الرأي

ضوء في نهاية النفق… وحدة قوى الثورة على طاولة البحث

#كلمة_الهدف

مع انحسار التوهمات حول ما سُمي بالعملية السياسية، التي عُمل على أن تستأثر باهتمام قطاع غير يسير من الرأي العام، وتصويرها وكأنها الحل، بل والحل الأوحد، واختزال الصراع الدائر فى البلاد حصرا على أطرافها، مثلما استقطبت قوى كان لها دورها في الحراك السياسي، فقد بدأت تبرز الصراعات، وبتركيز، حول السلطة بين أطراف العملية السياسية، لا سيما المكونات الانقلابية العسكرية وشبه العسكرية، التي احتدم التنافس بينها بشكل عرقل ومدد أجل توصل الأطراف لاتفاق نهائي، كما سمته العملية السياسية، تنشأ على أساسه مكونات السلطة الانتقالية.
وشغل الرأي العام حينا من الوقت بمراقبة تيرمومتر الصراع العسكري – العسكري، وما يرتبط بذلك من مناورات وضعت البلاد على شفا المواجهات والصدام، ظل الفلول يروجون لها ويعملون لإشعال فتيلها. ويسعى المكون العسكري الانقلابي، وهو يتحايل لشراء الوقت وتأجيل التوافق النهائي، إلى ضمان حصة أكبر من السلطة وامتيازاتها، ووجود ملموس ومؤثر داخل مؤسسات الحكم الانتقالي من خلاله يستأثر بصنع القرار، وحصانة من الملاحقات والمساءلات القانونية الوطنية والدولية، لضمان رجحان ميزان القوى لكفته، بمزيد من إضعاف الأطراف التي انساقت إلى خطته وعزلت نفسها عن الشعب وعن القوى الحية وسط تنظيماتها، إضافة إلى مزيد من تعويم العملية السياسية بقوى الردة والفلول وواجهاته.
ومن الجهة الأخرى، أصبحت قضية الجبهة الشعبية العريضة تكتسب زخما يوما بعد يوم، ويزداد الوعي بأهميتها وضرورتها، كأداة لمواجهة تردي الأوضاع الراهنة والخروج من مأزقها، بحشد أوسع إرادة شعبية فى إطارها.
وعلى خلفية التراجع المؤقت والإرباك في مد الحراك الثوري، وتغليب بعض القوى الثورية الخلافات والتباينات الثانوية على التناقض الرئيس، المهدد لوحدة البلاد واستقرارها واستقلال القرار الوطني، والمعني بذلك الانقلاب وجهود شرعنته وإطالة أمده، وما يقابل ذلك من انتقال الفلول وقوى الثورة المضادة، برعاية المكون الانقلابي، من مواقع الدفاع إلى مواقع الهجوم على الثورة وقواها ومنجزاتها، التقت مجموعة مهتمة بالشأن العام، تضم قيادات سياسية ورموز للمجتمع المدني، يوم الإثنين، مع قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، بداره بالخرطوم، وكانت المخاطر والمهددات التي تكتنف الوضع السياسي القائم هي موضوع البحث والتفاكر بين الجانبين.
وعززت خطورة الأوضاع، التي أمن عليها المجتمعون، بدلالة المعطيات التي تم تأشيرها، القناعة لدى الطرفين بعدم جدوى ونجاعة الاتفاق الإطاري وملحقاته، في تقديم حلول حقيقية وجادة للأزمة التي تتردى فيها البلاد منذ 25 أكتوبر 2021، وتتفاقم يوميا بسبب عدم أهلية المكون الانقلابي لإدارة البلاد، كما أن الإطاري نفسه، كما خلص المجتمعون، ينطوي على خلق أوضاع مشوهة، ويساهم في استمرارية هيمنة العسكر، ويعطل مطالب الشعب الثورية، ومن ثم ينبغي تطوير الموقف السياسي، بالانطلاق من نقد الإطاري إلى تبني تحرك فعال لإسقاط الوضع الانقلابي وإفرازاته، بالتظاهرات والإضرابات، وصولا للإضراب السياسي والعصيان الشامل.
وأمن المجتمعون على أهمية قيام جبهة شعبية عريضة لتوحيد وتنسيق قيادات ونضالات قوى الحراك الثوري، وكافة القوى المناهضة للانقلاب على طريق الخلاص الوطني الديموقراطي عبر الانتفاضة الناجزة.
وأكدت المجموعة، التي التقت في وقت سابق مع أحزاب أخرى، انها ستواصل لقاءاتها مع القوى الأخرى، ولاقتراح اجتماع موسع في ختام تلك اللقاءات للتداول حول المشتركات والتأسيس عليها، لمخاطبة قضايا البلاد المصيرية.
وكان حزب البعث العربي الاشتراكي، قد ابتدر من جانبه، سلسلة من اللقاءات مع القوى السياسية، شملت ايضا بعض القوى الاجتماعية والمكونات المهنية والفئوية، بغرض تقريب وجهات النظر حول قضايا العمل المشترك لتصعيد وتوسيع قاعدة مقاومة الانقلاب وإسقاطه.
تشكل هذه اللقاءات نقطة مضيئة في عتمة النفق الذي دخلته البلاد، وبادرة مبشرة تؤكد قدرة القوى الحية لشعبنا في تجاوز كافة المعوقات من أجل شق الطريق أمام انتقال حقيقي للديمقراطية والتغيير بقيادة سلطة مدنية تجسد إرادة قوى وطلائع انتفاضة ديسمبر الثورية وتعبر عن مبادئها في الحرية والسلام والعدالة، وفتح الآفاق لنظام ديمقراطي مستدام.
فلا سلطة لغير الشعب ولا وصاية على الشعب
*منقول عن الهدف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى