الرأي

ماذا تُريد حركة الإسلام السياسِي من السُودان؟ (1/2)

نضال عبد الوهاب

تجربة الإسلام السياسِي في الحُكم والسياسة في السُودان، دون أدنى ذرة شك تجربة جديرة بالوقوف عندها ودراستها ووضع أساس للتعامل معها والبت في شأنها من كُل السُودانيين، وليس فقط مُنتسبيها ومُعتنقي أفكارها وحتى المُتعاطفين معها.

ظلت حركة الإسلام السياسي المنطلقة والمنبعثة من جماعة “الإخوان المُسلمين” في السُودان كفكرة ومنذ الأربعينيات من القرن الماضي، وبمُسمياتها المختلفة وتحالفاتها كجبهة الميثاق الإسلامي، ثم تفريعات تنظيم الإخوان المُسلمين، ثم الجبهة الإسلامية القومية، ثم المؤتمر الوطني، ومن خرجوا منهم من تنظيمات كالمؤتمر الشعبي، والإصلاح الآن، و(السائحون)، وغيرها من تنظيمات، وحتى ما بعد الثورة وحل تنظيم المؤتمر الوطني والتكوينات التي نشأت من ذات “منبت وتربة السوء” وعلى نهجها، ظلت جميعها تسير على مُرتكزات تخريبية، وتستخدم العُنف بشتى صنوفه، وأساليب “الغاية تُبرر الوسيلة” تنتهج الإقصاء ولا تؤمن بالديمُقراطية ولا مبدأ المُحاسبة، وتُمارس قناعاتها فقط. هذا بالتجربة العملية في الحُكم وخارجه في المجال السياسِي، وفي الجامعات، والخدمة العامة، ومؤسسات الدولة جميعها وكُل مناحي الحياة والعمل العام، وحيثما وجدوا.

هذه التجربة الطويلة أوضحت تماماً مدى “خطورة” هذه الجماعة وأفكارها على السُودان كدولة وشعب وحاضر ومُستقبل، وهذا ليس تجنياً أو عداء وكراهية، وإنما هي الحقيقة المُجردة، ويكفي الواقع الحالي والنظر لما حدث ويحدث في بلادنا جراء جرائم وفظائع وموبقات هذه الجماعات والعقليات من حركة الإسلام السياسي وسلوكها السياسي والاجتماعي في السُودان.

لن نتحدث عن فشل تجربتهم الطويلة هذه، فقد اعترف به مؤسسوها وكادرها الأول وعديد قيادات على رأسها حسن الترابي بنفسه، وياسين عمر الإمام، وعلي الحاج، والطيب زين العابدين، والمحبوب عبد السلام، والأفندي، وغيرهم.

وحتى محاولات بعضهم في الإصلاح لم ولن تُجدي في تقديرنا، لأن التربة سيئة، والمنبت والعقليات مُشوهة، والمنهج نفسه “مُختل” غير قابل لإنتاج أي واقع أفضل آخر، خاصة إذا مضى في الجانب السياسي والحُكم بخلاف عودتهم لمُجرد جماعة دينية دعوية تنتهج السلمية وتنبذ العُنف وتبعد عن التطرف في طرحها، وهذا أمر آخر. أما كونها تُمارس العمل السياسي فهذا كما أسلفنا مُضر وخطر على الدولة السُودانية حاضرها ومُستقبلها. تنظيمات حركة الإسلام السياسي في السُودان مارست وتُمارس الإرهاب بكُل صنوفه، وأدمنت العُنف وتخريب عقول النشء والشباب، وحولت الكثيرين منهم بفضل سياستها وتفكيرها إما لإرهابيين وقتلة وإما لمُدمني مخدرات، ذلك ببساطة لأن منهج تفكيرها مرتبط فقط بالبقاء في السُلطة واحتكارها مع الثروة والأموال، لذلك كما أشرنا في مقدمتنا عنهم أن مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” هو الذي يُحركهم.

لن نكتب عن مسألة الاتجار بالدين نفسه وتحويله لعباءة ومجرد ألعوبة في عقولهم وأيديهم لتمرير سياساتهم ونفوذهم، وكل ما ارتبط بذلك من دجل وخُزعبلات وخُرافة لا حدود لها. الديمُقراطية برغُم انفتاحها كمنهج لقبول الآخر المُختلف، إلا أن لها مقياساً ومعياراً في تحديد من يتنافسون ويدخلون تحت سقفها، فلا توجد تنظيمات تنتهج الإرهاب والعُنف كمنهج ووسيلة عمل وتقوم عليها بينات وشواهد وتجارب ماثلة أن يكون لها وجود ضمن سقفها الواسع. فالإيمان والعمل بالسلمية شرط أساسي لعدم تصنيف أي تنظيم بالإرهاب أو إدارته أو المُشاركة فيه، خاصة في ظل القوانين التي تحكُم العالم الآن. فلا أدلّ كذلك على القوانين التي حاربت وتُحارب الفاشية والنازية وتنظيم القاعدة وداعش والجماعات الجهادية والتكفيرية العنيفة وغيرها. لذلك فإن المُمارسة العملية وعُمق تفكير حركات الإسلام السياسي في السُودان هي انتهاج العُنف والإرهاب هذه عقيدة عندهم موجودة في شعاراتهم وأدبياتهم، كما هو معروف “لغة الدماء لغتي وليس سواء الدماء” و”لتُرق منهم دماء ولتُرق كُل الدماء” ..

نُكمل قادماً في جزء ثان أخير..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى