الرأي

تحية لذكرى الرّفيق محمد إبراهيم نُقد…


نضال عبد الوهاب
بعض الاختلاف السياسي لا يجعلنا نتغافل أو لا نُحيي ذكرى واحد من أميز المُناضلين السُودانيين عبر تاريخه السياسِي الطويل، تتفق أو تختلف معه يظل محمد إبراهيم نُقد من العلامات المُضيئة في المسيرة الساعية للتغيير.
تمتع نقد بصفات القائد التي -ودونما أي مواربة- يفتقدها حزبه اليوم بشكل مُباشر، ويفتقدها السُودان في مرحلة ما بعد الثورة. كان لنُقد طابع القائد المحبوب ذو الاطلاع المعرفي الجيد ومحاولاته لسبر أغوار التجديد داخل حزبه رغم إيمانه بالماركسية التي كُنا ولازلنا نختلف معه ومعهم فيها، أو ضرورة أن تكون هي المُرشد لحزب بدأ باكراً مسيرة التغيير.
لمحمد إبراهيم نُقد اعتراف واضح وصريح بضرورة التجديد داخل حزبه في مرحلة ما بعد سقوط المعسكر الاشتراكي، كما له اعتراف واضح بإيمان حزبه بالديمُقراطية الليبرالية التعدّدية، واعتراف واضح وصريح بأن هذا السُودان لن يقوده حزب واحد أو فصيل سياسي واحد ولا حتى حزبه الشيوعي السُوداني.
له رأي مُحدّد حول الدولة المدنية الديمُقراطية نختلف معه حولها، “خاصةً” فيما يخص عدم ذهابهم المُباشر للنصّ فيها على العلمانية أو فصل الدين عن الدولة دونما “فزلكة” أو التفاف.
نُقد كان يعرف كيف يتعامل مع خُصومه السياسيين، وهذه ميزة ليست موجودة في القيادة الحالية لحزبه للأسف، وتضرّر منها الواقع الحالي ما بعد الثورة، فتحول الحزب بعده لآلة تُنتج مزيداً من “التعصُب” للرأي مع “حدّة” في التعاطي مع المُخالفين أثرّت -في تقديري- سلباً على صحة مُمارسة الاختلاف السياسِي الديمُقراطي بشكل سليم.
المرونة مطلوبة في القائد السياسِي بما تتيح له المقدرة على التعامل مع تعقيدات الواقع، ومع هذا الإيمان بالمبادئ الضروري لتكوين “رؤية” وخط سياسِي، لكنها تخضع لمُتغيرات الواقع في أحايين كثيرة، وهذا يحتاج لعُمق في التفكير السياسِي ومعرفة بما يمكن تحديده من وسائل يتم اتباعها بحسب المواقف السياسية المُختلفة.ا

أبراهيم زكريا – التيجانى الطيب – محمد ابراهيم نقد – قاسم أمين

محمد إبراهيم نُقد لا يشبه الكثيرين ممن تراهم اليوم يملؤون الساحة، رؤوسهم “فارِغة” لكنهم “مُتعنطزون” و”مُتكبرون في الفاضي” ويحملون بطاقة “قائد سياسِي” لا أعلم حقيقةً من الذي “صرفها” ومنحها لهم.
فأكثر ما كان يُميز محمد إبراهيم نُقد هو تواضعه وروحه المرحة والدُعابة الحاضرة، فهو يمكن أن يُمرر لك رسالة من خلال ممازحة أو حديث فكِه. نحن “قتلتنا” و”توهتنا” نرجسية الكثيرين من النخب الحالية، وأوجدت تباعُداً ومساحة من عدم التعاطي المُباشر في أدب الاختلاف السياسِي، ذلك لأن البعض يعتقد أن موقعه أو تاريخه يمنحه سمة “التعالي” ويعتبرها ميزة، لذلك فهؤلاء “بعيدون” عن الجماهير ولا مكان لهم في قلوب شعبنا.
التحية لروح الراحل العزيز “عم محمد” كما كنت أحب في “صبانا وشبابنا الباكر” مناداته سابقاً له عند اللقاء أو إلقاء التحية، التحية لروح مُناضل سُوداني حقيقي تتفق وتختلف حول اعتقاده، لكنك لا تستطيع إلا أنا تحترمه أو تُحيّي ذكراه، وتعترف له بالنزاهة والوطنية والعُمق والعمل من أجل التغيير في بلادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى