الرأي

يغني بلسان ويصلي بلسان!!

*اراجع مكتبتي من وقت لآخر لأعود إلى بعض ما لم اقرأه، عند ما انتهي من قراءة ما بين يدي من الجديد، انتقي من المكتبة ما أراه مناسبا للتناول حسب المستجدات التي تفرض نفسها على الساحة الداخلية.
*رغم معاناة أهل الشرق والظلم القديم الذي حاق بهم ظلوا اكثر حرصا وسط مكونات الأمة السودانية على التعايش السلمي مع الآخرين حتى أصبح الشرق موطنا لكل القبائل السودانية، وحتى تلك التي وفدت إليه من آسيا والجزيرة العربية ومصر وإثيوبيا واريتريا.
*لذلك عدت إلى مؤلفي صديقي الكاتب الذي اشتهر بكتاباته الراتبة في (السوداني) تحت عنوان: (دبايوا سلام)، أبو علي اكلاب (يسألونك عن البجا)، و(نغني بلسان ونصلي بلسان)، ففي الكتابين معلومات مهمة عن إنسان الشرق وعن بعض الرموز التي خدمت الشرق والسودان عامة.
*في (يسألونك عن البجا) يقول أبو علي: “البجا كوشيون يجمعهم مع النوبيين جدهم كوش بن حام بن نوح”، والبجا استقروا على ضفاف شرق النيل وهم (أخوال) القبائل العربية التي اتخذت من شرق النيل مستقرا لها.
*تأكيدا لحرصهم على السلام الاجتماعي مع الآخرين يذكر أبو علي، كيف أن عبد الله جماع هو أول من آخى بين العرب والزنوج وأقام أول دولة إسلامية في السودان، وذكر أيضا أن غالب أهل الشمال من السلالات العربية الذين نزحوا إلى الشرق لم يأتوا بزوجاتهم و تزوجوا من نساء البجا الأمر الذي وطد العلاقة بين البجا وهذه القبائل.
*في كتابه: (نغني بلسان ونصلي بلسان)، يقول أبو علي: “الإنسان البجاوي فنان بكل معنى الكلمة، فنان في مأكله وفي اعرافه وفي مجالسه القبلية، وفنان في التعامل مع الآخرين الأمر الذي يؤكد عراقة حضارتهم وسريانها في مجتمعاتهم ومجالسهم القبلية”.
*يقول أبو علي في ذات الكتاب: تعتبر القومية البجاوية من اقدم القوميات السودانية التي تمتد حدودها من قرية ود بعلوك بالقرب من شندي وعلى شرق النيل وحتى مدينة أسوان بمصر ومن أسوان وعلى ساحل البحر الأحمر حتى مصوع باريتريا وبهذا يكون البجا ثلاث مجموعات بجا اريتريون وبجا سودانيون وبجا مصريون.
*عندما تحدث أبو علي عن مؤتمر البجا الذي تأسس عام1958م أكد أنه لم يكن كيانا عنصريا أو انفصاليا وإنما كان تجمعا سياسيا رافضا للظلم والإهمال وكان قادته احرص على وحدة السودان، وقد ضم في قيادته عشرة من أبناء الشمال من المؤسسين له.
*لا يمكن استعراض محتويات الكتابين في هذه المساحة لكنهما إلى جانب المعلومات التعريفية عن البجا تضمنا كتابة تقديرية عن بعض شخصيات ورموز الشرق، وأشار أبوعلي إلى بعض الأسباب التي دفعت البعض خاصة من الشباب للخروج وحمل السلاح وأرجعه إلى تجاهل ما حذر منه السلف من مغبة إهمال أهل الشرق وعدم الاتعاظ ودفن الرؤوس في الرمال.
* ما احوجنا في هذه المرحلة المفصلية في حياتنا – خاصة بعد انفصال الجنوب- إلى اخذ الدروس والعبر من التاريخ ومن الواقع الماثل للحفاظ على السودان الباقي ارضا وشعبا حتى لا يظل البعض للأسف يغني بلسان ويصلي بلسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى