الرأي

جيشنا ومشروع القانون الأمريكي

أسماء جمعة

قبل أيام انتقد رئيس مجلس السيادة والقائد الأعلى للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان أمام احتفال عسكري، مجلسه ومجلس الوزراء وقال إنهم فشلوا في تحقيق تطلعات الشعب السوداني، بعد أكثر من عام على تشكيل هياكل السلطة الانتقالية ولكنه لم يوضح السبب بل وعد ببناء قوات مسلحة قومية بعيدة عن الجهوية ومحترفة وذات كفاءة قتالية عالية تكرس وقتها وجهدها لحراسة وحماية الوطن، وهذا اعتراف صريح منه بأن جيشنا ليس بخير وهذا هو سبب فشل الحكومة الانتقالية والمجلسين، والحق يقال بعد ثورة ديسمبر كان أمام البرهان فرصة كبيرة جداً لوضع الأسس اللازمة لبناء جيش بهذا الوصف من خلال معالجة أمر التمكين وتدخله في السياسة والاقتصاد وغيره، وعدم مضي الجيش في هذا الاتجاه يدخله في حسابات أخرى في ظل عالم ملتزم بالضغط على أي دولة من أجل التحول الديمقراطي ومنع الحكم العسكري.
يوم الجمعة الماضي أقر الكونغرس الأميركي مشروع قانون يدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، ويشدد الرقابة على الجيش وقوى الأمن والاستخبارات السودانية، ويتضمن إصلاحات كبيرة، كتفكيك الميليشيات، وتعزيز السيطرة المدنية على القوات العسكرية،
ويتطلب المشروع من وزارة الخارجية الأمريكية تقديم استراتيجية تفصل الدعم الأمريكي لعملية انتقالية نحو حكومة بقيادة مدنية في السودان، وسمي هذا المشروع باسم «قانون الانتقال الديمقراطي في السودان والمساءلة والشفافية المالية لعام 2020»، وهو يحظى بدعم واسع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لذلك فقد تم إدراجه ضمن مشروع التمويل الدفاعي الذي مرره الكونغرس بإجماع كبير من الحزبين.
رغم أنني لا أطمئن للولايات المتحدة الأمريكية لأنها لا تقوم بعمل لوجه الله، ولكن المشروع يحمل بالضبط الخطوات التي يجب أن يقوم بها الجيش ليصبح بخير وفي أفضل حال وقادر على تكريس وقته وجهده لحماية وحراسة الوطن وحسم الفوضى السياسية، ولكن أمريكا تريد ظاهرياً أن تقول للعالم إنها تحمي الديمقراطية في العالم، ولذلك على جيشنا أن لا ينتظر فرض المشروع ويبدأ فوراً خطوات استباقية جادة حاسمة لمعالجة أموره ليثبت أنه في الطريق الصحيح ولا يحتاج إلى المشروع فهو مهما كان سليماً ستصحبه سوء النوايا الدولية.
عندما نقول إن حل مشكلة السودان كلها بيد الجيش فهذا ليس كلام مبالغ فيه بل هو كل الحقيقة، فالجيش لأية دولة مثل كلمة المرور التي تحمي جهازك وما بداخله، لذلك عندما يكون جيش أية دولة بخير وفي أفضل حال ينعكس الأمر فوراً على الدولة إيجابا وحين يكون العكس أيضاً ينعكس عليها سلباً كما هو حال السودان، والشعب السوداني يفهم هذا الأمر جيداً لذلك هو يضغط على الجيش ليثور على نفسه ليصبح بخير وفي أحسن حال قبل أن يفرض عليه الأمر بالقوة العالمية وهذا ما لم يدركه قادة الجيش فهل يفعلون الآن وقبل أن يصبح مشروع القانون الأمريكي واقع؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى