الرأي

كارثة انهيار التعليم.. ألم يحن الوقت لأن نعلن حالة الطوارئ؟

رؤى مغايرة

صباح محمد آدم

المشهد كارثي فيما يخص التعليم، وبشكل يومي نرى ما يؤكد ذلك، الأطفال الذين يقفون على الطرقات يبيعون خردوات حملها لهم أصحاب الدكاكين الذين يعانون من الكساد

ماري ليو، نائبة رئيس منظمة اليونيسيف في السودان، أشارت في ورشة خارطة الطريق نحو الاستقرار السياسي والتنمية المستدامة بشرق السودان، إلى أنه من بين كل (10) أطفال في شرق السودان هنالك (7) لا يستطيعون القراءة عندما يصلون سن العاشرة.
وفي تقرير لمنظمة إنقاذ الطفولة، فإن السودان يأتي في المرتبة الثانية للبلدان التي تتعرض فيها أنظمة التعليم للانهيار الشديد بعد أفغانستان. والمتابع لأحوال التعليم في السودان لا يغيب عنه تزايد الأطفال خارج مظلة التعليم المدرسي الأساسي، ولا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا التحذير الذي صدر في سبتمبر الماضي عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بالاشتراك مع منظمة (أنقذوا الأطفال)، يقول إن حوالي (7) ملايين طفل في السودان، أو ما يعادل ثلث الأطفال السودانيين، لا يتلقون تعليماً، ما يهدد بكارثة جيل.
وأشار البيان المشترك إلى أن واحداً من كل ثلاثة أطفال في سن الدراسة لا يذهبون إلى المدرسة في السودان، ودراسة أخرى أشارت إلى أن عملية تعليم (12) مليون طفل ستتعرقل بشكل كبير بسبب نقص المعلمين ووضع البنية التحتية.
المشهد كارثي فيما يخص التعليم، وبشكل يومي نرى ما يؤكد ذلك، الأطفال الذين يقفون على الطرقات يبيعون خردوات حملها لهم أصحاب الدكاكين الذين يعانون من الكساد وبوار بضاعتهم، أو الذين يحملون قطع أقمشة متسخة يهرولون وراء العربات وسط غضب وحنق أصحابها ليلقى لهم ببعض الجنيهات.
ما يحدث أمامنا ينبغي أن يجعلنا نشعر بالخزي والعار، لأننا لا نرى رؤية للدولة لمواجهة مثل هذه الكارثة، فوزير المالية الانقلابي لا يبدي هو أو حكومته أي اهتمام بأمر التعليم، ولا يتعاملون مع الأمر باعتباره شأناً قومياً، وليست هناك خطة واضحة للخروج من الأزمة، كل همهم الدعم الخارجي الذي أصبح مستعصياً بعد انقلابهم المشؤوم الذي لم يراع وضع البلد، وظنوا بضيق أفقهم أنهم يمكن أن يتحايلوا على المجتمع الدولي ويستمر الدعم.
في المقابل، قاموا بإهدار الموارد الموجودة التي نهبت عقب انقلاب 25 أكتوبر مباشرة، بعد أن انقض الفلول على الوزارات والمؤسسات واستعادوا مواقعهم القديمة. فقد أشارت تقارير صحفية إلى أن الفساد الذي أعقب الانقلاب كان أكبر من أن يتصوره الناس، وذلك كان أمراً متوقعاً من مجموعة بنت سلطتها على نهب ثروات البلاد.
الآن الحالة التي وصل إليها التعليم في السودان تهدد جيلاً كاملاً بالأمية، بعد أن أصبح حتى التعليم الأساسي غير ممكن للغالبية من الناس، وهو أمر لو حدث في أي بلد في العالم لأطلقت الدولة والمجتمع حالة الطوارئ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لكن في السودان، تطبع الناس بفضل سياسات الإنقاذ وتربيتها السيئة لمن في يدهم الحل والربط في جهاز دولة فاسد، غابت عنه الشفافية والمحاسبية لـ (30) عاماً.
الآن أصبح أمر التعليم مسؤولية مجتمعية، وعلى المجتمع السوداني الانتباه إلى كارثة تهدد بانهياره، وأن يوليه القدر الأكبر من الاهتمام. فقد ظل التعليم في السابق هماً من أكبر الهموم التي تواجه كل الأسر السودانية، وطالما كان منذ نشأته مدعوماً من الجماعات الأهلية سواء أكان على مستوى القرى أو المدن، وظل المعلمين/ات محل تقدير المجتمع أينما حلوا.
الآن الأمر أكبر من مجرد مؤتمرات ونقاشات قتلت بحثاً، لابد من خطة عاجلة تنظر إلى حجم الكارثة بمساندة مجتمعية من كل الفئات، فليس في صالح السودان أن يفقد أبناؤه الحق في التعليم الجيد، وأن يرزح أبناؤنا وبناتنا تحت ظلام الأمية بينما العالم حولنا يتقدم خطى بعيدة نحو تعلم جديد ومستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى