الرأي

لعنة التأسيس والدمج

اعتقد أن كل الشعب السوداني بل والعالم يعلم أن الدعم السريع  أسسه البشير لحمايتة من زملائه  بالجيش لانه فقد الثقة فيهم لأسباب كثيرة لسنا بمجالها،وبعد سقوطه استعان به البرهان لنفس السبب، وتعود خلفية الدعم السريع الى حرس الحدود الذي كونته حكومة الإنقاذ  لحماية قبائل الرحل التي عجزت هي من حمايتها وقد ظلت عرضة لهجوم الحركات المسلحة ونهبها، وكان حرس الحدود تحت اشرافها الحكومة لاحقا اكتشف ان جنوده مقاتلين شجعان ولا ولاءات سياسية لهم، استوعبتهم في الدعم السريع كجيش موازي، وقد كانت فكرة غير سليمة كشفت عدم مهنية الجيش، فلو كان حريصا على مصلحة البلد لتم استيعابهم في الجيش مباشرة  وليس تأسيس  قوة  منفصلة، ولكن هكذا هو نظام  الحركة الإسلامية تعود ان يضع مصلحته الخاصة  فوق المصلحة العامة ويسخر كل شي لنفسه، وفي الحقيقة تأسيس الدعم السريع بهذا الشكل الخاطيء وغير المهني تسبب في مشاكل كثيرة للمجتمع وأكبر المتضررين منها هم جنود الدعم السريع أنفسهم.
البشير من خوفه من القوات المسلحة وعدم ثقته فيها جعل قوات الدعم السريع  تتبع له مباشرة وفضلها على الجيش وكذلك فعل البرهان، وهو الذي منحها الفرصة لتنمو وتكبر وتتفرعن، حتى أنه استعان بها لضرب الثورة والانقلاب على الحكومة الانتقالية، ولم يفكر البرهان  في إزاحة الدعم السريع الا بعد أن حرضه الفلول ونصحوه بالحركات لانها اصلا خرجت من رحم الحركة الإسلامية، ولم يكن البرهان يعرف كيف يتصرف مع الدعم السريع حتى جاء الاتفاق الاطاري ومنحه الفرصة، فقد نصت بنوده على دمج الدعم  في الجيش، فلم يصدق و ترك كل بنود الاتفاق وركز على الدمج فقط واستعجله، وكان يريده أن يتم  فورا حتى قبل إكتمال  التوقيع على الاتفاق، أي أنه أراد التعامل مع عملية الدمج بنفس عدم مهنية ومسؤولية  التأسيس، بل هذه المرة الامر أكثر خطورة لأن هدف البرهان يريد الانتقام والتشفي لنفسه من قائد الدعم السريع تلميذه الذي علمه الرماية واصبح اشطر منه.
الامر المهم هو أن قائد الدعم لم يرفض مبدأ الدمج الذي نص عليه الاتفاق، ولكن الامر يحتاج إلى ترتيبات حسب رأى الخبراء إذا لا يمكن اتمام العملية فورا كما يريد البرهان، هذا الامر ليس في مصلحة البلد التي أصبحت آخر اهتمامات الجيش الذي اصبح مهوسا بالسلطة والثروة السياسة والتجارة ونسي واجبه.
البرهان رغم أنه من أسس الدعم السريع وفرعنه الا أنه لم يفهم تركيبته جيدا وظن أنه إن لم يستجيب للدمج الفوري بالتي هي أحسن  حسب رغبته، فإنه سيجبره  على الانصياع بالقوة ولهذا دخل معه في حرب ظن انها ستكون سريعة وخاطفة وستنتهي في لحظات، لم يقدر أن الدنيا رمضان وفي العشر الأواخر، هذا غير أن ظرف البلد لا يسمح والشعب يعاني، وهاهو اليوم الثامن بدخل علينا والحرب مرشحة للاستمرار ولا بوادر لحسمها وقد  تكبد الجيش والدعم خسائر فادحة يتحمل تكلفتها الشعب والوطن .
خلاصة القول الشعب السوداني لم يستفيد من تأسيس الدعم السريع بتلك الطريقة غير المهنية، ولن يستفيد من دمجه أو حله بهذه الطريقة غير المهنية أيضا وعليه فهو يدفع الثمن مرتين، مع أن الأولى تمت لتحقيق رغبة البشر والثانية تتم لتحقيق  رغبة  البرهان، وفي الحقيقة حكاية تأسيس قوات  الدعم السريع والتخلص منه هذه تثبت حقيقة مهمة جدا هي أن الجيش الذي قام بهذه الجريرة لا يمكن أن ينفع السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى