الرأي

ما لم يخطُر على بال ..!

على ما يبدو أن هذا الزمان هو بالفعل (زمان العجائب والغرائب وما لا يخطر على بال)، وأجزم أننا لو انتخبنا في هذه البلاد المنكوبة أكثرنا قُدرة على الخيال والتوقُّع و(الاندياح) فيما يمكن أن يحدث من غيبيات وراء الطبيعة، ما استطاع أن يخرج من دائرة الاندهاش وصرعة العجب والاستغراب مما يحدث في الساحة السياسة اليوم من (مؤذيات) و(مُبكيات). فعلى الصعيد الشخصي، لم أكن أتخيَّل أن يصل مستوى (النضوب والضحالة) في ساحتنا السياسية إلى الحد الذي يجعل أمثال الذين يقفون على سُدة قيادة السودان اليوم قادرين على الاستمرار في (الضحك على ذقوننا) لأكثر من (24) ساعة، فإذا هم الآن يقتربون من العام في خناق رقابنا، ونحن لم نزل نخوضُ في جدلية مَنْ سُنقصي ومَنْ الأحق فينا بإسقاطهم؟!

فساد الانقلابي مناوي

تخيَّلوا السودان الذي كان على رأس سُدته السياسية يوماً ما: إسماعيل الأزهري، وعبد الخالق محجوب، ومحمد إبراهيم نقد، والصادق المهدي، يقف اليوم على منابره (كقيادات سياسية) أمثال التوم هجو الذي كانت آخر تصريحاته في إحدى القنوات الفضائية، واصفاً هتافهُ الأجوف إبان اعتصام الموز القميء: “الليلة ما بنطلع إلا البيان يطلع”، بأنهُ (أهم) موقف تشرَّف بإنجازه على مستوى تاريخهُ السياسي الذي لم يزل للآن (مُبهماً) و(وهمياً) بالنسبة لأغلبية الشعب السوداني.

تخيَّلوا بلاداً أنجبت: بابكر بدري، وبروفيسور عبد الله الطيب، والطيب صالح، والتجاني يوسف بشير، وغيرهم من نُجباء العالم، يعتلي سُدة منابرها وواجهاتها الداخلية والإقليمية كقيادي سياسي وحاكم لأكثر أقاليمها حاجةً للمُساندة والدعم أمثال مني آركو مناوي، الذي كانت آخر (إبداعاته) إعلانه عن مكرمته (السُلطانية) السامية لصالح دولة قطر الشقيقة عبر التبرُّع لها بعدد (3،000) رأس من الماشية (دعماً) لها في مواجهة (أعباء) استضافتها لكأس العالم، هذه المناسبة العالمية التي بذلت قطر في سبيل تنظيمها كل غالٍ ونفيس على مدى ست سنوات سابقة، لعلمها أن (مدخولاتها) الاقتصادية ستتجاوز الناتج الإجمالي للدولة القطرية لخمس سنوات قادمات على الأقل. وتخيَّل معي بالأرقام كم ستجني قطر من الأموال إذا علمنا أن ناتجها الإجمالي وبدون كأس العالم يعتبر أعلى ناتج إجمالي وطني في الشرق الأوسط وإفريقيا. يتبرَّع آركو مناوي لقطر ببعض (أحلام) و(أمنيات) و(مُعاناة) و(جراحات) المُهَّمشين في دارفور المنكوبة بأمثاله.

هذه البلاد التي أنجبت: السلطان علي دينار، والإمام المهدي، والشهيد جون قرنق، غدر الزمان بفطاحلتها وخُبرائها من الشُرفاء، فأُقعدوا في الزنازين والبيوت أو شُرِّدوا في أصقاع الأرض النائية. ولم يزل قائد انقلابها ومُستشاروه يظنون أن المجتمع الدولي يعمل في مجال تطبيع علاقاته ومصالحه مع السودان بلا خطط واستراتيجيات، بالقدر الذي يجعلهم يعتقدون أن مُجرَّد خطاب مُدبَّج بكل أنواع التحايُّل والأكاذيب يُلقى في رُدهات الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيكونُ كافياً لإخراجهم من عزلتهم الاقتصادية و(مُناسباً) للضحك على ذقون العالم، مثلما ظلوا يضحكون على ذقوننا منذ إنقلاب 89 المشؤوم. بلاد هوى الزمانُ بسادتها، ولكنها لم تزل صامدة باستنادها على سواعد شاباتها وشبابها الذين بلا شك سيعيدون مجدها سيرته الأولى، بما فيهم من عزيمة، وبما يبذلون من تضحيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى