الرأي

جمعية سلارا تكرم مربي ومعلم الأجيال الأستاذ اندل النوبي كنقر

الأستاذ فضل السيد مصطفى شركيان
في الأسبوع المنصرم، تم تكريم مربي ومعلم الأجيال، الأستاذ أندل النوبي كنقر، من قبل جمعية سلارا الخيرية بأمدرمان. وكنت قد كتبت قبل أسابيع كلمة مختصرة عنه تحت العنوان التالي:
“كلمة في حق معلم الأجيال، الأستاذ أندل النوبي كنقر، وهو شخصية غنية عن التعريف، وعلم على رأسه نار، كما يقال. وعلم من أعلام التعليم في البلاد وكردفان، على وجه الخصوص.
جاء في سيرته أنه من مواليد ١٩٤١ م، وقد درس المراحل الأولى في كل من سلارا، وكاتشة. تأهل كمعلم في معهد الفاشر وبخت الرضا، ثم بدأ مسيرته معلماً في العام ١٩٦٣ م.
عمل معلماً في مدارس: الرهد، وكاتشة، والدلنج. وأطول فترة قضاها في التدريس، كانت في مدرسة سلارا المتوسطة. انتدب أيضاً إلى اليمن، ثم عاد وعين مشرفاً فنياً بالدلنج.
الأستاذ أندل النوبي كان مثالاً للمعلم المتكامل، يدرس العلوم والتربية الإسلامية واللغة الإنجليزية، بجانب مواد أخرى.
كان قدوة حسنة، كل طلابه كانوا يهابونه، ليس خوفاً من عقابه وغضبه، بل احتراماً وتقديراً لهذه الشخصية التي كانت سبباً في نجاح أجيال من طلاب المنطقة الذين تتلمذوا على يديه، خلال العقود الأربعة التي أفناها في مهنة التدريس.
أتشرف كوني كنت ضمن طلابه، ودائماً كنت أقول إن طيلة مدة دراستي كطالب، وعملي كمعلم، لم أجد من يداني هذا المعلم الفريد في الكاريزما والشخصية المكتملة هيبة وجلالاً.
ولا أخفي عليكم أن اختياري مهنة التعليم كان اقتداء به، ومحاولة مني لتقمص ولو بصيص من خصال شخصيته المرموقة.
الأستاذ أندل النوبي باستطاعته أن يخرج من الطالب كل ما لديه من قدرات، خاصة الأكاديمية منها، جبراً كان أو اختياراً. لذلك كانت مدرسته سلارا المتوسطة الأولى دائماً على مستوى كردفان قاطبة، على مدار السنوات التي كان مديراً لها.
وبفضل الله، ثم بفضله، كنت ضمن الدفعة التي تخرجت في سلارا إلى الثانوي العالي ١٩٨٠ م. ولولا حرصه الحصيف ورعايته الأمينة واللصيقة لنا كطلاب مراهقين في مجتمع ريفي قروي مستجد في طور التعليم، لكنا ضمن من جرفهم هوى الصبا، وثقافة ذلك العصر التي كانت مشبعة بمغريات الانحراف عن جادة الطريق، والسير في الدروب التي كانت تجافي التعليم، ولا ترى فوائده.
وأنا الآن أناهز الستين عاماً من العمر، لا أذكر ذلك لشيء سوى امتناني لأستاذي الجليل، وشكري لهذا المربي القدير، وتقديري لجهوده.
كان ضمن تلاميذه من أبناء المنطقة الذين بلغوا مراتب عليا، أذكر منهم على سبيل المثال: شقيقي الدكتور عمر مصطفى شركيان، والباشمهندس كندا توتو كوريا …. بالطبع كان معظم طلاب المدرسة بفضل جهوده من المتفوقين، أذكر منهم كنماذج: العميد م حسن محمود إدريس، والقيادي بالحركة الشعبية عمار أمون دلدوم، واللواء م عوض النيل ضحية، والمرحوم مولانا القاضي نصر منديل سارين، والفريق حسن داؤود كبرون، والقائمة تطول.
يجدر الذكر أن رئيس الوزراء السابق، د. عبد الله آدم حمدوك، الذي كان أمل الأمة السودانية، لولا أنه أتى في زمن سبق عصره فكراً وتأهيلاً، كان ضمن طلابه النجباء.
كنت في الدلنج أغسطس الماضي، فقمت بزيارة الأستاذ في داره، ودهشت عندما وجدته يذكرني جيداً، رغم صحته المعتلة، وتطاول السنين.
كان للزيارة وقع طيب في نفسه، وقد سعدت أنا كثيراً أن قمت بواجبي تجاهه، ولو كان ذلك شيئاً لا يذكر في حقه.
لا يمكن تعداد مناقب هذا المربي الجليل، وإن امتلأت في سبيل ذلك الصحائف.
نسال الله أن يطيل في عمره، ويحفظه معافى، ويجزيه خيراً بقدر ما أعطى وأخلص، ويبارك له في ذريته، وينفعنا بعلمه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى