هل توحد ذكرى أبريل قوى الثورة السودانية؟
لؤي قور
على طريقة تحالف (مواطنون ضد الانقلاب) في تونس، المناهضة لانقلاب (قيس السعيد)، تتوحد القوى الرافضة لانقلاب (البرهان) في الخامس والعشرين من العام الماضي. ويأتي ذلك التوحد كضرورة يمليها الواقع، بعد انقسام واضح داخل قوى الثورة، وتشظٍ وتبادل للاتهامات، أضر كثيراً وقلل الزخم الثوري المناهض للانقلاب، متيحاً له التمدد والمضي في محاولة فرض الأمر الواقع على الجميع. في وقت تقسمت فيه فصائل قوى الثورة بين (تحالف الحرية والتغيير)، و(تجمع المهنيين، ولجان المقاومة. فباتت كـ(جزر) معزولة عن بعضها، وفي ظل حالة من انعدام الثقة. لكن هذه الفصائل تتجه اليوم إلى التقارب، بعد أن تتالت الدروس المُستفادة، والانقلاب يشعل حربه ضد الجميع. ويبدو لي أن الأمور تتجه إلى إعادة توحيد قوى الثورة ولو بطريقة غير تقليدية، تستوعب تعقيد المشهد السياسي السوداني، في ظل التغييرات المضطردة، والتي تطرأ عليه كل حين.
وتركزت رؤية قوى الحرية والتغيير في مؤتمرها الصحفي المنعقد في التاسع والعشرين من مارس الماضي تحت عنوان (وحدة قوى الثورة، حول تأكيد انعدام أي فرصة للحديث عن عودة (الشراكة) من جديد، وسعيها للتحول الديمقراطي في نهاية المطاف، والذهاب لصناديق الاقتراع، بعد تحديد أجل الفترة الانتقالية ومهامها، قبل أن تعود لتثني على ما رشح عن اجتماع مجلس الأمن الأخير بخصوص السودان. من ضرورة العودة للمسار المدني، والشروع في إجراءات بناء الثقة، من إطلاق سراح المعتقلين، ورفع حالة الطوارئ. بما يهيئ المناخ لمحاولة استرداد المسار المدني. مؤكدة على ضرورة تكوين جبهة مدنية موحدة لمناهضة الانقلاب، تشمل الحرية والتغيير، لجان المقاومة، والأحزاب والكيانات التي عارضت الانقلاب.
وأرسلت الحرية والتغيير تطمينات لشركائها من خارج التحالف من قوى الثورة على أنها تسعى بالشراكة مع بقية قوى الثورة، لإنجاز التغيير المنشود ودون وصاية. على خلفية ما رشح إبان فترة الخلافات بين فصائل الثورة من أن الحرية والتغيير، تسعى لتصدر المشهد من جديد. مما يشي بتقدم التحالف السياسي الأبرز في تاريخ السودان خطوة باتجاه التوحد مع تجمع المهنيين ولجان المقاومة ومع القوى السياسية خارج التحالف، والنهوض بدوره السياسي المنوط به في كل الظروف والأحوال. أما تجمع المهنيين وعبر بيان له في الحادي والثلاثين من مارس المنصرم، فقد أكد على أن وحدة قوى الثورة هي السبيل لتحقيق المطالب وإنجاز مشاريع التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وجاء في البيان: (إيماناً بوحدة العمل السياسي والعام المشترك، نشارك وندعو الجميع للمشاركة ودعم فعالية “كلنا معاكم”). وفي الرابع من أبريل الجاري وجهت لجان مقاومة الخرطوم بحري وعبر بيان لها، وجهت نداءً إلى قوى الثورة الحية (بلا استثناء) أكدت فيه إن الطريق الأقصر لسقوط الانقلابيين هو وحدة قوي الثورة التي” تُرغم أي مستبد على التراجع ” بحسب البيان.
وتأتي هذه التطورات في وقت تصاعدت فيه أعمال العنف من قبل قوات الانقلابيين ضد التظاهرات الجماهيرية الرافضة للانقلاب. من قصف بعبوات الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي والمطاطي، كان آخرها العنف المفرط المستخدم ضد الجماهير في مليونية الحادي والثلاثين من مارس مما نتج عنه ارتقاء الشهيد عاصم حسب الرسول، وعدد من الإصابات بعضها في حالة حرجة، فضلاً عن اقتحام المستشفيات مع اعتقال الكوادر الصحية من داخلها كما حدث في مدينة القضارف، بالإضافة لتزايد أعمال السلب والنهب من قبل قوات نظامية تنسب للجيش تارة، وللشرطة أو الحركات المسلحة الداعمة للانقلاب تارة أخرى، أو تلك التي لا تزال تبرر مواقفها المُربكة بمبررات من قبيل المحافظة على اتفاقية جوبا للسلام، التي أثارت الأسئلة أكثر مما أوجدت إجابات، لواقع بلد لا يزال يرزح تحت وطأة ضغوط اقتصادية هائلة تقترب به من حافة الانهيار، وفي ظل قوات انقلابية تلتزم مسار الابتزاز بالأمن، والتعامل العنيف مع جميع فصائل الحراك، مما يضع جميع قوى الثورة في خندق واحد، حتى أولئك (الجذريون) الذين يدعمون حالة الانسداد الحالية دون تقديم الحلول.
والسؤال الآن ومن واقع كل ما سبق هو هل ينجح أبريل والدعوات من تحالف قوى الحرية والتغيير ومن قوى الثورة خارج التحالف وتجمع المهنيين ولجان المقاومة للخروج في أبريل في العاصمة والولايات هل تنجح في توحيد قوى الثورة؟ وفي تلافي حالة التنافر بدعاوي الجذرية والنقاء الثوري؟ هل استوعبت فصائل الثورة الدرس الأهم بعد المرور بتجربة الانقلاب المريرة؟ وهل ينهض السياسيون السودانيون بواجباتهم في خوض المعركة على الصعيد السياسي ولو على طريقة تحالف (مواطنون ضد الانقلاب) التونسية؟