الرأي

كيف نفسر موقف البرهان؟!

سارة صلاح
انسحب البرهان من ورشة الإصلاح الأمني العسكري ليؤجل توقيع الإتفاق النهائي، وذلك رغم الكلمات المعسولة التي كان يبذلها للحرية والتغيير ولممثلي المجتمع الدولي.
وبرر البرهان انسحابه بعدم الاتفاق على المدة الزمنية لدمج الدعم السريع في القوات المسلحة. وهو تبرير احتيالي، فسبق واستقدم المعنيون بالعملية السياسية خبراء من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واجمعوا كخبر اء بان الزمن العملي للدمج لا يمكن أن يقل باي حال عن خمس سنوات.
ولكن البرهان الذي يستخدم الدمج كسبوبة للتنصل يصر على عامين لا أكثر!!. وفي الأصل ان موضوعه الحقيقي ليس الدمج ، والا لماذا لم يدمج حتى الآن مليشيات حلفائه من جماعة الموز المسماة الكتلة الديمقراطية؟!! واذا كان هو حريصا حقا على الجيش الواحد لماذا يستمر يشكل مزيدا من المليشيات القبلية والجهوية كدرع الشمال ودرع البطانة وتمازج.. الخ؟!! وهي مليشيات تنظمها وتمولها عناصر النظام البائد في جهاز الأمن ، والكيزان بالاستخبارات العسكرية ، وبأوامر مباشرة من البرهان وإشراف الكباشي وإبراهيم جابر ومفضل ونائبه وقادة إدارة وحدة أمن القبائل بجهاز أمنهم !
والأهم لماذا لم يطرح البرهان طيلة السنوات السابقة قضية دمج الدعم السريع، حين كانوا يحاربون بدلًا عن جيشه في دارفور ؟ ثم عندما أصبح منسقا لحربهم في اليمن ؟ ثم ألم تفرضه قوات الدعم السريع قائدا للمجلس العسكري ، وقد طردت من أجله أبنعوف وعبد المعروف وغيرهم من الضباط لإفساح المجال لوصوله لهذا المنصب، وذلك بالضد من رغبة كثير من ضباط الجيش، ولمجرد توازن القوى في الخرطوم أبريل ٢٠١٩ ، توازن القوى الذي فرضه البشير بإدخال الدعم السريع للعاصمة خوفا من القوات المسلحة ومن خيانة إخوانه في الله الذين يعرف بتجربته معهم، وتجربته الشخصية (كأخ) ان الخيانة تجري فيهم مجري الدم.. فلماذا لم يرفض البرهان حينها ان يصعد إلى منصبه الحالي على بنادق وحراب قوات الدعم السريع؟!! ولماذا لم يطرح الدمج الا بعد إقرار الدعم السريع بفشل انقلاب ٢٥ أكتوبر ، والموافقة على الاتفاق الاطاري الذي يحرم البرهان من مطمعه في تولي السلطة المطلقة في البلاد؟!!. اذن فالبرهان يكذب حين يدعي ان المشكلة تتصل بالدمج.. وهو اصلا مثله مثل عرابه عمر البشير، يكذب كما يتنفس، بل ويقول الذين يعرفانهما ان البرهان وان كان أقل قدرات من البشير الا أنه يفوقه في الكذب والاخلال بالعهود وخيانة الأمانات.
وسبق وحذرت شخصيا في مقال سابق قوى الحرية والتغيير بأن البرهان لن يقبل مطلقا انتقالا مدنيا ديمقراطيا، وكان يكذب عليهم على الدوام، اتفق معهم على الجدول الزمني لتوقيع الاتفاق النهائي. فخرجوا من عنده يتلمظون طعم الانتصار!! وأما هو فخرج منهم ليجتمع مع علي كرتي بتنسيق من مدير مكتب ابراهيم جابر وليضعا اللمسات الأخيرة لخطة افشال التوقيع النهائي!!!.
وأما اصل الخطة فقد وضعها الفاسد الأشر شمس الدين الكباشي في مصر ، مع المخابرات المصرية وصلاح قوش وابنعوف. شمس الدين الكباشي الذي سافر الى مصر بدعوى العلاج في حين كان يقيم بمدينة نصر في نعيم بحبوحة اباطرة، بحبوحة العيش التي يغدق بها عليه محمد عثمان ، اشهر المفسدين الذين برزوا في زمن ما بعد الانقلاب وقد عينه على عثمان من داخل سجنه بكوبر لمراجعة قرارات لجنة تفكيك التمكين ولم يكن للبرهان سوى توقيع القرار. وكانت القرارات اسرع واكفأ القرارات التي اتخذها الانقلابيون طيلة عهدهم، كلمح البصر ، ارجعت القرارات ممتلكات الكيزان التي نهبوها من مال الشعب واعادت فتح الحسابات المغلقة وارجعت مجالس الادارات والمدراء الفاسدين.
والفضل في كل هذه الكفاءة لمحمد عثمان وهو مشعوذ ودجال ، يحذق خلطة الكيزان السحرية بين الدين والطين والعجين. بروفيسور في اتخاذ الإيمان حجابا للصوصية: في كيف تشرخ حلقومك بهي الله ثم لا تتورع عن ارتكاب كل الموبقات!! . لذلك احتل بسهولة مقعد الاستاذية للمستجد نسبيا الكباشي ، يعلمه كيف يقبض العمولات من كل صفقة فساد كبيرة بالبلاد، وكيف يخفى آثارها وكيف يحولها الى ثوابت عقارات ومزارع فى الداخل والخارج، والأهم كذلك يعلمه كيف يفسد ماليا واداريا وأخلاقيا وفي ذات الوقت يغطي على فساده بالدفاع عن دين الله وشريعته وثوابت الأمة وجيشها!!!. وكذلك بالطبع ظهيره الأصغر قليلا ابراهيم جابر.. في غيهم جميعا يعمهون. يحسبون الشعب غافلا.. والأسوأ انهم يحسبون الله تعالى غافلا عما يأفكون. يشهدون بالزور ويسرقون ويأكلون أموال الناس بالباطل ويعذبون وينتهكون الأعراض ويقتلون. ثم يتجرأون باستخدام دين الله نقابا لمخازيهم. ومع كل ذلك يتوهمون بأنهم في مأمن من مكر الله والتاريخ. وهيهات. لهم خزي الحياة الدنيا والآخرة…
والبرهان يوزع الأدوار بحذق بين جنرالاته ومحاسيبه. الكباشي وإبراهيم جابر سماسرة المفسدين. وياسر العطا وميرغني إدريس لتضليل الحرية والتغيير. وترك لإغلاق الميناء. ومناوي للبلطجة وقلة الأدب. وجبريل لتوزيع الميزانية كما تتطلب الرشاوي والمغانم. وأما تضليل المجتمع الدولي ولاهميته فمن نصيبه هو ونصيب مصادر على كرتي عالية الرتبة ذات المظهر الليبرالي والمخبر الكيزاني والمدفوع عليها بسخاء بما في ذلك لتقديم الهدايا وتنظيم حفلات الشواء وشراء زجاجات النبيذ الفاخر المعتق!!.
وخط البرهان واضح… كل مرة يطرح كلمة حق يراد بها باطل، باطل قطع الطريق على الانتقال المدني الديمقراطي. مرة يطرح توسيع قاعدة الحكم أوسع من أربعة طويلة، والدليل على باطلها رفعها بواسطة جماعة الموز التي لديها 25 في المائة من سلطات الانتقال وأهم الوزارات. واخرى يطرح انصاف شرق السودان ودليل باطلها انهم هم أنفسهم سارقو ذهب الشرق يهربوه الى اللاذقية ومن ثم إلى روسيا بعد أن يعطوا الفتات للصوص الشرق من شاكلة ترك، الذين ظلوا ولاكثر من ثلاثة عقود سياطا لقهر الشرق ونهب موارده والقام اهله الرصاص والمسغبة والسل الرئوي. والمضحك المبكي ان قميص عثمان الذي يرفعوه لإغلاق الشرق هو رفض مسار الشرق في اتفاق جوبا، في حين ان المسار من صناعة الكباشي نفسه، ويتحالف ترك مع لصوص المسار الآخرين ضمن ما يسمى بالكتلة الديمقراطية!!! وأما آخر كلمات الحق التي يراد بها باطل فهي الدمج وقد اوضحنا انها لا تعدو ذريعة الذئب عن الكتيح في قارب وسط النهر.!!.
طريق البرهان هو طريق استمرار الاستبداد والفساد. على قوي الحرية والتغيير ان تغادر الأوهام. حتى إذا وقع الاتفاق النهائي فلن يوقف التآمر . سيطلق ايدي محاسيبه عملاء المخابرات المصرية من جماعة الموز للاستمرار في نهب الموارد. سيأمر ترك مسنودا بالأجهزة الأمنية بإغلاق الميناء والطريق لابتزاز القوي المدنية ولصالح ازدهار ميناء العين السخنة المصري خصما على الميناء الوطني. سيأمر جهاز الأمن والشرطة والاستخبارات بالاستمرار في تشجيع عصابات الاجرام واشعال النزاعات القبلية والجهوية. وقد أعلن الكباشي المتحدث الحقيقي باسم شبكات الفساد لمجموعة من الصحفيين الذين يدفع لغالبهم رشاوي لتحسين صورته غير قابلة للتحسين انهم اذا وقعوا الاتفاق النهائي لأي سبب فإنهم مع الشرطة التي تحت طوعهم سيفتحوا للمتظاهرين من الفلول لاحتلال القصر الجمهوري!!. وطبعا هم و الفلول سواء، لتكون انتفاضة محمية بالسلاح!!.. وهيهات!!. لو يستطيعوا لما فشل انقلاب ٢٥ أكتوبر… فالجيش والاجهزة النظامية الأخرى ليست من الفلول وحدهم، كما ليس من أجهزة انتصرت على شعب واع.. هي اذن الحرب، ينفخ كيرها الفاسدون أملا ان يدفعنا التخويف بها للاستسلام، وهذا تاسع المستحيلات، ولسبب واضح : اكبر الخاسرون من الحرب والفوضي هم المتكرشون من مال السحت، وأما نحن جماهير الشعب فبلا امتيازات ولا مغانم، لن نفقد سوي السلاسل..
مرة أخرى واخيرة على الحرية والتغيير ان تغادر الأوهام. لا حل سوي بإسقاط البرهان وجنرالاته الآخرين الفاسدين.. فلتنفض الحرية والتغيير اياديها عما يسمى بالعملية السياسية وتدعو علنا لوحدة الجماهير حول شعار إسقاط البرهان وجنرالاته، ولأجل سلطة مدنية كاملة، بدون عملاء المخابرات المصرية لوردات الحرب متعهدي اللصوصية. واذا كان المجتمع الدولي حريصا بحق على إنجاح الانتقال الديمقراطي فليوقع عقوباته على مخربي الانتقال وعلى رأسهم البرهان والكباشي وصلاح قوش وعباس كامل وعبدالفتاح السيسي.
لقد وصل الصراع في البلاد الي مفترق الطرق: اما انتصار قوي ثورة ديسمبر او انتصار قوى الردة.. والاوهام في هذه اللحظة الفاصلة تعني ان تذبحنا قوى الردة كالنعاج. نعم، لا حل سهل ولا حرية بلا استبسال. ربما تنزلق البلاد الى الحرب، اذن فلنتحضر لها بلا اوهام وبلا دفن للذقون في الرمال. والحرب اهون من الاستسلام بلا قتال. لانه سيكون استسلاما لقوى لا تراعي الا ولا ذمة. ستغرق قوى الردة جماهير الثورة في الدم. اذن فلنسقط مقاومين لا مستسلمين.!!. والنصر في النهاية أكيد…
الا قد بلغت اللهم فاشهد.

*نقلا عن الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى