الرأي

جبريل ابراهيم والايمان بنهج الفساد

قبل أيام ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بخطاب يحمل توقيع جبريل ابراهيم وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة، يعفي فيه سيارة من الجمارك، قال إنه استوردها هدية لابن أخيه خليل، رئيس الحركة السابق الذي قتل، وخرج بكل (قوة العين) يعترف بتحدي ويقول نعم فعلتها ولا أجد في الامر حرج أو استغلال للنفوذ ولا أيّ شكلٍ من أشكال الفساد، وان الاعفاء الجمركي عرف متبع وليس بدعة أتى بها هو، ثم ذكر جهات يتم اعفاؤها باستمرار من الجمارك.

رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية الانقلابي جبريل ابراهيم

في الحقيقة الجميع يعرف ان الاعفاء الجمركي كان عرفا متبعا منذ أكثر من ثلاثين سنة، ودائما يمنح لمن لا يستحقون، وهو بلا شك، شكل من أشكال الفساد واستغلال النفوذ، وكونه كان متبعا لا يعني بأي حال من الأحوال أن يستمر في ظل اي نظام وفي ظل اي وزير مالية خاصة اذا كان ممن يدعون أنهم حملوا السلاح من أجل العدل والمساواة، فهذه ازدواجية معاير والمبادئ لا تتجزأ.

كذلك برر جبريل الخطوة بأنها، تأتي استنادا على اتفاق جوبا، فبنودها نصت على (إجراءات وتسهيلات) طبعاً مفتوحة، يتم من خلالها توفيق اواضاع منسوبي الحركات، مع أن اتفاق جوبا نفسه يعتبر أكبر صفقة فساد تورط فيها السودان، فهو بدلاً من أن يساهم في حل أزمته زادها، ولكن السؤال، هل ستشمل تلك الإجراءات والتسهيلات جميع قتلى ومفقودي الحركة، أم ستكون محصورة على ذوى القربى فقط.

قبل حوالي شهر اشتكت أسر مفقودي حركة العدل والمساواة في هجوم أم درمان عام 2008 من عدم قدرتهم على مقابلة رئيس الحركة للمطالبة بمعرفة مصير احبائهم الذين فقدوا في الهجوم، وبعد جهد جهيد وضغوط نجحوا في مقابلته، وحين طالبوه بمعرفة مصير ابنائهم (لف ودوّر) ولم يعدهم بشيء، ويبدو أنه تنكر لهم فهو لم يظهر حتى تعاطفه معهم، بل طلب منهم الاستعداد للانتخابات مما أثار غضبهم وقرروا التصعيد في مقبل الأيام، ويبدو أنه لا يعتبرهم أهل شهداء يستحقون التكريم مثل ابن أخيه.

جبريل أيها السادة يتبنى الفساد منهجا ويسير عليه ويمارسه بقناعة، حتى داخل حركته العنصرية التي لا يدخلها غير ابناء اهله، وإن استوعبت القليل من الذين يعتبرهم أغراب فإنهم لا يتقلدون المناصب أبدا، ومن يحاول أن يفرض نفسه او يعارض يسجن ويعذب ويقتل، وهو الآن عليه قضايا انتهاكات كثيرة ينتظر أهلها العدالة التي يقف العسكر عائقا امام تحققها.

حركة جبريل المسماة زوراً، عدل ومساواة، لم يُقتل فيها خليل إبراهيم وحده، فقد قتل فيها مئات الأطفال والشباب والكبار الذين تم استغلالهم وزُيّن لهم انهم يناضلون من أجل حقوق أهلهم، فتقدموا الصفوف وقُتلوا، تاركين خلفهم مئات اليتامى والارامل والثكالي، الآن أسرهم تعاني الفقر والحاجة، لم يهديهم جبريل (درداقة) يتكسبون منها، ولكن (ياعيني) يستورد عربة ويعفيها من الجمارك (مال الشعب) لابن أخيه الشهيد.

جبريل أيها السادة مقتنع أن التهميش الذي عانت منه دارفور بسبب فساد حكومته القديمة، يجب أن يعوض بنفس الطريقة (بالفساد)، وهو حريص جدا أن يكون لحركته والحركات التي تجمعه بها صلة قرابة، نصيب الأسد من كل شيء، كذلك ليس لديه مشكلة في أن يفسد منتسبو حركته كيفما شاءوا، ودون مساءلة، على طريقة فساد منتسبي الحركة الإسلامية في عهد البشير الذي كان هو واخوته جزء منه، وفي الحقيقة كل منتسبي حركات دارفور (صفقة جوبا) هذا منطقهم، ولذلك كلما انتقد الناس فساد احدهم يخرج ويبرر انه يهاجم لانه من دارفور كما يفعل مناوي دائما أو ان النقد مبني على العنصرية.

عموما لن تنتهي القصة هنا، فاليوم ابن خليل وغدا بقية إخوانه واعمامه وابناء اعمامه والقائمة ستطول حتى تشمل كل العيلة المالكة لشركة العدل والمساواة والشركات في صفقة جوبا والحجة واحدة.

لا اظن أن النقد يفيد مع جبريل ابراهيم، فهو صاحب قناعة ومبدأ أن لا سبيل لوجوده في السلطة الا عبر اتباع منهج الفساد في كل شي، كيف لا وهو واخوته من كوادر الإخوان المسلمين، الذين مكنوا نظام البشير الفاسد، ولذلك ليس مستغربا أن يتحدث عن الفساد بتحدي ويراه حقاً، وعموما ليس هناك ذنب بعد سفك الدماء، وجبريل سفك منها الكثير، ولذلك، فليفسد ما شاء، فهو لا يستحي وحتما ستطوله عدالة الأرض والسماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى