الرأي

السوَّاي ما حدَّاث..!

سفينة بَوْح
هيثم الفضل
يعتقد الكثيرون أنَّ الخطباء والموهوبين في مجال الكلام والقُدرة الجيدة على التعبير عن الذات والأفكار، فاشلين في مجال العمل الميداني والملموس لذلك قالوها بالعامية (الزول ده بتاع كلام)، وهكذا أصبح على المستوى (الانطباعي) أن كل من آتاه ربه موهبة في التأثير عبر الحضور والمقدرة الجيدة على التعبير والكلام (ما زول شغل)، وللحقيقة قد يكون لهذا التصوُّر وجود على واقع حياتنا الإنسانية وربما تراءت أمام أعيننا نماذح بشرية تحاكي هذا الحُكم وتشبههُ بصورةٍ أو أخرى، غير أن هذا لا ينفي أن هناك أناساً في هذه البسيطة حباهم الله الموهبتين معاً. ففي نفس الوقت الذي يمتكلون فيه فنيات الكلام والتعبير الجيِّد عن الأفكار، تجدهم أيضاً قادرون على العطاء الواقعي والميداني وهم أيضاً فعّالون في مجالات حرفية وإنتاجية ويصلون في مضمارها حد المهارة والحنكة، وفي المقابل ليس كل قليل كلام أو عديم قُدرة على التعبير في كل الأحوال قادراً على النجاح عملياً أو ميدانياً، فهناك من البشر أيضاً من لا يملك هذا ولا ذاك، وفي مضمار العمل الإداري يحتاج المدير أو الرئيس الإداري فضلاً عن الفعالية والقُدرة على الإنجاز الميداني والواقعي، قدراً مهماً من القُدرة على إقناع الآخرين بجدارته القياديه وتقبُّل مرؤوسيه من الناحية المعنوية والحسية لشخصيته كقائد، وذلك بالتأكيد لا يتأتَّى إلا بقُدرات عالية في مجال التعبير بالكلام والمهارة والحذاقة في بلورة الأفكار وشرحها بأساليب وصوَّر جاذبة تقود إلى المزيد من التأثير الإيجابي على كوادر وأدوات العمل الميداني والتي دائماً ما يكون في مقدمتها البشر، وبذلك وجب على الذين يحكمون على الناس في إطارالاحتكاك الاجتماعي العام أو في إطار العمل الإداري الرسمي لا سيما لجان اختيار الموظفين والمهنيين، أن يعلموا أن هذا المنحى في تفسير محتوى الشخصية المراد اختبارها أو الحكم عليها، إنما هو واقع تحت وطأة الانطباعية البحتة. ومن المعلوم أن القوانين والنظريات لا يجب أن توضع بناءً على الانطباعات الشخصية بل تحكمها أمور حسابية وقياسية يتم من خلالها تفسير الإيجابيات والسلبيات في الناس، فلا تعتقدوا أيها السادة بأية حال من الأحوال أن كل مُتمَّكِن من ناصية القول وموهوب في مجال التعبير والخطابة هو دائماً مجرد (فيلسوف) غير قادر على تحقيق نتائج ملموسة في الواقع الميداني، لأن العكس أحياناً قد يكون صحيحاً، فكم تضرَّرت نتائج الواقع الميداني من عيوب تتعلَّق بمهارات شخصية لم تتوفر عند القيادة الإدارية مثل القُدرة على الإقناع أو التعبير عن الأفكار والمُخطَّطات وعلى هذا المنوال أقف ضد المثل السائد (السوَّاي ما حدَّاث)، فكثيراً من الخطباء الأماجد والمفوهين أثبتوا على مدى التاريخ فاعلية ميدانية واضحة وبيِّنة وملموسة وإنجازات ماثلة أمام الأعين إلى يومنا هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى