الرأي

مصارين مهرودة ..!

هيثم الفضل

* يشتكي نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو في (بيت عزاء) من ظُلم الجماهير واتهاماتها المُتكرِّرة له ولقواتهِ بالخيانة والتآمر على الثورة (حتى انهردت مصارينو) على حد تعبيره، وقد تزامنت شكواهُ أيضاً مع شكوى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في خطابه الذي أعقب الانقلاب المُبهم من نداء المناضل محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة الذي وجههُ للشعب السوداني بأن (هُبوا لحماية ثورتكم) فور سماعه لخبر الانقلاب الأخير. الشكوتان المذكورتان هنا تدفعاني للاعتقاد بأنَّ البرهان وحميدتي (يؤمنان) إيماناً قاطعاً بأن المكوِّن المدني داخل الحكومة الانتقالية هو مَنْ يدفع الشعب السوداني للتعبير عن وجهات نظر سلبية (فيهم) وأكُرِّر (فيهم) وليس في الجيش السوداني، هذا الإيمان القاطع الذي يدحضه وينفيه واقع الخلافات الظاهرة والخفية بين مكوَّنات الحاضنة السياسية للحكومة من جهة وبين وزرائها من الأحزاب والحركات من جهةٍ أخرى، هذه الخلافات المٌثبتة بالوقائع يستحيل بمثولها في الواقع السياسي الحالي، أن يحدث أي شكل من أشكال (التنسيق) الجماعي المُنظَّم والقادر على تأليب وجهات نظر الرأي العام تجاه أحد، رغم ذلك ظل يُدهشني (إيمان) البرهان وحميدتي الذي عبَّرا عنه في أكثر من مناسبة بأن المكوِّن المدني هو من يقف خلف (شيطنتهم) في نظر الشعب السوداني، فإن صح الأمر أليس في ذلك (اعتراف) بيِّن وواضح يفيد أن أغلبية الشعب السوداني تقف خلف المكوِّن المدني في الحكومة وتؤازرهُ؟، وبالتالي أليس ذلك كافياً لدفعهم للكف عن تكرار قولتهم المشهورة كل ما غضبوا أو أصابهم الإحباط من ردود الأفعال الشعبية (الحكومة دي ما مُنتخبة ولا تملك الحق في فعل كذا وكذا..)؟، أليست الديمقراطية هي حُكم الأغلبية؟، إذاً فلماذا لا يرضى البرهان وحميدتي بحكم الشعب السوداني والامتثال لإرادته الحُره ومطالبهُ الصريحة التي لا تقبل التأويل وفي مقدمتها الحُكم المدني الخالص. أما فيما يخُص الشرعية الدستورية للحكومة الانتقالية وعبر (المنطق البحت) الذي لا تشوبهُ الدسائس والمصالح الخفية، فهي واجبة وحتمية ولا يمكن تجاهلها، غير أنها لا يمكن أن تتحقَّق بانتخابات، وذلك ببساطة لأن الإعداد للانتخابات وتهيئة أجوائها المناسبة هو أحد مهامها الرئيسية الموكلة إليها، يكفي فقط (تأكيد) أن أغلبية الجماهير تقف خلفها وتؤازرها وتستجيب لنداءاتها مثل ما فعل محمد الفكي سليمان، ومثل ما حدث في 30 يونيو 2019 وغيرهُ من الفعاليات والمواكب المليونية العديدة التي (هبَّت) لحماية التحوُّل الديمقراطي و(دعم) المكوِّن المدني داخل الحكومة في مواجهة الكثير من المنغصات والمُحبطات التي تعرَّض لها من العسكريين في مجلس السيادة.

* السيد/ مبارك الفاضل في تصريح متداوَّل له بالأمس يُهاجم المهندس/ خالد سلك وزير رئاسة مجلس الوزراء ويتَّهمه بضعف الخبرة السياسية استناداً على تصريحاته الأخيرة ضد الانقلابات العسكرية في السودان، كما وصف مبارك تصريحات سلك ومحمد الفكي سليمان بأنها صبيانية ولا تليق برجال دولة بقدر ما هي تصريحات طُلاب جامعات وناشطين طالما كانت مُتداولة في أركان النقاش. أما (خبرة) مبارك الفاضل كرجل سياسة فلا تعليق عليها وعلى من يريد الاطلاع عليها مراجعة التاريخ السياسي للرجُل خارج السُلطة وداخلها، فقط عليك أن تكتب على قوقل (الفشل المُزري). أما بالنسبة لخالد سلك وود الفكي اللذين لا أعرفهما معرفة شخصية ولم ألتقهما أبداً فأقول إن كل من (يندهش ويستغرب ويستنكر) أسلوبهما في ممارسة (الإفصاح السياسي) أو التصريح عبر مخاطبة الجماهير، فهو معذور لأنه لم يتعوَّد على مثول الصدق والإخلاص والشفافية المُنزَّهة من المآرب والمصالح، فذلك أمرٌ (جديد) على أمثال مبارك، لأن السياسي الضليع عندهُ هو الكذوب والمُداهِن والمُتلوِّن والمُخادع لشعبه باسم الدبلوماسية والحكمة والخبرة وتحري المصلحة، والتي هي جميعها كلمات حق يُراد بها باطل، نحن يا سيدي في عهد سيتشابى فيه الشابات والشباب عنوةً واقتداراً لتولي أمور دولتهم بالحرية والسلام والعدالة، ضد (ديناصورات) السياسة الذين لا يسأمون من السعي وراء السُلطة ولا يعتزلون، هذا ليس زمانكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى