الرأي

حاسب… أمامك حفرة..!!

بعض عباقرة الصحافة يريدون أن يدخلوا علينا (باللفة) عبر الباب الخلفي ليدافعوا عن حق جهاز الأمن والمخابرات في إنشاء قوة عسكرية ضاربة..! وحقه في اعتقال خلق الله في سجونه ومعتقلاته الخاصة و(بيوت أشباحه).. وحقه في حيازة سلطات الضبطية والتقرير بذمم العباد.. ليجعل من هذا الجهاز سلطة قائمة بذاتها ودولة داخل الدولة.. وهذه سكة إنقاذية قطع الله دابرها..!

بيوت الأشباح… قصص جرائم يتفاخر بها الأمن السوداني

إنهم يعارضون ما أجمع عليه السودانيون بمختلف طوائفهم السياسية والمدنية والنقابية والحزبية والحقوقية بعد التجارب الاستبدادية القهرية المريرة.. بأن يكون جهاز الأمن والمخابرات جهازاً يعمل تحت كنف الحكومة المدنية ويقوم بجمع المعلومات ووضعها أمام أصحاب القرار السياسي المدني… ولكن عندهم (كل هذه الخلوق خاطئة) وهم وحدهم أصحاب العبقرية الأمنية الذي تنكشف له أسرار الإلهام ..! وربما بعض الناس يستعذب الظُلم ويريد تقنينه.. كما يقول حافظ إبراهيم ( لقد كان فينا الظلم فوضي فهُذِّبت/ حواشيه حتى بات ظلماً مُنظّما)..!!
أنها حجة سلطوية شمولية إنقاذية (ارتدادية) تآمرية تريد أن تعيد لنا..ليس اختراع العجلة وإنما الجرائر الفادحة والجرائم الكبرى التي تم ارتكابها في حق الوطن وفي حق أهله بسبب هذا النوع من الهيئات التي تفارق قوانين تأسيسها وصلاحياتها والاجهزة الشمولية الاستبدادية والجزر السلطوية المعزولة والمراكز الخفية التي تعمل في الظلام،..! إنها دعوة للعودة إلى جهالات أجهزة قوش وأصحابه وصنائع الإنقاذ الفاسدة التي جعلت من جهاز الأمن قوة موازية.. لها جيشها وأسلحتها التي تتفوّق على أسلحة الجيش.. والتي تعمل بمعزل عن السلطة الحاكمة.. بل إلى درجة أن أصبحت مؤسسة الرئاسة نفسها والحكومة بكاملها رهينة لجهاز الأمن…! وبما إنهم يضربون لنا الأمثلة بـ(السي أي إيه واسكتلنديارد والـ أم آي 6) فليحدثنا هؤلاء العباقرة إذا كانت أجهزة المخابرات العالمية تمتلك الجيوش والدبابات والراجمات والمجنزرات التي تضاهي قوة الجيوش النظامية وتقوم بمهام الشرطة وتقتل الناس وتنشئ حراساتها الخاصة.. وتجوب الطرقات بمصفحاتها وتاتشراتها ودوشكاتها..!!
إنهم يقدمون بعض الحجج المهترئة التي تحاول التعالي على عقول الناس والسخرية من الفهم المتقدم الذي وصلنا إليه في السودان بإعادة صياغة المؤسسات الوطنية وفق المنظومة الديمقراطية التي تجعل الأمن والاستخبارات جهازاً للمعلومات والرصد وليس للقتل والقمع والعمل بالسياسة والتجارة..! وهو فهم رشيد يضع الشرطة أيضاً في إطارها الصحيح تحت الإمرة المدنية وفي خدمة الشعب.. لكن بعض الناس لا يعجبهم هذا الحال لان تربيتهم و(حبال مودتهم) منسوجة مع نظام الإنقاذ الذي أفسد جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها.. بل إن نظام الإنقاذ المنكود نفسه أصبح ضحية لهذا التآمر الذي (عاسه) بيديه.. (ولكل شيء آفة من جنسِه/ حتى الحديد سطا عليه المبردُ) وذلك عندما جعل من موظفي المؤسسات الأمنية والشرطية مراكز قوى..وأباح لأجهزة الأمن والقوات النظامية المتاجرة بالدولار وحيازة عشرات المرافق الاقتصادية ومئات الشركات القابضة وآلاف الدكاكين التي تعمل في الوارد والصادر.. وفي بيع وشراء الخبز والدقيق والسمن واللبن والحبوب والماكينات والسيارات والخيش و(المكالمات الهاتفية)..!!
هذه سخرية مريضة تريد أن تعيد ميت الرمم وتنفخ الروح في الأفكار السلطوية البالية.. وتتهالك في الدفاع عن باطل التجربة الأمنية للإنقاذ وتراث الاخونجية.. ويؤذيها عبير الحرية وأفكار المراحل الانتقالية التي تريد التأسيس للديمقراطية.. إنها آراء تُبطن كراهية عميقة للديمقراطية وللمجتمع المدني والحياة المدنية وللأحزاب التي تؤمن بالديمقراطية.. وكل من يعادي هذه الركائز يجد نفسه تلقائياً في صف الشمولية والأنظمة الاستبدادية أراد أم لم يرد… فما بالك إذا كان (يريد ويقصد) هذا الوقوف مع الشمولية (عنية) ويضنيه الحنين لأيام الإنقاذ.. فهو يريد جهاز أمن قمعي يتمنطق بالأسلحة الثقيلة ويمارس إرهاب الدولة ويعتقل الناس من منازلهم ويقتحم حرماتهم ويطارد الأحرار ويقوم بالفبركة السياسية حسب ما يهوى بغير مرجعية قانونية ولا ضوابط مهنية.. بل يشترك في قتل الناس وحيازة الموارد العامة.. ولا تسمع يا صديقي للعبارات المنمقة التي تحاول تسويق هذه الأفكار الباطلة بنعومة وبتعبيرات استدراكية بين الأقواس…! فماذا ترك جهاز أمن بهذه المواصفات والصلاحيات للجيش الوطني وللشرطة المهنية وللقضاء وللنيابة ولحكم القانون..!!
هذه (شنشنة من مخازيم) يتحاملون على الديمقراطية والحكم المدني بلسان موتور.. وهي مقولة عرجاء و(معووووجة) يجب أن يضرب الناس عنها صفحاً وأن يطووا عنها كشحاً وينظروا لها شذراً (وما كل مَن قال قولاً وفى/ ولا كل مَن سيم خسفاً أبى) باعتبارها من الشراك المهبورة التي لا تفوت حبائلها حتى على (العصافير الغشيمة).. الله لا كسب الإنقاذ وميراثها القبيح..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى