ترياق وحيد لسموم الانقلاب اللعين..!!
لقد ابتلى الله البلاد بالبرهان وبهذا الانقلاب الذي قطع على الوطن طريق التعافي والاندراج في سلك الدول الناهضة بعد أن خرجنا من تحت (الطين والخبوب) الذي أركستنا فيه الإنقاذ..! فدولة رواندا الصغيرة ليست أفضل حالاً من السودان؛ لا من حيث الموارد ولا من حيث مستويات التعليم ولا من حيث (القماشة الوطنية) ولا من حيث القرائح والعقول ولا من حيث التاريخ السياسي..! فما الذي جعل هذه الدولة تعانق مستويات التنافسية العالمية في معدلات النمو والشفافية والنظافة وهي قد خرجت فقط منذ سنوات قلائل من المذابح المروّعة وليالي الإبادة الجماعية التي طفت فيها مليون جثة على (نهر كاجيرا).. وبعد كل المرارات الأهلية المريعة والقتل على الهوية بالسواطير والفؤوس والهراوات وذبح الأطفال والنساء على أعتاب دور العبادة..!!
البرهان وانقلابه (ابتلاء من الله) فقد أذى الرجل وجماعته أن يهزم الشعب الإنقاذ ويرسلها إلى مذبلة التاريخ العمومية.. فاستجاب لداعي الفلول والموتورين من الثورة واستمع لوسواس أباليس الإنقاذ في الداخل والخارج.. ومعه عصبة من الجنرالات الذين جادت عليهم الإنقاذ بالمناصب النظامية العليا بغير مؤهلات مهنية أو أخلاقية؛ فظنوا أنهم ارتفعوا في حين أنهم هبطوا بالوطنية إلى الدرك الأسفل.. فانقلبوا على الحكم المدني لأنهم خافوا من دولة جديدة شعارها الحرية والعدالة والسلام.. وهذا الثالوث هو العدو الأكبر الذي يرتعد منه الفلول.. فقد اعتادوا على نظام الإنقاذ نقيض الحرية ونقيض السلام وخصيم العدالة الفاجر..! والآن نرى ونسمع كل يوم فساد وأجرم هذا (الانقلاب السنيح) الذي أعادنا إلى عالم الفساد ودوامة الاقتتال وسفك الدماء والاعتقالات الجزافية وغياب القانون.. وما الانقلاب إلا عصابة أطلقتها الإنقاذ لقطع الطريق على النهضة وهي تظن أنها تستطيع أن تعرقل بناء دولة الوطن الجديدة على أنقاض الإنقاذ.. ولكن هل يستطيع هذا الانقلاب الأعور أن يكسر عزائم السودان وأن يعترض أحلام شبابه الناهض.. حاشا وكلا..!
هذا الرجل وانقلابه.. ابتلاء كبير ولكنه ابتلاء له دواء… وأول بند في (روشتة العلاج) هو وحدة قوى الثورة.. واندغام كل الأحزاب الوطنية والقوى المدنية وكل أنصار الثورة خلف قوى المقاومة.. والنأي عن أي نوع من التشرذم والتباعد..ثم مفارقة الاعتلالات القديمة والعلل السياسية التي تعيق مسيرة الثورة (من حيث تريد أو لا تريد) بدعاوى أن فريقاً من القوى السياسية هو أكثر ثورية من الفريق الأخر (فليكن هذا ظناً أو حقيقة) ولكن لنترك ذلك الآن وليتوّحد الجميع في خندق واحد من أجل الثورة وفي مواجهة الفلول وتابعيهم.. نعم هناك بعض (فروقات الوقت) و(درجات الحساسية) بين الأحزاب السودانية المُناصرة للثورة.. ولكن.. ليكن نداء الساعة هو إسناد ظهر المقاومة وأن يسحب الجميع أوراقهم ويتم التوافق على ميثاق المقاومة.. وأن تتوقف الأحزاب المساندة للثورة من عقد هذه اللقاءات التي لا معنى لها مع القوى والحركات المعادية للثورة باسم الميثاق الوطني وباسم التوافق وباسم وحدة الصف وباسم تحالف التجاني السيسي.. إلخ فكل هذه الخزعبلات ما هي إلا أجسام إنقاذية تتوّجت (بل تسفّلت) وكشفت عن وجهها القبيح بمبادرة الشيخ الطيب الجد..فأي وفاق وطني يمكن أن يحدث مع القلة واللصوص…؟!
لا ينبغي أن (يروح الدرب) على بعض قوانا السياسية فحتى الرجل الأجنبي وهو في هذه الحالة (السفير الأمريكي الجديد) قال (استمعت إلى لجان المقاومة من جميع أنحاء السودان وتحدث المنظّمون الشجعان لهذه الحركة الشعبية بقيادة الشباب عن التحديات التي يواجهونها والتزامهم باستعادة الطريق إلى الديمقراطية..) ووفقاً لنشرات السفارة الأمريكية كما جاء في الأخبار لم يشر السفير إلى رئيس مجلس السيادة البرهان ولا حكومته وتمسّك بمفردة (شعب السودان)..!
وكان هذا الرجل قد استهل أعمال وظيفته بزيارة أمهات الشهداء.. وقال إنهن تعالين على أحزانهن وثُكلهن وتحدثن عن (شيء واحد)..! والشيء الواحد هو (ألا تضيع دماء أبنائهن هدراً)..!! الله لا كسّب الانقلاب ولعنة الله على الإنقاذ وكل (البعاعيت) الذين عادوا الآن بعد أن هربوا في جنح الظلام خوفا من أنوار الثورة الكاشفة..!