تقارير

صحيفة آيرلندية تحلل البعد الأجنبي في السودان

لماذا الصراع في السودان مهم لبقية العالم

آيريش اكسامنر*
20 أبريل 2023

أدى القتال في السودان بين القوات الموالية لاثنين من كبار الجنرالات، إلى تعريض هذه الدولة الأفريقية لخطر الانهيار ويمكن أن يكون ذا عواقب تتجاوز حدودها.
إن لكلا الجانبين عشرات الآلاف من المقاتلين، وداعمين أجانب وثروات معدنية وموارد أخرى مما يمكن أن يحميهما من العقوبات. إنها وصفة لذلك النوع من الصراع المتطاول الذي عصف ببلدان أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا، من لدن لبنان وسوريا إلى ليبيا وإثيوبيا.
إن القتال، الذي بدأ مع محاولة السودان الانتقال للديمقراطية، قد أدى فعلاً لمقتل مئات الأشخاص وخلّف الملايين من المحاصرين في المناطق الحضرية، الذين يحتمون من الرصاص والانفجارات والنهّابين.
فيما يلي نظرة على ما يجري والتأثير الذي يمكن أن يحدثه خارج السودان.

– من هم الذين يقاتلون؟

تدمير احدى المركبات العسكرية في جنوب الخرطوم

يسعى كل من الجنرال عبدالفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة، والجنرال محمد حمدان دقلو، وهو قائد مجموعة شبه عسكرية تعرف باسم قوات الدعم السريع كانت قد انبثقت عن مليشيات الجنجويد سيئة السمعة في دارفور، للسيطرة على السودان. ويحدث ذلك بعد عامين من قيامهما معاً بانقلاب عسكري وحرفهما لانتقال السودان نحو الديمقراطية عن مساره الذي كان قد ابتدأ بعد أن قام الثوار في عام 2019 بالإطاحة بالرئيس عمر البشير. ففي الشهور الأخيرة، كانت هناك مفاوضات جارية بهدف العودة للانتقال الديمقراطي.
ومن المرجح أن يكون المنتصر في القتال الأخير هو رئيس السودان القادم، بينما يواجه الخاسر المنفى أو الاعتقال أو الموت. ومن الممكن أيضًا اندلاع حرب أهلية طويلة الأمد أو تقسيم البلاد إلى دويلات متناحرة.
كتب أليكس دي وال، الخبير في الشؤون السودانية بجامعة تافتس، في مذكرة لزملائه هذا الأسبوع أن الصراع يجب أن يُنظر إليه على أنه “الجولة الأولى في حرب أهلية”. وأضاف: “ما لم يتم إنهاؤه بسرعة، فإن هذا الصراع سوف يصبح لعبة ذات مستويات عدة، مع سعي بعض الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة لتحقيق مصالحها، باستخدام الأموال وإمدادات الأسلحة وربما قواتها الخاصة أو الوكيلة”.

– ماذا يعني القتال لجيران السودان؟
السودان هو ثالث أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة، ويمتد على نهر النيل إذ يتشارك مياهه بصورة يعتريها التوتر مع دولتين إقليميتين ثقيلتي الوزن مثل مصر وإثيوبيا. تعتمد مصر على نهر النيل لدعم سكانها الذين يزيد عددهم عن 100 مليون نسمة، وتعمل إثيوبيا على بناء سد ضخم على المنبع أثار قلق القاهرة والخرطوم.
ترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع الجيش السوداني الذي تعتبره حليفًا ضد إثيوبيا. وقد تواصلت القاهرة مع كلا الجانبين [المتقاتلين] في السودان للضغط من أجل وقف إطلاق النار، لكن من غير المرجح أن تقف مكتوفة الأيدي إذا واجه الجيش الهزيمة.
يجاور السودان خمس دول أخرى هي ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا وجنوب السودان الذي انفصل عام 2011 مستحوذًا على 75٪ من موارد الخرطوم النفطية. جميع [هذه الدول] تقريبًا غارقة في صراعاتها الداخلية، حيث تنشط مجموعات متمردة مختلفة على طول حدودها المليئة بالثغرات.
قال آلان بوسويل، من مجموعة الأزمات الدولية: “ما يحدث في السودان لن يظل في السودان”. وأضاف “يبدو أن تشاد وجنوب السودان معرضتان على الفور لخطر التداعيات المحتملة. لكن كلما طال أمد (القتال) كلما زاد احتمال أن نشهد تدخلاً خارجياً كبيرًا”.

– ما هي القوى الخارجية المهتمة بالسودان؟
نظرت دول الخليج العربي للقرن الأفريقي في السنوات الأخيرة في سعيها لفرض سيطرتها في أنحاء الإقليم.
إن للإمارات العربية المتحدة، وهي قوة عسكرية صاعدة مددت وجودها في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، علاقات وثيقة مع قوات الدعم السريع، التي أرسلت آلاف المقاتلين لمساعدة الإمارات والسعودية في حربهما ضد متمردي الحوثي المدعومين من إيران في اليمن.
من ناحية أخرى فإن روسيا طالما كانت لها خططاً لبناء قاعدة بحرية قادرة على استضافة ما يصل إلى 300 جندي وأربع سفن في بورتسودان، على طريق البحر الأحمر التجاري المهم لشحنات الطاقة لأوروبا.
وفي السنوات الأخيرة، قامت مجموعة فاغنر، وهي جماعة مرتزقة روس لها علاقات وثيقة مع الكرملين، بتحقيق اختراقات عبر إفريقيا وهي تعمل في السودان منذ عام 2017. وقد فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على شركتين لتعدين الذهب مرتبطين بفاغنر في السودان بتهمة التهريب.

شارع الستين – جنوب الخرطوم

– ما هو الدور الذي تلعبه الدول الغربية؟
أصبح السودان منبوذًا دوليًا عندما استضاف أسامة بن لادن ومسلحين متشددين آخرين في التسعينيات، حينما قام البشير بتمكين حكومة إسلامية متشددة. وتعمقت عزلة السودان بسبب الصراع في منطقة دارفور الغربية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث اتُهمت القوات السودانية والجنجويد بارتكاب فظائع أثناء قمعهما لتمرد محلي. واتهمت المحكمة الجنائية الدولية في نهاية المطاف البشير بالإبادة الجماعية.
رفعت الولايات المتحدة اسم السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب بعد أن وافقت الحكومة في الخرطوم على إقامة علاقات مع إسرائيل في عام 2020.
لكن تم تعليق قروض ومساعدات بمليارات الدولارات بعد الانقلاب العسكري عام 2021. وقد أدى ذلك، إلى جانب الحرب في أوكرانيا والتضخم العالمي، إلى جعل الاقتصاد في حالة سقوط حر.

– هل تستطيع القوى الخارجية فعل أي شيء لوقف القتال؟

بعض البيانات السكنية تعرضت للقصف في اشتباكات الخرطوم

يبدو أن المشاكل الاقتصادية في السودان تتيح فرصة للدول الغربية لاستخدام العقوبات الاقتصادية للضغط على الجانبين للتنحي.
لكن في السودان، كما هو الحال في دول أفريقية أخرى غنية بالموارد، لطالما أثرت الجماعات المسلحة نفسها من خلال التجارة المشبوهة في المعادن النادرة وغيرها من الموارد الطبيعية.
يمتلك الجنرال دقلو، والذي كان سابقاً راعياً للإبل من دارفور، حيازات كبيرة من الماشية ومن عمليات تعدين الذهب. ويعتقد أيضًا أنه حاز أموالاً ضخمة من دول الخليج لقاء خدمة قوات الدعم السريع في اليمن لقتال المتمردين المتحالفين مع إيران.

يسيطر الجيش على جزء كبير من الاقتصاد، كما يمكنه الاعتماد على رجال الأعمال في الخرطوم وعلى طول ضفاف النيل الذين اغتنوا خلال حكم البشير الطويل والذين ينظرون لقوات الدعم السريع على أنهم محاربون فظون من مناطق نائية.
قال دي وال: “إن السيطرة على أموال السياسة لن تكون أقل حسماً من ساحة المعركة”. وأضاف: “سيرغب (الجيش) في السيطرة على مناجم الذهب وطرق التهريب. وسترغب قوات الدعم السريع في قطع طرق النقل الرئيسية بما في ذلك طريق بورتسودان الخرطوم”.
وفي الوقت نفسه، فإن العدد الهائل من الوسطاء المحتملين – بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومصر ودول الخليج والاتحاد الأفريقي وكتلة شرق إفريقيا المكونة من ثماني دول والمعروفة باسم IGAD – يمكن أن تجعل أي جهود سلام أكثر تعقيدًا من الحرب نفسها.
قال دي وال: “الوسطاء الخارجيون يخاطرون بأن يصبحوا اختناقاً مروريًا في غياب شرطي مرور”.

ترجمة: رباح الصادق

* صحيفة آيرلندية يومية

مصدر التقرير:

https://www.irishexaminer.com/world/arid-41121592.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى