحصل المجتمع على تنمية لقطاعاته المختلفة بشكل متكامل وناضج، إذا لم يتم تأسيس منظمات مجتمع نزيهة تعمل بدون تدخل أو وصاية أو مساومة، وما لم يكن هناك دعم  من المجتمع نفسه بقناعة وإيمان راسخ، وهنا لابد أن يسعى  المواطنون أيضاً إلى تأسيس منظمات وجمعيات جديدة سليمة حسب حاجة المناطق المحلية حتى تسهم في التغيير مع الحكومة.

كلما امتلكت الدولة منظمات مجتمع مدني قوية وفاعلة كلما ضمنت سرعة سريان التغيير في المجتمع، والسودان اليوم في حاجة ماسة إلى عدد منها  لتلعب دورها  كسلطة خامسة وتسهم في إخراجه من المستنقع الذي وحل فيه لثلاثة عقود، وهنا يجدر بنا أن نشير الى أن أغلب المنظمات  القديمة لم تعد تفيد المجتمع السوداني بعد ثورة ديسمبر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى