الرأي

مطارات الوداع

عبدالرحيم حمد النيل 
• البؤس الذي يصادفك في مطار الخرطوم لا مثيل له في كل مطارات العالم، فلا تعرف هل أنت في محطة مواصلات أم في السوق الشعبي، أم هو مطعم بلدي، من حيث العشوائية التي حطت برحالها منذ وقت طويل وعاشت في ذلك المكان، بارتياح.
• مشاكل مطار الخرطوم الدولي معقدة؛ لأنها تتشعب إلى كثير من المسائل؛ فهو لا يشبه أي مطار دولي من حيث الخدمات الموجودة مطاعم، مقاهي، كافيهات، شاشات عرض لمواقيت الرحلات، فيه وعدد الصالات، المدرجات؛ والسيستم البدائي الذي يعمل به؛ وكثير من الملاحظات الأخرى لكني هنا معني بالفضيحة الأخيرة التي حدثت وكانت حديث كثير من المسافرين سابقاً.
• فقدان الأمتعة في المطار واحدة من أكثر الدلالات على وجود مشكلات إدارية وأمنية خطيرة بمكان مهم مثل هذا، نوع هذه المشكلات انتهى في كل العالم منذ تركيب أول كاميرا في أماكن العمل، أما محاولات التبرير والتغطية التي تتم فهي تزيد الطين بللاً، فهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة إذا لم يتم التعامل معها كمشكلة حقيقية يجب أن تُعالج.
• كنت مسافراً مرة خارج السودان في نهار رمضان، حشرونا في قاعة السلامة لفترة تجاوزت الساعات الأربع؛ قاعة ساخنة وبلا أية تهوية، حمامات قذرة، أوساخ في كل مكان، صالة ليست مهيأة لانتظار أي كائن دعك من الأطفال وكبار السن وأصحاب الهمم؛ كانت تجربة مزعجة جداً ولا تستحق التكرار.
• من قبل هربت بعض الفتيات عبر مطار الخرطوم إلى تركيا ومنها انضممن إلى داعش؛ كانت إحداهن إبنة الناطق الرسمي بوزارة الخارجية آنذاك، تم تهريبها من ذات المطار رغم عدم وجود اسمها بين كشوف الركاب، أيضاً الأرقام تشير إلى تهريب كميات كبيرة من الذهب عبر ذات المطار؛ لذلك التبرير للسرقات بأنها تتم في مكان آخر لا يعدو كونه تغطية على الفضيحة.
• يفكّر السودانيون الذين ينوون العودة إلى بلدانهم ألف مرة في كيفية الدخول عبر مطار الخرطوم دون التعرُّض إلى هذا النوع من المشاكل؛ السودانيون الذين يتعرضون إلى الشقاء بسرقة قوة عملهم في المغتربات ويتعرضون إلى الشقاء حين تُسرق هداياهم ومقتنياتهم في المطار ويتعرضون إلى الشقاء حين يفكرون بالعودة النهائية وكأن قدرهم مرتبط بالشقاء إلى الأبد.
• قبل أن تحاول ادارة المطار وسلطة الطيران المدني في التبرير لهذا النوع الخطير والمتكرر من المشكلات؛ عليها أن تراجع الثغرات الأمنية التي تسمح بتهريب الذهب وسرقة المقتنيات، وايجاد النظام الملائم الذي يمنع دخول أو خروج شاردة دون علم القوة الأمنية اضافة إلى تسهيل حركة وانسياب العمل؛ فليس شرطاً أن يكون التشديد مصحوباً بالبطء فقد وفرت التقنية والالات كل هذا العبث من الاعمال اليدوية والجسمانية.
• غير أن المطارات هي واجهة البلدان وتقدُّمها في النظام والدقة والشفافية والانضباط؛ فهي المكان الذي يقصده المسؤولون والسياح والمرضى والطلاب وكافة القطاعات والفئات من البشر؛ والذين يجب أن يحصلوا على نوع الخدمات المناسبة، في مكان نظيف، دقيق، منظم، يرتدي العمال فيه بزة موحدة، تكون دورات المياه فيه نظيفة ويكون هنالك فريق مدني يقدم المساعدات اللازمة ويجاوب على الاستفسارات المتعددة.
• سافر
مطارات الوداع ضجت  
قدامك
وراك
بيضاء 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى