الرأي

تعليم ذوي الإعاقة (٩): تقييم التعليم الدامج وفقا للأهداف

جعفر خضر
بلغ تمويل الاتحاد الأوروبي لمشروع التعليم الدامج بولاية القضارف ١٥٠ ألف دولار. وقد انقضى المشروع في نسخته هذه، ولا زلت أسعى للحصول على تقييم الاتحاد الأوروبي للمشروع.
وحتى يكون التقييم موضوعيا لا بد من مقارنة المنجز على أرض الواقع مع حجم التمويل، ولن ننجح في ذلك بصورة مرضية إلى أن نتحصل على المستندات المطلوبة.
ونجتهد الآن أكثر في تقييم المشروع بناء على ما تحقق من هدفه الرئيسي وأهدافه الفرعية.
يهدف المشروع إلى تحسين فرص حصول الأطفال ذوي الإعاقة على تعليم الأساس وإعادة إلحاق المتسربين منهم بالمدارس بالمحليات المستهدفة بولاية القضارف. كما سيقوم المشروع بخلق مناخ إيجابي داخل النظام التعليمي الحكومي بمرحلة الأساس يساعد الأطفال ذوي الإعاقة من التعلم وجعل المجتمعات المحلية أكثر دامجية وشمولية للأشخاص ذوي الإعاقة .
أما الأهداف الخاصة المتفرعة من الهدف أعلاه والتي بتحققها يتحقق الهدف الرئيس فهي :
١/ إنشاء نموذج للمدارس المرحبة تتوفر فيها احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة من خلال إنشاء ١٢ مدرسة مرحبة بالمحليات الثلاث واستيعاب ١٥٠ طلاب جدد من الأطفال ذوي الإعاقة بتلك المدارس.
٢/ كل الأسر والمجتمعات المحلية تصبح داعمة للتعليم الدامج بالمحليات المستهدفة ولتحقيق هذا الهدف سيقوم المشروع برفع قدرات ثلاث من منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة لدعم فهم المجتمعات ومتخذي القرار بحقوق الأطفال ذوي الإعاقة في التعليم ودعم البيئة المدرسية لتصبح أكثر دامجية.
٣/ يعمل جميع العاملين بالحقل التعليمي معا لتحقيق وتطوير التعليم الدامج بولاية القضارف وسيقوم المشروع ببناء هياكل للتعليم الدامج بدءا بمستوى المدارس وانتهاء بالمستوى القومي لمشاركة الخبرات وأفضل الممارسات مما يدعم جودة التعليم بالمدارس المرحبة وتوفير تجربة ونظام ناجح يحتذى به بالمناطق الأخرى.
هذه هي الأهداف بتفرعاتها كما وردت في إحدى وثائق منظمة تنمية المعوقين العالمية ADD، وقد وردت في وثيقة أخرى بصورة أكثر اختصارا.
من حيث العدد فقد تم تحقيق الهدف الأول بتحديد، وليس إنشاء، ١٢ مدرسة بل زيدت إلى ثلاث عشرة؛ وتجاوز عدد التلاميذ والتلميذات ١٥٠، فقد بلغ العدد ٢٠٨ حسب إحصائية منسقي المحليات للتعليم الدامج، و١٧٥ حسب دراسة الأستاذ سراج الدين مؤمن، ويمثلون ما يزيد قليلا عن ٣٪ من جملة تلاميذ وتلميذات المدارس الدامجة. ولكن هل كانت هذه المدارس مرحبة؟
ويمثل التلاميذ أنواع الإعاقات الأربع، لكن يلاحظ وجود عدد مقدر من ضعاف السمع وشبه غياب للصم، ووجود عدد مقدر من ضعاف البصر وندرة من المكفوفين. مما يعني حدث بلوغ العدد المستهدف، ولكن واضح أن المدارس الدامجة لم تستطع جذب المكفوفين والصم.
ولم توفر منظمة ADD نظارات لضعاف البصر، وسماعات لضعاف السمع، وقيل أن المشروع لا يتضمن هذا النوع من الدعم. وكنت قد أوردت خطأ في مقال سابق أن ADD قد وفرت سماعات ونظارات في محلية القلابات الشرقية، واتضح أن جهة أخرى هي التي وفرتها.
لا توجد كهرباء بكل المدارس الدامجة بالمحليات الثلاث. ولم يتحقق هدف إدخال الكهرباء بمدارس محلية القلابات الشرقية التي نصت عليها في خطتها الخاصة لإدخال وسائل وتقنيات التعليم الحديثة.
ولا يوجد ماء سوى بمدارس محلية قلع النحل، أما مدارس محليتي القلابات الشرقية والقريشة فيتم جلب الماء للمدارس بالكارو، وهذا جزء من أزمة الولاية العامة.
كان هنالك سوء في اختيار عدد من المدارس، إذ أن بيئة المدارس أصلا رديئة، ولم تكن هنالك تدخلات تذكر لتحسين بيئتها.
وهذا يجعل هذه المدارس غير مرحبة بكل التلاميذ غض النظر عن أنهم من ذوي الإعاقة.
ولا توجد غرفة مصادر في مدارس التعليم الدامج بكل المحليات حسب دراسة سراج، وهذا قصور كبير يضر باستيعاب ذوي الإعاقة ويشكك في كونها مدارس دامجة مرحبة بذوي الإعاقة. ويشكك في التقدم الأكاديمي لذوي الإعاقة الذهنية، رغم كثرة عددهم، خاصة مع اكتظاظ الفصول بالتلاميذ والتلميذات، وعدم توفر المرشد النفسي والاجتماعي.
ولتحقيق الهدف الثاني اختار المشروع ثلاث من منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي جمعية المرأة ذات الإعاقة بالقضارف، والاتحاد القومي للصم بالخرطوم، والاتحاد العام للمعوقين بولاية القضارف .
وورد في وثيقة أخرى ذكر الاتحاد الولائي للمعوقين حركيا مما يكشف درجة من الربكة وعلمت أن التنظيمات المنضوية تحت لافتة الاتحاد العام لم تكن منسجمة مع بعضها البعض، وبعضها مغيّب عن تفاصيل المشروع.
ويلاحظ عدم وجود أي منظمة شريكة بالمحليات الثلاث التي تم فيها تطبيق مشروع التعليم الدامج، مما يؤدي إلى أن يكون العمل على توعية مجتمعات المحليات الثلاث بحقوق الأطفال ذوي الإعاقة والتعليم الدامج عملا موسميا لمنظمات مدينة القضارف والخرطوم مرتبط بالتمويل ارتباطا يصعب الفكاك منه. وكان الأفضل لهذه المنظمات أن تعقد شراكات مع منظمات في المجتمع المحلي للقيام بالدور بصورة أكثر استدامة.
ونجد في دراسة سراج، فيما يخص مشاركة المجتمع المحلي في دعم التعليم الدامج، تشابه رأي المدراء الاثني عشر في المحليات الثلاث، فقد رأى أغلبهم أنه متوفر إلى حد ما.
وفي ما يخص الهدف الثالث، شكى كثيرون من ضعف تدريب المعلمين حول التعليم الدامج.
وأكدت دراسة سراج أن التدريب يمثل نقطة ضعف في مجموعة مديري هذه المدارس إذ أن نسبة تلقيهم لدورات لغة الإشارة ولغة برايل ضعيفة جداً، كما أن الدورات الإدارية ضعيفة، وإن كانوا قد تلقوا دورات أخرى ولكنها دورات قصيرة.
كما أن وزارة التربية لم تتوقف عن نقل المعلمين المدربين من المدارس الدامجة إلى غيرها؛ مما يدلل على ضعف اهتمام الوزارة بإنجاح تجربة التعليم الدامج أو أن أمر تدريب المعلمين يتم بمعزل عنها. وقد أخل ذلك بجودة التعليم بالمدارس الدامجة.
كل هذا يحتم بذل مزيد من الجهد في هذه المدارس حتى تكون دامجة ومرحبة بحق وحقيقة ومن ثم تكون التجربة ناجحة تحتذى، لأن المدارس الدامجة هي الطريق الأمثل لاستيعاب الأشخاص ذوي الإعاقة وتحقيق التعليم والعدالة.
ونواصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى