الرأي

11 سبتمبر: مشهد آخر

طارق أحمد خالد

في اتجاه معاكس، يصادف 11 سبتمبر اليوم الذي انقض فيه بينوشيه نيابة عن سيدته أمريكا على الحكومة المدنية المنتخبة في تشيلي، وأغتيل في ذاك اليوم من عام 1973 الرئيس المنتخب سلفادور الليندي.

حتى هذه اللحظة، الأمر يبدو عادياً بمنظور أي انقلابي، لكن بينوشيه ذهب بعيداً. جمع قادة الحزب الشيوعي التشيلي، وكل قادة المجتمع المدني في إستاد كرة القدم الدولي، ثم فتك بهم تعذيباً وقتلاً.

كان من بين الضحايا الأديب العالمي بابلو نيرودا الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1971، والذي منحته جامعة أكسفورد الدكتوراة الفخرية. وكما قال عنه ماركيز: “مات نيرودا حسرة بعد أيام من حدوث الانقلاب”.

أما المبدع الآخر، والذي كان موته ملحمة مثل ملحمة إعدام لوركا، هو المغني “فيكتور جارا”، مغن وشاعر ومسرحي وعازف جيتار مهول، اعتقله الانقلابيون في 11 سبتمبر 1973.

عذب بوحشية فصمد، يوم 16 سبتمبر كتب قصيدة أسماها “إستاد تشيلي” كانت شهادة وتوثيقاً لما حدث وتم تهريبها إلى خارج الإستاد. بلغ الغضب بجلاديه حتى أنهم قطعوا أصابعه ثم طلبوا منه أن يغني ويعزف فكان يستجمع بقايا قدرته ثم ينشد الـ Venceremos وهي أغنية وطنية أشبه ما تكون بأنشودة “عزة في هواك” عندنا. هزم جلاديه بصموده فأردوه قتيلاً يوم 28 سبتمبر، أي بعد (5) أيام من وفاة بابلو نيرودا، ثم ألقوا بجثته خارج الإستاد.

لك أن تتخيل حال شعب فقد حكومته المدنية، وقتل رئيسه المنتخب، وقضى أعظم شعرائه نحبه حسرة، وقتل أعظم فنانيه، كل ذلك في الأيام الأولى من الانقلاب.

لكن متى هزمت إرادة الشعوب؟

تحولت الأغنية إلى أسطورة مغناة.

تواصل النضال صعوداً وهبوطاً دون انكسار.

سقط بينوشيه.

حوكم قتلة فيكتور جارا بعد عقود، فالدماء لا تسقط بالتقادم طالما وراءها طالب.

دارت الأيام فأطلق على إستاد تشيلي “إستاد فيكتور جارا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى