الرأي

ذكرى عيد القيامة غربا

من دحرج الحجر؟

وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ… فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ … لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ!. (متى 28: 2، 6)

تتمحور العقائد الدينية على مبدأ الإيمان، ولكل منظور روحي عالمي قاعدة أساسية، تعتبر المركز والقوة المحركة لها، بدونها تفقد العقيدة تميزها وأسباب بقائها، (قيامة المسيح) هي المركز والقوة المحركة للمسيحية. وبما أن العقائد هي عبارة عن تفسير، والتعبير عن أهداف وغايات الوجود وأسبابها، فالكتابة عنها يأخذ جانب عقلي لأثبات الجانب الإيماني، والعكس صحيح. كما ذكر القديس والفيلسوف توما الأكويني في تصريحه عن (الإيمان والعقل في كتابه الخلاصة اللاهوتية) قال إن: ” المعرفة، تفرض الإيمان من خلال دليلها الذاتي أو قابليتها للإثبات من مقدمات بديهية، والإيمان “فعل العقل الذي يوافق على الحقيقة بأمر من الإرادة (الطوعية)”. توجد كلمات متسلسلة في تصريح الأكويني، (المعرفة، الإيمان، الدليل الذاتي، موافقة العقل للإرادة)، إذا ما تعرفه من معلومات قد يقود إلى تفعيل دائرة الإيمان، من خلال دلائل اثباتية يقنع العقل بالإرادة للقبول بالحقيقة المعرفية. هذه المبادئ تقود أحيانا إلى تغيير وتحول النمط أو النموذج الفكري، (البرادايم paradigm). في هذه الحالات لا يتغير تفكير المرء فجأة، كمال قال كاتب من (دحرج الحجر؟): “ليس كما في وميض البصيرة أو الإلهام، ولكن ببطء، بشكل غير محسوس تقريبًا، بسبب عناد الحقائق نفسها”. هذه العبارة حدثت فعليا، في حياة رجل علماني له إيمان راسخ في مبدأ التشكيك سيما في استحالة حدوث المعجزات وقيامة الأموات، فشرع لأجل أثبات فكره من خلال وضع مخطط تأليف كتاب لتحقيق هدفه وهو الكاتب الأديب (ألبرت هنري)، الذي اشتهر باسم (فرانك موريسون). جذبته غرابة قصة القيامة، وبتأثير من المفكرين المتشككين في مطلع القرن التاسع عشر شرع في المشاركة واضافة شكه في قائمتهم، استخدم موريسون قدراته القانونية في جمع الأدلة والقرائن، والباحث المحقق بشخصيته الصحفية. بعد سلسلة طويلة من الأدلة، والأثبات الفكري المثير للسجل التاريخي، بدافع وحيد هو أن يفهم المسيح من خلال المحرك المركزي والمحور الأساسي في العقيدة المسيحية.
صدر كتاب “ألبرت هنري روس (1881- 1950)، شخص مبادئه قريبى للإلحاد له إيمان راسخ في مبدأ التشكيك سيما في استحالة حدوث المعجزات، إلا أنه في نفس الوقت وجد نفسه منجذبا لشخصية السيد المسيح، قال: ” كان لدي احترام عميق وموقر للسيد المسيح، فبدا لي رجولته النبيلة قوة رادعة لكل استخفاف يبدر مني”، إذا لم يستطيع مقاومة رغبته طول حياته في الاهتمام به، وفي نفس الوقت كان يسعى بكل ما يملك، من مقدراته الصحفية وفي الكتابة ليثب استحالة فكرة القيامة من الأموات، أي (الموتى لا يقومون)، فدرس الكثير من الكتب التاريخية، المعاصرة لأيام السيد المسيح، مثل كتابات المؤرخ الروماني واليهودي الأصل (يوسيفوس)، ودرس عن شخصية الوالي الحاكم، الذي انتزع منه قادة السنهدريم الموافقة لتنفيذ حكم الإعدام، دروس وحقق عن كل مرجع له صلة بقضيته في ذلك العصر. بحثا عن قضية السجين المتهم؟، اختار روس إتجاها مختلفا بعد جمع كل الأدلة ليكتب عن “فضح قيامة يسوع”، تحول كتابه إلى عنوان “الكتاب الذي رفض أن يُكتب” وليشتهر فيما بعد بعنوان “من دحرج الحجر؟”. لأن القبر كان فارغا، لتبعث رسالة الملاك: فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ :«لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ. وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى