الرأي

فوز المرشح المستقل عبد الخالق محجوب في انتخابات البرلمان ١٩٦٨م وانسحاب الشيوعي من قحت

بقلم د. صديق الزيلعي
خلال مسيرة نضالية امتدت لثلاثة أرباع القرن، خاض الحزب الشيوعي خلالها معارك لا حصر لها، وراكم خبرة معرفية ثرة، وقدم الآلاف من المناضلين الذين أسهموا بفعالية في حياة شعبنا، وصار لاعبا أساسيا في السياسة السودانية. ولم ينعزل عن المعارك في الجبهات، صغرت أم كبرت، طوال تاريخه. ونقدم اليوم إحدى تلك التجارب المهمة، علها تضيف لنا إضاءات للتعامل المبدع مع واقعنا السياسي الراهن، والتحديات الجسيمة التي تواجه بلادنا حاليا. ما نعرضه اليوم هو قرار الحزب أن يترشح سكرتيره العام عبد الخالق محجوب كمستقل في الانتخابات العامة لعام 1968.
نبدأ بخلفية تاريخية لمساعدتنا في فهم الظروف التي صدر فيها ذلك القرار، وعلاقة كل ذلك بمناقشاتنا الحالية حول انسحاب الحزب الشيوعي من قوى الإجماع الوطني وقحت والمجلس التشريعي والحكومة، ودعوته لإسقاط النظام.
أغضب ازدياد وتصاعد نفوذ الحزب الشيوعي، بعد ثورة أكتوبر، الأحزاب التقليدية. ووفر لهم الإخوان المسلمين ما يريدون، بعد أن خاض طالب في حديث الإفك في ندوة في كلية التربية. فسيروا المظاهرات إلى قادة الأحزاب يطالبون بحل الحزب الشيوعي، رغم عدم انتماء الطالب المذكور للحزب الشيوعي. قادت الأحزاب حملة عنف ضد دور وعضوية الحزب وصار الشغل الشاغل للإعلام والجوامع هو الدعوة للتخلص من الشيوعيين بأي طريقة.
قررت الجمعية التأسيسية (خلال نوفمبر 1965) حل الحزب الشيوعي، وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية، ومصادرة ممتلكاته، ومنع أي نشاط يروج للشيوعية. أدى ذلك القرار لصدام مع القضاء باعتباره يتناقض مع الدستور والحريات الأساسية. لكن الحكومة الحزبية واصلت مخططها ونفذته في تجاهل للقضاء. وتواصلت، بل ازدادت، الحملة العدائية ضد الشيوعيين في كل المنابر العامة.
قرر الحزب الشيوعي، رغم تلك الهستيريا العدائية والعنف المصاحب لها، أن يترشح سكرتيره العام عبد الخالق محجوب كمرشح مستقل في انتخابات 1968. وفاز عبد الخالق ودخل البرلمان كنائب مستقل. وكتب عبد الخالق “يخوض الحزب الشيوعي معركة الانتخابات الراهنة كميدان من ميادين النضال”.
إذا قارنا ذلك الموقف ، في ظل عداء لا حد له، بل وصل لدرجة أساليب العنف لتحطيم دور الحزب، وهو ما سماه عبد الخالق بعنف البادية، بالموقف الراهن ماذا نجد؟ من جانب حزب محاصر، من كل الجهات، يصر على توصيل رأيه ويشارك في المؤسسات التي رفضته، و من جانب آخر حزب له حق المشاركة في كل المؤسسات، ولكنه يرفض المشاركة ويقرر الانعزال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى