تقارير

جيستيس أنفو): الرغبة في العدالة الانتقالية تظل قضية رئيسية للشعب

ترجمة – آلاء عبدالرحيم
اشار تقرير في موقع (جيستيس انفو)، الذي يغطي مبادرات العدالة الانتقالية، انه ربما اعتقد الكثيرون أن العدالة الانتقالية قد ضاعت، بعد أن خنق انقلاب 25 اكتوبر، الانتقال الديمقراطي، أو غرقت في وسط المنافسة بين الأحزاب السياسية والتهديد بالمواجهة بين المكونات العسكرية، ومع ذلك وفقا للمشاورات في العاصمة السودانية الخرطوم والاقاليم خلال الأشهر القليلة الماضية، تظل الرغبة في العدالة قضية رئيسية للشعب السوداني.
قال خبير العدالة الانتقالية والمسؤول السابق في الأمم المتحدة عبدالسلام السيد أحمد لموقع (جيستيس انفو)، “إن قضية العدالة كانت ولا تزال مركزية للغاية بين الشباب الذين فقدوا أصدقاءهم وبين العائلات التي فقدت بعض أفرادها، وبسبب الفظائع المتعددة خلال العقود الثلاثة لنظام عمر البشير، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أجزاء مختلفة من البلاد ماتزال هذه قضية كبيرة ولا سيما في دارفور”.
ويعتمد التحالف المدني – قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي، وهو حجر الزاوية في معارضة الحكومة العسكرية على هذا التعطش للعدالة، عندما تفاوض على الاتفاق الإطاري مع المجلس العسكري لإنهاء الأزمة السياسية والتوقيع في 5 ديسمبر 2022، استبعدت خمس قضايا حساسة اولها قضية ازالة التمكين وقضية شرق السودان وقضية مراجعة اتفاقية جوبا للسلام وإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية والعدالة والعدالة الانتقالية، واتفق الطرفان على معالجة هذه القضايا بعد توقيع الاتفاق الإطاري في خمس ورش عمل.
يقول خبير حل النزاعات وحقوق الإنسان ومدير منظمة مكافحة الفساد سليمان بالدو ل(جيستيس انفو) ” كان الفكرة هي توسيع المشاركة في عملية التشاور وعرف التحالف المدني أن سرية المفاوضات مع المجلس العسكري ستلقي باللوم عليهم وأنهم بحاجة إلى توسيع قاعدتهم لتشمل مكونات أخرى من ثورة ديسمبر 2018 التي أدت إلى سقوط الرئيس السابق البشير.
عقدت ورش العمل الخمس في الفترة من يناير إلى مارس، تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونتامس)، وكان الهدف من ورشة العمل حول العدالة والعدالة الانتقالية، مواجهة مركزية الخرطوم في بلد يعاني من التوترات بين المركز والأقاليم، وعليه تقرر عقد الورش في الفترة من 11 إلى 15 مارس في المناطق التاريخية الست في البلاد- الشرق، النيل الأزرق، دارفور، كردفان، الشمال والوسط، والتي شارك فيها أكثر من 30 منظمة في التحالف المدني من أجل العدالة الانتقالية المكون منذ عام 2019. ورش العمل التي اقيمت في مناطق الانتهاكات مكنت من إشراك عدد كبير من اصحاب المصلحة والضحايا، لأن هناك مستويات مختلفة من الفظائع وأنواع الانتهاكات.
يقول السيد أحمد الذي ساعد في تنظيم هذه الورش لجيستيس انفو، “الجانب الآخر غير المرئي، هو أنك عندما تذهب إلى المناطق تكون أقرب إلى الضحايا وأقرب إلى الأماكن التي ارتكبت فيها الانتهاكات وسيتم التعرف على توقعات وأولويات الضحايا”.
نحو حكومة انتقالية مدنية
لقد تمت مناقشة ملاحظات الورش خلال المؤتمر الوطني الختامي الذي عقد في الفترة من 16 إلى 20 مارس في الخرطوم، حيث اجتمع عدد كبير من ضحايا نظام عمر البشير في قاعة الصداقة، ولم يقتصر الأمر على تمثيل مجموعات الضحايا من جميع أنحاء البلاد فقط، بل أيضًا تمت مشاركة كل من الكيانات النسوية والأحزاب السياسية ولجان المقاومة التي تعد العمود الفقري للثورة، والتي لم تكن موقعة على الاتفاقية الإطارية، وكانت شديدة الانتقاد في المناقشات. وعليه تم تجميع مطالب ورش العمل الإقليمية حول العدالة الانتقالية في “إعلان المبادئ” المكون من 16 نقطة وتم تضمينها في مسودة الاتفاقية النهائية.
ووفقًا للنقطة 16 من إعلان المبادئ على النحو المبين في مسودة الاتفاقية النهائية، يجب على السلطة التنفيذية الجديدة تعيين لجنة عدالة انتقالية مستقلة لوضع قانون واسع النطاق والذي يشمل انتهاكات حقوق الإنسان – الانتهاكات الناتجة عن عنف الدولة، النزاعات المسلحة والمدنية والانتهاكات التي تحدث في مناطق التنقيب عن النفط والتعدين، وبناء السدود وكافة الانتهاكات ضد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يقول أحمد: “ان قضية الأرض مركزية للغاية فيما يتعلق بالنزاع في دارفور ومناطق أخرى، وهذا شيء لا يمكنك حقًا تجاهله، وكان اتفاق جوبا قد حدد بالفعل لجنة للأراضي للنظر في النزاعات حول الأرض ومرة أخرى تسبب استغلال الذهب في أضرار بيئية لكثير من الناس في أجزاء معينة من البلاد، كل هذا شيء تم طرحه خلال مناقشات ورش العمل”.
هل العدالة الانتقالية كذبة كبيرة؟

ويمضي تقرير (جيستيس انفو)، الى ان هناك نقطة مهمة أخرى في مسودة الاتفاقية كما تم تسريبها تنص على أنه “لن يُسمح بمنح العفو في انتهاك لمبادئ وقواعد القانون الدولي عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وحقوق الإنسان الجسيمة، وبالمثل لن يُسمح بمنح عفو ينتهك حق الضحايا في التماس العدالة بالطريقة التي يختارونها أو التي تنتهك حقهم في التعويض”، صحيح أن قسمًا كبيرًا من السكان وخاصة الشباب الذين قادوا الحركة الثورية يرفضون العفو، لكن من الصعب أن نتخيل أن المسؤولين وخاصة كبار المسؤولين، الذين لم يتركوا السلطة، سيسمحون بمقاضاتهم. ويقول محامي حقوق الإنسان أحمد إسحاق لـ(جيستيس انفو): “أولئك الذين ارتكبوا الجرائم هم المسؤولون عن السودان اليوم هذا هو التحدي الرئيسي، لكي يتمكن الشهود والضحايا من التحدث بحرية نحتاج إلى الأمن”، ومايزال العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان متشككين. ويقول المحامي الحائز على جائزة ساخاروف لعام 2007 صالح محمود لـ(جيستيس انفو): “ليس لدينا نظام عدالة جنائية كفؤ، العدالة الانتقالية كذبة كبيرة وكان عمر البشير يستخدمها كطريقة للعفو”.
الطريق إلى لاهاي
إن الخوف من العدالة هو السبب، والمحرك الاساسي الذي بسببه قرر العسكريون الموجودون في السلطة القيام بانقلاب في 25 أكتوبر 2021، وبالتالي قطع الانتقال الديمقراطي، وعلى الرغم من عدم فتح أي قضية بشكل رسمي ضدهم في لاهاي، إلا أن عبدالفتاح برهان، قائد الجيش ومحمد حمدان دقلو قائد قوة الدعم السريع – الجنجويد سابقا-، قد توقفا تدريجياً عن التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. صحيح أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان زار السودان في أغسطس 2022 كما فعلت سلفه فاتو بنسودا، حيث زار دارفور والتقى بممثلي النازحين والضحايا في يناير الماضي، ورحب أمام مجلس الأمن الدولي بالتقدم المحرز في محاكمة لاهاي لعلي كوشيب وهو المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور بين مارس 2003 وأواخر 2004، قال المدعي العام إن وعد السلطات السودانية بالسماح بفتح مكتب للمحكمة الجنائية الدولية في الخرطوم ظل حبرا على ورق، وأضاف أن جهودا عبثية مطلوبة من أجل مجرد الحصول على تأشيرة دخول واحدة واستخراج تصاريح السفر والتي تعد ضرورية لمغادرة الخرطوم والذهاب إلى مواقع التحقيق في دارفور، وايضا صعوبات الوصول إلى الأرشيف الوطني الذي يكاد يكون من المستحيل الوصول اليه. وقال خان: “هناك حاجة إلى تغيير في الموقف من جانب السلطات السودانية”.
يقول عثمان، “العدالة الدولية بطيئة لكن الضحايا ليس لديهم أي خيار في السودان، نحن نعلم أن العدالة الدولية لا تملك القدرة على أخذ كل الجناة إلى المحاكمة ولكن اسر الضحايا ستشعر بالرضا إذا تمكنت من رؤية ثلاثة أو أربعة أو عشرة من هؤلاء الجناة البارزين تم إرسالهم إلى لاهاي، وسيبعث ذلك نوعا من الارتياح وسطهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى