تحقيقات

معاناة انقطاع الإمداد المائي في بعض أحياء العاصمة

مواطنون يصفون زيادة رسوم المياه بـ (الثراء الحرام)

اشتكت مجموعة من المواطنين في مناطق متعددة بولاية الخرطوم (السلمة، أبو آدم والكلاكلة القبة)، من قطوعات المياه بصورة كبيرة خاصة في فترة الصيف، إذ إنهم يعتمدون على شراء المياه من عربات الكارو (السقا) بواقع (2) ألف جنيه للبرميل. في الوقت الذي أكدوا فيه رفضهم لزيادة تعرفة المياه من قبل الهيئة، منتقدين تحصيل الرسوم التي وصفوها بـ (غير القانونية) لعدم وجود إمداد، متهمين السلطة الانقلابية بممارسة الضغوط على المواطن السوداني في القرارات الأخيرة المتعلقة بالجبايات والضرائب وخلافها، دون توفر الخدمات الأساسية.
(الديمقراطي) في المساحة التالية تعكس أبعاد القضية..
الديمقراطي – نسيبة فرحان

برميل الماء يصل مبلغ (2) ألف جنيه

زيادات في الرسوم
أصدرت هيئة مياه ولاية الخرطوم قراراً يقضي بزيادة تعرفة فاتورة استهلاك مياه الشرب للقطاعات السكنية والتجارية والحكومية، وبلغت الزيادة في السكن في الدرجة الثالثة من (30) الى (100) جنيه، والدرجة الثانية من (57) الى (200) جنيه، بينما بلغت الزيادة في الدرجة الأولى – سكن عادي (143) جنيهاً إلى ألف جنيه، أما الزيادة في للدرجة الأولى (خاص) فبلغت رسومها (4) آلاف جنيه.
وشمل القرار توقيع عقوبات للمتعدين على الشبكة، تشمل غرامات مالية تصل في حدها الأدنى إلى (20) ألف جنيه، وحال تكرار المخالفة يسحب الخط وتتخذ إجراءات قانونية بحق المخالفين.
بررت الهيئة الزيادة لارتفاع تكلفة التشغيل ومدخلات الإنتاج، بسبب زيادة معدلات التضخم وانخفاض قيمة الجنيه .
وبلغت تعريفة القطاع الحكومي (20) ألف جنيه، بما يعادل (100) جنيه للمتر المكعب، أما التجاري فقد بلغ في حده الأدنى (8.400)، بواقع (100) جنيه للمتر المكعب.

هيئة المياه: زيادة في فاتورة المياه بسبب تكلفة التشغيل العالية

وحدد القرار فئات (4) آلاف جنيه كحدٍ أدنى لكل من: المطاعم، الكافيهات، الكافتريات، أندية المشاهدة، الحدائق والمنتزهات الصغيرة، الشركات الصغيرة، طلمبات البنزين، المخابز الآلية، الشقق المفروشة، ملاعب الخماسيات، الأندية الرياضية، رياض الأطفال الخاصة، الصيدليات، الكوافيرات الكبيرة، صوالين (في.آي.بي)، المولات، محلات بيع الحلوى، الملاحم بدون شواية، مغاسل الملابس، ومحلات العماري.
انقطاع الإمداد
في شوارع وأزقة أحياء الكلاكلة وأبوآدم، يتزاحم أصحاب عربات الكارو لبيع المياه بسبب الانقطاع الدائم للإمداد المائي في بعض المربعات، وتتسابق النساء وهن يحملن (الجرادل) للحصول على المياه.
(الديمقراطي) استطلعت مجموعة منهن.. فتقول “حسنة حمد النيل”- تسكن أبوآدم: “عند دخول فصل الصيف نعاني من انقطاع الإمداد، ونضطر للشراء من عربات الكارو، تتراوح الأسعار بين 1.500 إلى 1.800 جنيه، ونحتاج كميات كبيرة لاستخدامها في الحمامات. رغم كل هذا تصلنا فاتورة المياه مع الكهرباء شهرياً، مجبرين لدفعها للحصول على خدمة الكهرباء”.
ووصفت حسنة، تحصيل رسوم المياه دون توفرها بـ (الثراء الحرام)، وأن مجموعة من المواطنين فكروا في فتح بلاغات ضد هيئة المياه، لكنهم تراجعوا نسبة لعدم وجود عدالة، ووصفوا الوضع الحالي بـ (الفوضوي)، وأكدت أنهم سيعملون على ذلك عقب تكوين الحكومة المدنية.
مياه مدفوعة القيمة
يقول آدم خيرالله، صاحب بئر بمنطقة الكلاكلة القبة، إنه بدأ العمل في البئر منذ أكثر من أسبوع عقب انقطاع وشح المياه في الخط الناقل لمنطقة الكلاكلة القبة، وأضاف: “مع دخول الصيف، بدأ توافد العاملون في مجال بيع المياه أو ما يعرف بـ(السقا) على البئر، والذين يتزودون بواقع 5 إلى 6 براميل في اليوم. وتزيد الطلبات على الماء في فصل الصيف إلى أكثر من ثلاثين برميلاً يومياً، ويبلغ سعر البرميل 2 ألف جنيه”.
قال آدم، إن هنالك رسوماً للبئر كانت عبارة عن (7.500) جنيه قبل عامين، وسعر الكهرباء لـ (62) كيلوواط مبلغ (10) آلاف جنيه، الآن أصبح سعر الـ (50) كيلوواط (500) جنيه، وذكر أن هنالك مواطنين يقصدون البئر مباشرة (بالجرادل)، يصل استهلاكهم يومياً لصهريج كبير، بواقع (30) برميلاً، وهؤلاء لا يأخذ منهم مقابلاً نسبة لعجزهم عن شراء الماء من عربات الكارو، ويتحملون عناء حمل المياه على رؤوسهم، وبعضهم يأتي من مسافات بعيدة، مما يشكل معاناة إضافية خاصة على النساء.

مواطنة: نتجه لفتح بلاغ في الهيئة

وفي ظل هذا الوضع السيئ فيما يتعلق بزيادة الرسوم الخاصة بفاتورة المياه، يقع العبء الأكبر على عاتق المواطنين البسطاء الذين يقصدون البئر للحصول على المياه، وعلى الذين يحصلون على المياه بمقابل مادي، حيث يبلغ سعر برميل المياه في الوقت الحالي مع بداية دخول الصيف (1.500) جنيهاً، وكل ما زاد الطلب يزيد السعر، خاصة في حال الزيادة في رسوم البئر، فتزيد قيمة البرميل وقد تصل إلى (3) آلاف جنيه في شهر رمضان، نسبة لارتفاع درجات الحرارة التي بموجبها يكثر الطلب لتشغيل المكيفات وغيرها من الأغراض الأخرى.
أضاف آدم، أن زيادة الرسوم المفروضة من هيئة مياه ولاية الخرطوم يجب أن يقابلها توفير في الإمداد المائي، وهذا غير متوفر على أرض الواقع. وقال: “نحن في الآبار نعامل كمحال تجارية، وإذا زادت الرسوم مع الاستهلاك الكهربائي هنا تكمن المشكلة، حيث تبلغ تكلفة تشغيل الموتور مرتين في اليوم مبلغ 2 ألف جنيه، ومع زيادة الطلب تصل إلى 8 آلاف جنيه، وهذا يزيد من تكلفة سعر البرميل للسقا.
وأوضح بقوله: “خط المياه بمنطقة الكلاكلة غرب المستشفى التركي غير صالح للشرب، حيث إن نسبة الحديد في المياه عالية وتصل إلى 30%. آبار المياه العذبة المتوفرة تجارية، حيث يلجأ سكان الحي إلى شراء مياه الشرب من السقا حتى في فصل الشتاء، نظراً لملوحة مياه الخط الذي يغذي المنازل السكنية”.
وناشد آدم، الجهات ذات الصلة، بإلغاء قرار زيادة فاتورة المياه، والبحث عن حل جذري لمشكلات المياه، لأن المياه سلعة ضرورية في الحياة اليومية. كما ناشد الخيرين والجهات المختصة بالتوجه لزيادة عدد آبار المياه العذبة، مؤكداً أنها غير مكلفة ويمكن أن يقوم بحفرها مجموعة من الشباب للحصول على المياه العذبة بسهولة، لكن تنقصهم المعينات على العمل والجهات الراعية. وطالب أيضاً بالعمل على تغيير خطوط وشبكات المياه القديمة المتهالكة بأخرى جديدة تصلح للاستخدام الآدمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى