الرأي

دخول الديمُقراطيين في مربع صراع الثورة المضادة والتحالف مع القتلة غير مقبول ومُضر بمستقبل البلد

نضال عبد الوهاب
أصبح جلياً لكل شعبنا وجود طرفي صراع بين القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري والعملية السياسية الداعمة له، أحدهما مُتمثل في الجيش وعناصر الكيزان داخله بقيادة البرهان وجنرالاته في اللجنة الأمنية، ومعهم المجموعات التي ساندت ودعمت الانقلاب من أطراف سلام جوبا والكتلة الديمُقراطية والاتحاديين فرع “مولانا” وابنه جعفر، والجناح الآخر هو جناح مليشيا الدعم السريع ومجموعة الحرية والتغيير الجسم المركزي.
الجناح الأول مدعوم بشكل مُباشر من مصر ومخابراتها وحكومتها، والجناح الآخر مدعوم بشكل مُباشر من الإمارات وحكومتها ومخابراتها.
هذا الصراع أصبح مكشوفاً ويتجه شيئاً فشيئاً للمواجهة العسكرية الحتمية والتي وقودها الناس والمدنيون ودولة البنية السُودانية الهشة، صراع ليس لشعبنا أي مصلحة فيه، لا لدولته، ولا لثورته، ولا لمطالبه، ولا لمُستقبله.
أطراف الصراع من العسكريين وداعميه في الكتلة الديمُقراطية ودولتي الثورة المُضادة الإمارات ومصر هم من أحدثوا الانقلاب ودعموه ووقفوا حجرة عثرة أمام أي انتقال ديمُقراطي في السُودان، وضد أي تغيير لما خربه الكيزان في الاقتصاد أو السياسات، يحاولون الاستمرار في نهب السُودان وأعمتهم مطامعهم، ودول لا تراعي غير مصالحها من الإمارات إلى مصر والسعودية وصولاً إلى روسيا وما وراء البحار.
تحاول مجموعة المجلس المركزي تصوير الصراع بأنه بين الذين يريدون انتقالاً مدنياً وديمُقراطياً والكيزان ومجموعاتهم من القوى التي لا تريد انتقالاً مدنياً وديمُقراطياً، وتريد إنفاذ اتفاق وعملية سياسية حتى وإن ضحت فيه بالعدالة الانتقالية وبإزالة تمكين المليشيات أو بمحاسبة القتلة وأعطتهم الحصانات. كل ذلك من أجل المغزى الحقيقي وهو الوجود في السُلطة.
التخلص من الكيزان مقابل الإبقاء على الدعم السريع، والوصول بواسطته إلى السلطة عبر “حصان” الدعم السريع و”جناح” الإمارات.
في المقابل، لا يقف الكيزان وجنرالات الجيش ومجموعة جناح مصر مكتوفي الأيدي، ويعملون على فرض واقعهم الانقلابي المُسيطر، وأن تكون لهم الغلبة في حال الذهاب إلى العملية السياسية وإتمامها بما لا يضر مصالحهم ونفوذهم ونهبهم.

موكب ٢٨ فبراير … الثورة السودانية

هذه الأطراف من العسكريين والمدنيين، مع التسليم بأنهم جزء حقيقي من الواقع، إلا أنهم وتبعاً لذات الواقع ليسوا أهلاً لتغيير أو انتقال ديمُقراطي يقود إلى سُلطة مدنية حقيقية ومسار يؤسس لدولة توازي تضحيات شعبنا أو حتى جزء مُقدر من طموحاته المشروعة.
رهن إرادتنا لمصالح العسكر والمليشيات والكيزان وقوى الثورة المُضادة لا يصنع أي نتيجة مُبشرة وصحيحة لشعبنا في الحاضر ولا المُستقبل، ليس من مصلحة شعبنا هذا الصراع المحموم الدائر وتخندقاته بين مجموعة الجيش والكيزان وداعميهم، ومجموعة الحرية والتغيير والدعم السريع وداعميهم.
نعول، ولا نزال، على شباب السُودان ورجال ونساء المستقبل لتكون لهم اليد الطولى، مسنودين بالقوى الديمُقراطية والثورية الحقيقية لصنع الفارق. لم يحم الانقلابيون شعبنا، بل شاركوا ويشاركون في قتله، ولن تحمي الإمارات أو مصر مصالح شعبنا في الديمُقراطية والنهوض الاقتصادي لأنهم يرمون شباكهم بشكل يومي لنهب وصيد ثرواتنا ولا يزالون في هذا الطريق.
دخول أي ديمُقراطي حقيقي في هذا المُستنقع، ودعم أي طرف من أطرافه يدعم قوى الثورة المُضادة ويتحول لأداة من أدواتها ليس إلا.
الوقوف مع العملية السياسية لا يعني الوقوف ضد الكيزان فهم موجودون داخلها، ولكن الصحيح الوقوف ضد مجموعة منهم، وفي ذات الوقت الوقوف بشكل كامل مع مصالح الإمارات. والوقوف ضد العملية السياسية بشكلها الحالي لا يعني الوقوف في خط الكيزان وداعمي الانقلاب، لأن الخط الثوري الديمُقراطي معروف الوجهة، ضد الكيزان وحكم العسكر والمليشيات، وضد قوى الثورة المُضادة. وعندما قاوم شعبنا انقلاب 25 أكتوبر قاومته ورفضته كل مكونات الانقلاب من كيزان وعسكر ومليشيات وانتهازيين وفلول.
محاولات تقسيم القوى الديمُقراطية بين داعمين للاتفاق وضده محاولات لإقناع شعبنا للقبول بالقتلة وبسطوة قوى الثورة المُضادة، الصحيح هو نفض الأيدي الديمُقراطية وعدم تلوثها بأي تحالفات مع القتلة تحت أي مُبرر، فصراع القتلة والعسكريين والمليشيات والكيزان لن يوقفه الاتفاق الإطاري بل سيقويه وسيشعله، وتتفرق بينهم الثورة المُضادة لكنها ستتفق على استمرار نهبنا والاستمرار في تمزقنا، وعلى استمرار حُكم العسكر والمليشيات.
ليعود لبعض العقل الديمُقراطي المُتخندق مع القتلة إلى مكانه الطبيعي لصالح شعبنا، وليس لصالح قوى الثورة المُضادة والمليشيات والعسكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى