الرأي

جبريل محمد الحسن يكتب عن:

عزيزة عوض الكريم موسي (عزيزة سكينة حسن ابي) مذيعة قناة البلد السودانية الفضائية  انا فخور بك Iam proud of you  

ده الحارنو فيك يا بت الأسود، ما نحن بالتقوى نسود.. قم من مرقدك راشدا، يا عوض الكريم  وأشهد نصرنا، فلقد ولجت بنا عزيزة آفاقا سامقة من مراتب العز، ومقامات الشرف.. فلمثل هذا اليوم كنتم تعملون، وتكتبون عنه وتحاضرون.. قم وافرح مثلنا، واحتفل واجني ثمار بعض ما كنتم تحلمون به، فإنها تباشير بزوغ شمس دولة العز وكنز الفرح المرتقبة.. كنتي يا عزيزة  شمسا مشرقة، وقمرا منيرا،وجبلا شامخا، وسط هدير المياه العكرة،  وصراخ الأطفال، وهلع الكبار، وفزع السكان ودعوات الصالحين.. شرفت كل غيور على هذا الشعب الأبي، وأعدت الثقة للقلوب التي يئست من الوعود، ولعبت بها الظنون،  وتشككت في عظمة هذا الشعب العملاق، معلم الشعوب، وبشارة سوداننا مركز دائرة الوجود.. 

كانت عزيزة هناك، في الأيام الأولى من وقوع الكارثة بالمناقل، يوم استنكف أصحاب الكروش الكبيرة، والعمامات البيضاء، والشالات المزركشة، والكرفتات الحمراء والبيجية، والمتزينون بمراكيب جلد الاصلات والفهود والنمور،  وأصحاب الوجاهات الزائفة،استنكفوا من الخروج من منازلهم الفاخرة، والترجل من سياراتهم الفارهة، للخوض وسط الغبش والغلابة، في الوحل والطين، مؤاساة لأهل المناقل بعد أن مسحت المياه كل قراهم بالكامل، وأصبحوا في العراء يبحثون عن قطعة أرض ناشفة، يضعون عليها أطفالهم ونساءهم، علهم ينعمون بساعة من الراحة، أو سنة من النوم.. وللأسف الشديد، لم نشاهد هؤلاء في الموقع ولا حضورا يتفرجون، وهذا هو أضعف الإيمان، وقد كان من المفترض أن يكونوا وسط المياه يساعدون الكبار، ويحملون الأمتعة ونقل مواد الإغاثة للمتضررين، ويناقشون كيفية درء السيول ميدانيا، ومعالجة المرضى، وتحريك المسئولين أصحاب القرار ليكونوا في مستوى المسئولية، وترحيل المعدات، وتسخير إمكانيات البلد لموقع الحدث لحماية المواطن المنكوب..

ولكن، بفضل الله، كانت هناك عزيزة، وسط المياه المرتفعة إلى ما يقارب الصدر، والتي تجري بسرعة واندفاع يكاد تعصف بالخائضين.. وهي تشاهد الجنازات تمر بالقرب منها، وترى من لدغتهم العقارب أو الثعابين يحملون على الأكتاف علهم يصلون إلى يابسة يضعونهم عليها.. كانت في قوة لا تلين،  وشجاعة لا تتراجع، لا هيابة ولا وجلة،  وصمامة لا تنقسم ولا تتردد، تحمل الميكرفون بيد ثابتة لا ترتجف ولا تنحني، تنقل للفضائيات ما يدور حولها وتشاهده  من مآسي فادحة، ومناظر مؤلمة ومفجعة، والمباني تتساقط من حولها.. ظلت تنقل للعالم ما ترى بصوت متماسك، مؤمن ومتفاني بحبه للوطن، وحب أهله الكرام.. كان لوجودها وسط المياه الأثر الكبير في رفع الروح المعنية في وسط السكان المنكوبين، وجعلت وجوهم تشرق بالبشر والرضا والأمل، وهم يرون في شخصها، السودان كله، مشاركا لهم في محنتهم..

تشاهدها، مرة وسط الخائضين في السيول، ومرة في الوحل والطين، ومرة على عربة الكارو، ومرة على الشارع المقطوع.. لا تخشى البلل، ولا الغرق ولا لدغات العقارب والثعابين.. ولم يمنعها كبرياؤها، ولا حياؤها، ولا عزتها، وعزة أهلها، من مشاركة سكان المناقل الهم والغم والحزن النبيل، والخوض بلباسها، الجميل الفضفاض، في الوحل، ولسان حالها يقول: انا الغريق فلا أخشى من البلل..

اليوم من قناة البلد قدمت برنامجها الصباحي المعتاد، وتسابق المتصلون بها  في الثناء عليها، والإشادة بدورها البطولي، والريادي، واعجبني ما قاله أحدهم: والله لو ما كان اتصلت وسجلت إعجابي بيك، قهوة الساعة عشرة ما كان تنفعني..

دي سودانية يا زول.. كنداكة وصايدة للبمبان، وقدامية في خط النار ، ارجع وخليك ورا، ماديل الأئمة والوارثين للمنى.. هيا قوموا يا الفراجة، ديل الهيجوا العجاجة.. وحققوا الفخر والصلابة.. ووقت الحارة ديل اهلي، البكونوا دايما جنبي..

الله يحفظك، ويعزك، ويقوي عودك، ويخضر ذراعك ويجعلك دائما ملاذا للتائهين، وامانا للخائفين، وذخرا للبلاد والعباد، ومن ورثة جنة النعيم..

الله يرحم والدك،  ويبعثه في يوم العرس الأعظم.. ويطول عمر امك وخالك.. ويخلي ليك زوجك واولادك، واهلك جميعا، ويعزهم ويكرمهمَ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى