على القوات النظامية.. إرجاع أموال الشعب!! (2-2)
د. عمر القراي
(ولَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم
د. موسى كرامة، من كوادر الحركة الإسلامية، ومن الذين عملوا مع الإنقاذ معظم وقتها. فقد كان العضو المنتدب لشركة دان جديد للصمغ العربي، والمدير الأسبق للشركة السودانية للصمغ العربي. أنشأ مؤخراً منظمة غير حكومية سماها مركز الدراسات السكانية. تحدث د. كرامة عن هيمنة حكومة النظام البائد على الاقتصاد السوداني، من خلال خلق الشركات، وتمليكها اقتصاد البلد، ثم تسليمها لقيادات حزب المؤتمر الوطني البائد.
وعن الشركات التي تتبع للقوات النظامية، ذكر أن الشركات التي تتبع لجهاز الأمن والمخابرات الوطني هي (شركة النهضة ” شركة زراعية تركز على المنتجات الغذائية” -شركة الحدث: شركة أمن شخصي-شركة الحدث للحديد- شركة قصر اللؤلؤ “شركة تعمل في مجال التشييد” “ملاحظة : في 4 مارس أوردت صحيفة الصحافة اليومية أنه تم منح شركة قصر اللؤلؤ عقدا ضخما لتشييد مطار الخرطوم الجديد”). أما شركات وزارة الدفاع، فقد ذكر د. كرامة أنها تشمل (شركة النصر” يقال إنها تدار من قبل مكتب المالية والحسابات التابع للجيش – شركة سيلاش “تعمل في مجال الاتصالات والإلكترونيات، ويقال إنها تدار من قبل مكتب المخابرات العسكرية– الشركة المتحدة للكيماويات – جياد شركة إنتاج سيارات – دانفوديو “شركة ضخمة تعمل في مجالات تجارية واسعة، وفي مجال التشييد، والإنتاج، ويُعتقد أنها بدأت نشاطها كمؤسسة إسلامية خيرية).
وبالنسبة لوزارة الداخلية ذكر أنها تملك (جامعة الرباط ) جامعة خاصة ربحية تتلقى منح أراضي عامة-حامكو “مصدر للسكر وموزع لسيارات تويوتا”. وشركة حامكو هي المورد الرئيس لسيارات اللاندكروزر التي استخدمتها الحكومة في حملتها ضد المتمردين والمدنيين في دارفور. وأن أحمد هارون وزير الدولة للشؤون الإنسانية المتهم من قبل المحكمة الجنائية له صلة مباشرة مع هذه الشركة). وقال كرامة (إن ميزانيات بعض هذه الشركات تنافس ميزانيات كافة الوزارات، وأن معظم أرباح هذه الشركات تودع في بنوك في دبي، وماليزيا، وسنغافورة، وماكاو، وهونج كونج. وحسب ما أفاد فإن الشركات شبه الحكومية التي يديرها حزب المؤتمر الوطني هي أكثر الشركات تعقيداً حيث لا تمتلك أي وزارة أو فرد تحكما واضح فيها. وذكر بأن شركة “سيتكو” السودانية نموذج لإحدى شركات المؤتمر الوطني التي تحتكر سوق القمح منذ عام 1996 وحتى 2003 ثم انتقلت إلى تجارة الالكترونيات، والاتصالات لاسيما هواتف الثريا، وخدمات النفط). (الراكوبة 8 سبتمبر 2011م).
ومن أجل إرجاع الشركات التي تمتلكها القوات النظامية للشعب، لابد من الإفصاح المالي عن كلما يتعلق بهذه الشركات وعلى أقل تقدير، لا بد من التأكد من المدى الحقيقي للجدوى الاقتصادية لتلك الشركات، وما هي قدرتها الاقتصادية اليوم، حتى نتجنب الاعتقاد، في حال فشلت لاحقًا، بأن سبب فشلها هو نقلها إلى السيطرة المدنية. و المهم هنا أن تفى القوات النظامية بوعدها، وألا تتردد في إرجاع هذه الشركات الى حظيرة الحكومة (فقد وعدت منظومة الصناعات الدفاعية في نيسان/أبريل 2020 أن تخضع حساباتها إلى مراجعة حكومية شاملة. وبالفعل، قدّمت للوزراء الحكوميين عرضًا غير مسبوق عن شركاتها في الشهر التالي، غير أنها لم تفِ بوعد كشف بياناتها المالية إلى وزارة المالية. وشكا حمدوك في شهر آب/أغسطس من أن 80 في المئة من الشركات العسكرية هي “خارج ولاية وزارة المالية”، مضيفًا أن الوزارة لا تطّلع سوى على 18 في المئة من مداخيلها. (مركز مالكوم كير-كارينغي للشرق الأوسط 23 أبريل 2021م). إن المرسوم الأمريكي المتعلق ب”الانتقال الديمقراطي، والمساءلة، والشفافية المالية في السودان” اشترط التعامل بشفافية كاملة حيال الميزانيات، و شدد على الإفصاح عن كافة الأصول المالية الخارجية لجميع الأجهزة العسكرية والأمنية. فالمطالبة إذاً ليست من السيد رئيس الوزراء وحده، وإنما من الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً. وهي الآن تساعدنا في رفع اسمنا من قائمة الارهاب، واصلاح أوضاعنا المالية والاقتصادية، حتى نستحق الاعفاءات والجدولة، التي تخفف عن كاهلنا الديون التي حملنا لها النظام البائد. كما أن الافصاح الكامل عما تحتوي عليه هذه الشركات، سيوضّح بشكل جازم ما إذا كانت الشركات التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية تسدّد الضرائب والرسوم الجمركية والمستحقات الأخرى كرسوم التأمين الاجتماعي لموظفيها. هناك جدول رسمي أعدته وزارة المالية نشرته باحثة تسمى همسة أظهر (بوضوح أن الشركات العسكرية استفادت من إعفاءات مهمة من الرسوم الجمركية ورسوم الموانئ لمدة خمس سنوات على الأقل وحتى العام 2019، إن لم يكن لفترة أطول بكثير على الأرجح ). (المصدر السابق).
وحتى لو توفرت الإرادة السياسية، ونجحت جهود الحكومة في اقناع المكون العسكري بتسليم هذه الشركات وأصولها وأموالها الى وزارة المالية، فإن هنالك تحدياً كبيراً يتمثل في قدرة القطاع العام المدني على استلام، وممارسة السيطرة الفعالة على هذه الشركات وانجاحها. لقد اصدر السيد رئيس الوزراء قراراً أسّس به شركة السودان القابضة لاستلام وإدارة الأصول المستردة. وقرّر أن تتألف عضوية مجلس إدارتها من المدنيين حصرًا، مؤكدًا بذلك سيطرة الحكومة على عملية الاسترداد. فعلى هذه الشركة أن تهتم بتدريب الموظفين فيها، على كيفية استلام وإدارة هذه الأموال ومؤسساتها. وهناك شركات كانت تابعة للمؤسسات العسكرية، حولها البشير الى بعض أهله ومنسوبي حزبه. وكانت لجنة التفكيك قد اعلنت اعادة 120 شركة الى الحكومة وهذه أيضاً يجب أن يشملها تدريب الموظفين على إدارتها لصالح الوطن.
إن المطالبة بارجاع الشركات المملوكة للقوات النظامية، والتي تعمل الآن في الاستيراد والتصدير وكل النشاطات الاقتصادية، يجب أن يكون مطلباً شعبياً، يهتف به الثوار. وذلك لأنه من ضمن العدالة التي نادوا بها في هتافهم الشهير (حرية سلام وعدالة). وعلى لجان المقاومة أن تطرح في لقاءاتها مع المواطنين في الاحياء، ومخاطباتها المباشرة للجمهور، قضية هذه الأموال التي تستغلها القوات النظامية بغير حق، والتي يمكن أن توظف لتوفر عائداتها السلع الضرورية، والخدمات الضرورية للمواطنين.
ولابد أن تستمر الحكومة المدنية في المطالبة بهذه الشركات، كخطوة مهمة في طريق اصلاح الوضع المالي والاقتصادي بالبلاد . كما لابد أن تشرك معها المجتمع الدولي والبنك الدولي، والدول مستعدة لمساعدتنا باعفاء أو جدولة الديون، حتى تقنع المكون العسكري بالموافقة على التنازل للشعب عن أمواله وشركاته. وليعلم المكون العسكري إن إصراره على إبقاء تلك الشركات في يده، إنما يعني موافقته على ما قام به نظام الانقاذ البائد، حين كون تلك الشركات من أموال الشعب، ثم ملكها للمؤسسات العسكرية، وجعل على قمتها النافذين في حزب المؤتمر الوطني. وكانت هذه الشركات تمول قادة الحزب الحاكم، بينما تترك الضباط والجنود في الوضع المزري، الذي اشار اليه الفريق البرهان في حديثه بوادي سيدنا.