الرأي

دعوة إلى بناء السلام وإنهاء العنصرية

احتفل العالم أمس 21 سبتمبر 2022 باليوم العالمي للسلام، تحت شعار (إنهاء العنصرية وبناء السلام). أعتقد أن الأصح هو أن نقول (بناء السلام وإنهاء العنصرية)، لأن العنصرية لا تنمو إلا في ظل غياب السلام فهو أفضل سلاح لإنهاء العنصرية، بل وكل السلوكيات التي تجعل الإنسان يعادي أخاه الإنسان. وهنا لا نتحدث عن السلام الذي يعني وقف العنف والسلوك العدائي الظاهري، بل عن السلام الداخلي الذي يمنع حتى التفكير في معادة الإنسان لإخيه الإنسان بدافع الخلاف أو الاختلاف.
في السودان اليوم، نعمل من أجل حياة جديدة أساسها السلام الذي هو أحد من أهدافنا وأحلامنا، وأسقطنا من أجله النسخة الأولى من النظام الذي حرمنا منه (30) سنة، ونصارع من أجل إسقاط النسخة الثانية بإصرار، وسنصارع أيضاً أي نسخة جديدة تتبع لهما. لذلك علينا أيضاً أن نعمل في نفس الوقت على بناء السلام في دواخلنا، لأننا إن لم نفعل فلن نحقق السلام الاجتماعي، وعليه لن نهزم العنصرية ولا كل أنواع العداء لبعضنا، والأسوأ لن تنتهى سطوة العصابات السياسية التي تستخدم سلاح عدم السلام لتضمن استمرار الصراع الذي يحقق لها مصالحها.
عندما يؤمن الناس بالسلام بصدق فإنه يتحقق ويتغير كل شيء على أرض الواقع، لذلك علينا أن نبدأ الآن في وضع حجر الأساس لبناء السلام في دواخلنا، فالغالبية منا يعانون من عدم السلام الداخلي، الأمر الذي جعل الناس في حالة صراع دائم ويقعون في الخلافات لأتفه الأسباب.
أن نبني السلام في دواخلنا فهذا ليس أمر فوق حدود إمكانياتنا، بل هو سهل جداً، علينا أولاً أن نحسن النوايا ونتقبل بعضنا البعض على الرغم من الاختلافات السياسية والدينية والثقافية، فالله خلق الناس مختلفين وهيأ لهم فرص التعارف والتآلف ليسعدوا ببعضهم، علينا أن نفهم الخوف الذي يولد فينا العنف، لأننا إن استمرينا في تجاهله فلن نتوقف عن العنصرية والإحساس بالعداء والمراعية.
وعلينا أن نعدل من قناعاتنا، نتشارك الآراء بصراحة، نناقشها بروح الوعي، ونفهم الرسائل بشكل صحيح، فعدم الاهتمام بوجهات نظر الآخرين وعدم فهم الرسائل وسوء النوايا كلها من الأسباب التي تجعلنا نفقد السلام، والأهم من كل هذا علينا أن نتعلم التسامح لأن له انعكاسات ونتائج عميقة ومفيدة وثرية على الفرد والمجتمع، ويؤسس لسلام داخلي قوي.
كذلك من المهم جداً أن نكون مسالمين ونشجع على تكوين بيئة ثرية بثقافة السلام وأنشطته كالموسيقى والرسم وغيرها من ضروب الإبداع، ومن المفيد أيضاً أن نكون مفكرين لا نقبل الأمور كما نسمعها أو كما تبدو لنا ظاهرياً، ولا نتبع أهواء النفس فهي أمارة بالسوء ويجب أن تقاوم.
الأهم من كل هذا، علينا دائماً أن نبحث عن المغفرة لا عن الانتقام، واعلموا أن المغفرة ترفعكم وتعلمكم كيف تتعاملون مع المشاعر السلبية وكيفية تجاهلها. كونوا أنتم التغيير الذي تريدون أن تروه في الوطن، وتغيروا قبل أن تدعوا الآخرين للتغيير، كونوا جزءًا من الحل وليس المشكلة.
وأخيراً، اختاروا أن تبحثوا عن الأشياء الجميلة وستكتشفون أنه لا شيء في الدنيا أجمل من السلام، دعونا نرفع من مناعتنا ضد الصراعات والخلافات والعنف والعنصرية، من خلال تغذية نفوسنا بالسلام الداخلي، وهذه بلا شك أفضل مشاركة لكل مواطن ليتحقق السلام الشامل والحقيقي والدائم، فتنتهي العنصرية وكل أشكال كراهية الإنسان للإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى