الرأي

عزيزي المواطن… هل أتاك حديث المافيا؟

مريم البشير

تتواصل الحملة التعريفية الخاصة بتوعية المواطن وتبصيره بحقوقه وكيفية انتزاعها بعد أن سقط قناع الدين وانفضح زيف المشروع الحضاري، وحتى لا تتكرر التجربة تحت أي غطاء ديني أو ديمقراطي على المواطن أن يكون جزءاً أصيلاً في الدولة وليس مورد جباية رغم بؤسه وفقره وهوانه. الفساد في المحليات عميق ومتجذر ومحمي بالقانون، ولأنَّ بالمثال يتضح المقال سنتعرف على مصاصي دماء المواطن السوداني الذي تنتهج الدولة استنزافه لآخر قطرة دم وعرق، وليعلم المواطن أنّ سياسات العمل في المحليات لا تختلف في العاصمة أو الولايات.

أوردت في مقال سابق طريقة تعامل محلية ربك بالنيل الأبيض مع مستخدمي الدرداقات وإلزامهم بالاستئجار من شخص له ارتباط مصالح مع المحلية بكل إداراتها وضباطها، ومن لم يستأجر منها يُعاقب بغرامة (30) ألفاً. وفي العاصمة الخرطوم التي أصبحت نموذجاً سلبياً محرجاً في تردي البيئة وتكدس النفايات، بينما المحليات السبع تغض الطرف عن مسؤوليتها ناحية المواطن وتواصل في الضغط عليه واستنزاف مجهوده. هل تعلم عزيزي المواطن أنّ العاصمة توجد في محلياتها إدارة تُسمى (إدارة الدرداقات)؟! وأنَّ محلية الخرطوم قامت بعمل عقد مع أشخاص محسوبين على المؤتمر غير الوطني، فيتم إلزام كل من يعمل بدرداقة العمل داخل الإدارة المتفقة معها المحلية لتحصيل الدرداقات، وأي شخص يدخل بدرداقة خاصه به يُغرم مبلغ (300) جنيه؟! أما الإدارة العامة للدرداقات ومقرها السوق المحلي تستأجر الدرداقات لكل من يرغب بشرط تخصيص مبلغ محدد من إدارة الدرداقات يُورد يومياً، وما يجده من دخل إضافي يذهب لمن يستأجر الدرداقة، أرأيتم المافيا على أصولها؟! أرأيتم استنزاف المواطن حتى في أبسط أسباب الرزق؟!

إذن فحلقة الفساد مكتملة بدءاً بالمحليات والوحدات الإدارية وفروع جهاز التحصيل الموحد والمؤسسات والهيئات خاصة هيئة الطرق والجسور ووزارة البنية التحتية، انتهاء بتحصيل شرطة المرور وهنا تُرسم خطط القضاء على المواطن. فلننتبه ونعرف حقوقنا طالما أصبحنا أو أصبح جيب المواطن في دولة عباقرة الاقتصاد هو المورد الوحيد لدولة حباها الله بخزائن في باطن الأرض وفوقها، ولعل هذا الفساد الممنهج لم يستطع الإعلام بكل أنواعه التطرق إليه ومعالجته. لقد ظل الإعلام إحدى أدوات التضليل وشغل المواطن بمواضيع انصرافية باحتراف، وما يُحمد لثورة ديسمبر المجيدة أننا استطعنا أن نعرف مكامن الخطر وكشف الفساد ورواده وحُماته.

لعلك لا تُصدق إذا علمتَ أنَّ النيابة المناط بها بسط العدالة وتطبيق القانون على الجميع، إذا اعترض المواطن على أي إجراء لا يصب في مصلحته يتم اقتياده للنيابة ويُفتح له بلاغ أمر محلي، ويدفع غرامة مالية حتى لا يتجرأ مرة أخرى للوقوف ضد مصالحهم. ووكيل النيابة الذي من المفترض أن يقف في صف المواطن وينصفه تجده يرقص على أنغام من يغنون له، وذلك بشراء ذمته المهنية بتوفير وقود أسبوعي وحافز شهري من المحلية له ولمن يعملون معه. وهو طبعاً سلطة أعلى من القانون لحماية دولة (المافيا) وهي (المحلية) داخل دولة، فإن لجأ المواطن مظلوماً للنيابة يتم إرجاعه وأمره بعمل (تسوية مع ناس المحلية) هكذا يُقال له، المقصود الضباط الإداريون، فيضطر المواطن لتنفيذ ما يُخططون له مُرغماً. بكل أسف هذه هي الدولة التي نعيش فيها، دولة المفارقات، الدولة التي لا تحترم شعبها ولا تخشى الله فيه.

* همسة

وتتواصل الحملة

# أعرف حقك وأحرسه

# بالوعي ننتصر لكرامتنا

# بالوعي نبنيك يا وطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى