الرأي

من هم حُلفاء البرهان؟

تصدر السؤال: “من هُم حُلفاء البرهان السياسيين؟” منصات التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، وذلك على خلفية مقابلة أجراها الإعلامي بقناة الجزيرة (أحمد طه)، مع السيد (مبارك الفاضل) حليف النظام البائد الأبرز، خلال سنوات الإخوان الأخيرة في السلطة. إذ لا يكاد أحد ينسى استماتة (الفاضل) في الدفاع عن نظام الحركة الإسلامية إبان ثورة ديسمبر، ومحاولة إنقاذه من السقوط، حتى في الوقت الذي كان فيه (الإخوان) يقتحمون البيوت، ويعتقلون الحرائر، ويقتلون الأطباء في العيادات الميدانية، التي أنشأها الثوار.
كما لا يكاد أحد ينسى لـ (مُبارك) انضمامه المُعلن للفلول في مساعيهم لتقويض الفترة الانتقالية بعد تكوين حكومة ديسمبر المدنية، أو دعمه للعسكر في محاولة شرعنة انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر.
في العام 2000، أسس (مبارك الفاضل) حزباً باسم (حزب الأمة – الإصلاح والتجديد)، ودخل هذا الحزب (بصورة فورية) في شراكة مع حزب الإخوان الحاكم حينها (المؤتمر الوطني)، فعينه المخلوع البشير مساعداً له في الفترة من 2002-2004 قبل أن يُقال من منصبه. حتى ظهر في أواخر عهد الإنقاذ البائدة، وهو يحاول يائساً إنقاذ نظام (الحركة الإسلامية) من السقوط.
بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة وسقوط (الإخوان)، جاء مبارك إلى ساحة اعتصام القيادة العامة مُتمسحاً بمسوح الثورة لكن الثوار (طردوه) من الساحة، وتم تصوير فيديو لهذا الحدث، انتشر حينها بكثافة على وسائط التواصل الاجتماعي. فنشط مبارك في مناهضة الحكومة المدنية، أسوة بحلفائه الفلول، وسعى مع (أعداء الانتقال) لتقويض النظام الدستوري الذي أقرته الوثيقة الدستورية آنذاك – وله في ذلك مواقف مُعلنة وموثقة – حتى نفذ العسكر انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، ليعود (مبارك) إلى الساحة السياسية من جديد داعماً للانقلاب، وساعياً لشرعنته في بداية الأمر، ومتطلعاً لأن يكون جزءاً من المشهد الانتقالي القادم، بعد أن تبين له أن الانقلاب إلى زوال لا محالة، وأن ثورة ديسمبر ماضية إلى غاياتها.
وهو ما تقول به الشواهد، وما تتجه إليه الأحداث في فضاء السودان السياسي.
وبالعودة لمقابلة (مُبارك) في قناة الجزيرة، والتي وجد الفيديو التابع لها انتشاراً واسعاً في الوسائط، تحت عنوان (ورطة مبارك الفاضل)، فقد كان (الفاضل) حريصاً أثناء المقابلة على التأكيد على فكرة واحدة، وهي أن (تحالف قوى الحرية والتغيير)، هو الحليف السياسي لقائد قوات الدعم السريع (محمد حمدان دقلو)، ومضى للقول بأن هناك (تنافساً وصراعاً سياسياً، حول من يسيطر على الوضع، فكل قائد عسكري له حلفاؤه. المجلس المركزي الحرية والتغيير، هو الحليف السياسي لحميدتي، وقد ظهر ذلك بشكل سافر). ودلل على حديثه بالقول: “رأيت مُستشار حميدتي في اجتماعات وفد المجلس المركزي مع الآلية الثلاثية، حيث شارك هذا المُستشار ويدعى الأستاذ عزت، ولا أذكر بقية اسمه، لكن له صور”. وعندما سأله المذيع (أحمد طه): “من هم حلفاء البرهان السياسيون إذن؟”، أجاب (مبارك): “أنت تتعرف على ذلك من خلال استنتاجاتك”، ولما قال المذيع: “ليست لدي استنتاجات”، وعاد لسؤاله مرة أخرى: “من هم حلفاء البرهان؟”، قدم الفاضل إجابات من قبيل: “أنا لا أتبرع لك بالمعلومة”، “أنا لست مسؤولا عن أن أقول”، “لست خائفاً”، “لن أجيبك، لأن هذه مهمتك كصحفي”، “أنا شغال مصدر ليك؟”، “استقص فأنت صحفي تبحث عن المعلومات”، “ليست مهمتي أن أقول”.
وبدا أن الإجابة عن هذا السؤال في صعوبة معادلات الفيزياء الفلكية بالنسبة للسيد (مُبارك الفاضل).
المفارقة أنه كان يمكن أن ينتهي الحدث عند هذا الحد، لولا أن السيد (مُبارك)، وفي محاولة لتحسين الصورة التي ظهر بها في المقابلة، عاد ليكتب على صفحته في الفيسبوك: “تلقيت اتصالاً هاتفياً من مدير مكتب قناة الجزيرة في السودان، الأستاذ مُسلمي الكباشي، مُعتذراً فيه عن النهج غير المهني لمُقدم حوار المساء أحمد طه، والذي تمثل في إلحاحه عليّ أن أسمي له حُلفاء الفريق البرهان السياسيين، رغم أنني قلت له: يُمكنك كصحفي أن تستنتج ذلك من متابعتك لساحة الصراع السياسي”.
ليكتب المُذيع (أحمد طه) رداً في هذا الخصوص على صفحته في الفيسبوك: “تواصل معي منذ قليل الأستاذ والزميل العزيز مُسلمي الكباشي، مدير مكتب الجزيرة بالخرطوم، وأكد لي أنه لم يقدم أي شكل من أشكال الاعتذار، صراحة أو تلميحاً للسيد مُبارك الفاضل، وأنه فوجئ بحديث مبارك في هذا السياق”.
لا زالت ثورة ديسمبر المجيدة تقدم العبر والدروس، ولا زالت تثبت في كل مرة أنها تملك كافة خواص الأشعة السينية الكاشفة، تميز الخبيث من الطيب، والسمين من الغث.
حفظ الله السودان وشعب السودان..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى