الرأي

المهندس جبريل محمد الحسن المدير السابق لمؤسسة الحفريات بالمناقل يكتب: 

ثم ماذا بعد وقوع الكارثة 

نقلت قناة الحدث قبل قليل تقريرا مصورا عبر مراسلها نزار المقداوي أن اليوم هو الثالث عشر ولا تزال المياه تتدفق بشدة على المدينة، ولا يزال الطريق مقطوعا عند عبود، ولا تزال كل مواد الإغاثة التي أرسلتها الدول الأجنبية لا يستطيع أحد توصيلها إلى مستحقيها، يعني لا يوجد أي تغيير على المشهد ولا توجد أي محاولات للإصلاح على الواقع..

لا تزال الأسر تتكدس على المدارس ويشكون مر الشكوى من كل شيء.. كلهم متفق على  أن الحكومة حتى اليوم لم تقدم لهم أي شيء، وما يصلهم من مواد تموينية هو من الخيرين من أبناء المناقل، ومن رجل البر والاحسان أشرف الكاردينال..

لا توجد خيم تأويهم وأسرهم من حر الشمس وهطول الأمطار، والذين لا يجدون مكانا في المدارس أو الاستاد الرياضي يشيدون خيما من بقايا الملابس التي بحوزتهم وبعض فروع الاشجار ومن  سجادات ومفارش الصلاة، وبعضهم على العراء تماما، وعلى الأسرة وتحت هجير الشمس الحارقة التي ينتظرون منها تبخير هذه المياه المتزايدة..

يقولون ان السيد البرهان زارهم ووعدهم ولكن حتى الآن لا يجدون اي شيء منه على واقعهم المرير..

وجه السيد البرهان عند زيارته بالعمل فورا على إصلاح الطريق.. ولا توجد حتى الآن أي محاولات من الإدارات التي وجه لها السيد البرهان توجيهه بالعمل فورا لإصلاح الطريق والقنوات، أن قامت بتقديم  اي محاولة اسعافية أو غيرها على الطريق.. وقد تبرع بعض المواطنين بتقديم اقتراحات كان يمكن أن تعمل لخدمة المواطنين ونقل مواد الإغاثة،  ونقلت عبر قنوات التواصل، ولكنها تفتقد إلى الجهة الحكومية التي تقوم بالتنفيذ وتحمل التكلفة..

البرهان

كما يسجل انعدام، يكاد يكون كاملا، للأدوية المرتبطة بمثل هذه الظروف للأطفال وكبار السن..

هذا الكم الهائل من الاسر المكدس في حيز ضيق من الأرض الناشفة من مياه السيول، أين، ودع عنك كيف، يقضي هؤلاء حاجتهم.. إلا يمثل هذا المشهد المروع موتا بطيئا لهم جميعا بتفشي الأوبئة والأمراض بينهم..

شاهدنا مواد الإغاثة التي وصلت إلى السودان من قطر والسعودية وغيرها، وقدمت السعودية وحدها ١١٠ طن تم تحويلها إلى مخازن داخل الخرطوم، وذلك لحين تجتمع ادارات الحكومة وتحدد كيفية توزيعها على المحتاجين!! والناس يعانون ويموتون هناك مع الثعابين والعقارب والجوع!!..

اولا:

ما هي الصعوبة في إيقاف هذا المد المتزايد من المياه والذي يندفع بشدة نحو المناقل حتى اليوم، ونحن في اليوم الثالث عشر من بداية هذه الكارثة؟؟.. سواء كانت هذه  مياه سيول او مياه من النيل الأزرق تدفقت عبر  ميجر الشوال..

الا يكفي هذا العجز وحده للفصل الفوري لوزير الري وكل مساعديه من العمل؟؟.. وكذلك والي الجزيرة ومحافظ المناقل؟؟..

فإن معدات وزارة الري بالإضافة إلى معدات سلاح المهندسين والقوات النظامية الأخرى لقادرة على إنجاز هذا العمل في يوم واحد فقط..

فقد صرح والي الجزيرة للقناة الرسمية أن اولاد المظاهرات هم من قاموا بقطع طريق مدني المناقل حتى يعيقوا وصول الإغاثة إلى المتضررين في المناقل!!..

ثانيا: ما هي الصعوبة في إيجاد مراكب مطاطية تنقل كل مواد الإغاثة من الطريق المنقطع في عبود إلى كل الأحياء المتضررة بالمناقل (ولا نقول مراكب خشبية يصعب نقلها) وترحيل جميع المواطنين المرضى والكبار والأطفال من اول يوم دون التعرض للدغات العقارب والثعابين، ودون الحاجة إلى متطوعين من القرى المجاورة يحملون العاجزين من الرجال والنساء على الأكتاف..

أن لم تكن هذه المراكب متوفرة عند الدفاع المدني ولا عند الأندية النيلية، ولا عند سلاح البحرية، فما هي الصعوبة في طلبها من السعودية او مصر او اي من دول الخليج ليتم وصولها في نفس اليوم بعد أن تم إعلان السودان منطقة كوارث؟؟..

ماذا فعل مجلس الوزراء بعد أن أعلن التلفزيون انه انعقد قبل ٤ أيام للنظر في آثار السيول؟؟.. ان كان المجلس لا يملك أن يقدم لا الدعم المادي ولا المعنوى للمتضررين فما هي الفائدة من وجوده؟.. وأي وطنية عند هؤلاء الوزراء وهم يتفرجون على المواطنين وقد ابيدت قراهم ومحاصيلهم بالكامل  وكل مدخراتهم والان في يومهم ال ١٣ ولا يعرف كم يوم تمتد الكارثة، والوزراء يتمتعون بكل مخصصاتهم الوزارية من عربات ومنازل ومرتبات ويتسلون بمشاهدة أخبار المشردين من منازلهم والغرقي وانهيار المنازل من خلال القنوات المحلية والعالمية ولا يكلفون أنفسهم حتى بالظهور أمام المتضررين يطيبون خواطرهم ويشدون من ازرهم ويلاعبون أطفالهم، وهو أضعف الإيمان.. الا يظن أولئك انهم مسئولون؟؟ اين وزارة الرعاية الاجتماعية؟؟ واين ديوان الزكاة ومبانيه العالية في كل مدينة ومحلية؟؟ بل اين جامعة الجزيرة وجامعة مدني الأهلية؟؟ ما اهميتهم وما الداعي لهم ان لم يقوموا بإدارة هذه الأزمة!!..

عندما تأخر التلفزيون الرسمي (5ايام) من الوصول إلى المتضررين تم رفضهم ومنعهم من التصوير عقوبة على عدم اهتمامهم ومواكبتهم للأحداث التي تناقلتها القنوات العالمية قبلهم..

ان السكان حتى اليوم في حالة توهان شديد.. يتساءلون متى وكيف تتوقف هذه المياه؟؟..

أين يرجع السكان بعد أن تنقشع هذه الكارثة، بإذن الله، وقد تهدمت منازلهم تماما؟؟

ما هو مصير العام الدراسي؟؟

ما هو مصير زراعتهم ومحاصيلهم وممتلكاتهم المنزلية؟؟..

فإذا عجزت الحكومة اليوم عن إيصال مواد الإغاثة لهم، التي تبرع بها الفضلاء من الدول الشقيقة، فكيف ينتظر هؤلاء السكان من الحكومة غدا  تعويضهم عما فقدوه من سكن وممتلكات منزلية وزراعية..؟؟

(وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى