الرأي

كتب النقيب حامد عثمان ( حامد الجامد):

لم أكن أود أن اكتب عن هذا ولكن كان لابد من كلمة حق تقال في حق شباب كانوا نقطة تحول في تاريخ البلاد، جميعنا قد سمع بكذبة أبريل ولكن انا سأقول حقيقة أبريل، في فجر ليلة ٧ أبريل رأيت بأم عيني كيف يكون حب الوطن والثبات على المبادئ لشباب في مقتبل العمر معظمهم ولد في عهد الرئيس المخلوع، لم يرو من الحياة الا ضياع الآمال في ظل نظام شمولي عمل على تدمير الوطن وسرقة موارده وذل انسانه وضياع سيادته، رهط من الشباب تبايعوا على ( تغير ذلك النظام وتحقيق حلمهم بوطن ينعم كل ربوعه بالأمن والاستقرار، وطن لا ترى فيه حزن والد ذهب بإبنه للطبيب وعندما كتب له الطبيب العلاج لم يجد ذلك العلاج او وجده ولكن لم يكن يملك ثمنه، وطن يكون الراعي والرعيه فيه سواء أمام القانون، وطن يتساوى بنيه من أقصى الغرب الى أقصى الشرق ومن أقصى الشمال الى أقصى الجنوب في الحقوق والواجبات، وطن لا تكسر سيادته لأي جهة كانت ولا يعتمد على الهبات وهو به من المساحات الزراعية والثروة الحيوانية والمعادن النفيسة ما يجعل هذا البلد من اغنى البلدان في العالم) أو الموت وهم يحاولون ذلك، وبالمقابل كان معاوني الطاقية يحملون اسلحتهم لقتل تلك الأحلام التي تشملهم وتشمل حلم أبناءهم واحفادهم، كانوا يحملون الموت لهولاء الشباب، بينما كان الشباب يحملون لهم الحياة الكريمة، يومها رايت من الشجاعة ما لا يصدق شباب يرون حتفهم امام اعينهم ولكنهم يسيرون اليه من غير ان ترف جفونهم طالما ان هذا هو الطريق الصحيح، لم يكونوا كثر بل كانوا ثلاثمائة او يزيدون قليلا، هؤلاء من كانو في المقدمة واقفين على خط النار، يومها لم اكن اعرف منهم شخص وليقيني ان منهم كثر اتوا بمفردهم لم يكونوا يعرفون احد من الذين يقفون معهم على خط النار، ولسان حالهم يقول:
وطنى وطنى
نحن الأسود الضاريات
تحدثت عنا المواقع
لا نرهب اليوم العصيب
ولا تروعنا المدافع
كالسهم كالقدر العتى
وكالرعود وكالقواطع
فيما يعزك صادقين
نفنى النفوس ولا نلين
ونفى بوعدك سائرين
لنرد كيد الكائدين
لنراك فوق العالمين
نعم كانوا لا يتعارفون ولكن في الحقيقة كانت قلوبهم تتعارف جميعا في حب الوطن وكل شخص ينظر الى الذي معه كانه اخيه ابن امه وابيه، رايت ذلك في نظراتهم لي بعد هجوم معاوني الطاغية عليهم امام مقر قيادة قواتنا المسلحه التي جاءوا اليها ليقينهم ان من وصل حرم قواته المسلحة فهو أمن لم يذهبوا لاي مكان اخر لثقتهم بقواتهم المسلحة، ولكن قيادة القوات المسلحة واللجنة الامنية بمكوناتها جميعا اثرت الخنوع وقررت ان تضحي بارواح من جاءوا اليها خوفا من الطاغية وجبروته وحفاظا على كرسيه، رايت ذلك الحزن والخوف عليا كانهم يعرفونني منذ زمن بعيد، وكيف انهم يحيطون بي ومستعدون ان يضحوا بحياتهم لاجل حياتي وقد فعلوا ذلك عدة مرات فعلوها عندما تم ارسال قوات من الشرطة العسكرية لاعتقالي فاعترضوهم قبل ان يقتربوا مني، وفعلوها عندما تم اعتقالي اثناء حواري مع ذلك الجبان والذين معه وتبادلوا معهم الضرب واللكم حتى خلصوني من بين ايديهم، وفعلوها عندما شرقت شمس السابع من ابريل عندما تحرك احدهم بمدرعة نحوى واعترضوا طريقة واضعين اجسادهم على الارض امام المدرعة بأن ياخذ صاحبها حياتهم قبل أن يصل الى، وفعلوها عندما البسوني علم السودان ولبسوه كذلك حتى لا يميز القناص بيننا وهنالك الكثير الذي لا يحكي، يومها رايت الدروع البشرية بعيني دروع برغبتها لا باستخدامها او اجبارها، رحم الله الشهداء
مآب حنفي
واحمد تبيدي
وعمرو جمال
واحمد عبدالرازق
فهم أول من قدم روحه ودمه دفاعا عن اعتصام القيادة العامة وضعوا اجسادهم متاريس لغيرهم في اليوم الاول وقدموا دماءهم رخيصة ليحفظوا بها دماء الآلاف من ابناء وبنات الشعب السوداني، والرحمة والمغفرة للشهيد المعز عطاي الذي استشهد مع غروب شمس السادس من ابريل بالاربعين، والتحية للذين اصيبوا والتحية لرفاقهم الذين صمدوا بعد استشهادهم وواصلوا في قضيتهم في المقدمة على الرغم من قلة عددهم وعلى الرقم من انهم شاهدوا اخوتهم ورفاقهم فارقوا الحياة أمام أعينهم والتحية للذين جاءوا مع شروق الشمس للخط الامامي وزادوا من عزيمة اخوتهم، ستظل امسية السادس من ابريل وصبيحة السابع من ابريل محفورة في الذاكرة بكل حزنها وخذلانها وكذلك يومها ايقنت ان في السودان شبابا مستعدون لكل شي من اجل هذا الوطن، يومها رايت الشجاعة بعيني بان تواجه الموت بالصدور والحناجر ورايت الجبن كذلك بان تحمل السلاح وتصوبه نحو أعزل وكذلك ان تقف متفرجا على موت شعبك فقط لان الطاغية اراد ذلك.
الرحمة والمغفرة للشهداء وربنا يشفي المصابين ويرد المفقودين .
*نقلا عن سودان نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى