الأخبار

تلاعب الفلول بمنصات التواصل الاجتماعي للترويج لخلافات “البرهان – حميدتي”

الخرطوم – (الديمقراطي)

كشف “المرصد السوداني للشفافية والسياسات”، عن تلاعب عناصر النظام البائد، بمنصّات وسائل التواصل الاجتماعي، للترويج للخلافات بين قائد الانقلاب عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وأصدر المرصد السوداني للشفافية، تقريراً جديداً، سلط الضوء على التطورات الرئيسية في السودان خلال الشهرين الماضيين، كما يشمل تحليلاً لدواعي أهمية إعلام وإطلاع الرأي العام ومراقبي الوضع في السودان على التطورات.

وأشار التقرير الذي اطلعت عليه (الديمقراطي) إلى تبادل جنرالات الجيش الانقلابيين، وقوات الدعم السريع، خلال الأيام الماضية، تصريحات مشفّرة يهددان فيها بعضهما البعض، حيث صَعَدت التوترات الكامنة بين الخصمين إلى السطح، مشيرا إلى أن الخلاف كان يدور حول الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش المنصوص عليه في الاتفاق الإطاري.

وتابع: “يبدو أن البرهان والقادة الثلاثة الكبار في الجيش كانوا يلمحون إلى أن توقيعهم على الاتفاق النهائي مرهون بالاتفاق المسبق على الدمج السّريع لقوات الدعم السّريع خلال سنتي الانتقال”.

وأشار إلى أن “تصريحاتهم، التي غالباً ما يطلقونها في القواعد العسكرية وسط هتافات الجنود، أو أثناء تجمعات اجتماعية، مثل حفلات الزواج الجماعي، أصبحت أكثر حدة بمرور الوقت؛ لكن الحضور أكد عدم وجود سند سياسي جماهيري حقيقي للجنرالات”.

وذكر أن “حميدتي وشقيقه الأكبر الفريق عبدالرحيم دقلو، يفكّران في جدول زمني يمتد لعَقدٍ على الأقل، كما عرّضا بنُظرائِهما في القوات المسلحة السودانية أمام جمهور محدود كذلك بوصفهم ساعين إلى التشبُّث بالسلطة”.

وأوضح أن “البرهان وجنرالات الجيش، منحوا قادة قوات الدعم السريع فوزاً سياسياً سهلاً من خلال ظهورهم بوصفهم مستعدين للتراجع عن توقيعهم على الاتفاق الإطاري، إذا لم يتم الوفاء بشروطهم لتوسيع قاعدة الاتفاق والاندماج المعجّل لقوات الدعم السريع، حيث سمح ذلك لحميدتي وعبدالرحيم، بالظهور كمدافعين عن انتقال السلطة إلى المدنيين وناصرين للتغيير الديمقراطي”.

وأضاف: “في الواقع، يدلّ موقفهما على ضرورات البقاء السياسي لعشيرتهما في أعلى مستويات السيطرة العسكرية والسياسية أكثر من أي شيء آخر، وكلا موقعي القوة ضروريان للحفاظ على المصالح التجارية لعائلة دقلو، التي تعتمد على النفوذ الأمني والسياسي لقوات الدعم السريع”.

وأشار التقرير إلى تزايد المخاوف خلال شهري فبراير ومارس من اشتباكات مسلّحة وشيكة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، داخل الخرطوم، مؤكداً انتشار الشائعات بشأن انقلاب ثانٍ وشيك، أو مواجهة مفتوحة بين قوات الدعم السريع والجيش.

ونوّه إلى أن منصات التواصل الاجتماعي التي تلاعب بها فلول النظام البائد، عرضت تصريحات قديمة مسجلة على الفيديو للجنرالات المتناحرين خارج سياقها للإيحاء بأنهم إنما كانوا يتحدثون بشأن التوترات الحالية.

تراجع من حافة الهاوية

ومع تصاعد ضغوط القوى الداخلية، وعلى رأسها قوى الحرية والتغيير، وضغوط الشُّركاء الإقليميين والدوليين، تراجع البرهان وحميدتّي، عن حافة الهاوية وانخرطا في سلسلة من الاجتماعات مع المدنيين الموقعين على الاتّفاق الإطاري من أجل تسريع التقدّم نحو اخْتِتام العملية السياسية وإنشاء المؤسسات الانتقالية الجديدة بحلول 11 أبريل.

وأشار إلى أن الاتفاق بشّر بتوافق آراء المؤسسة العسكرية والموقعين على الاتفاق الإطاري، بشأن القضية الخلافيّة المتعلّقة بإصلاح قطاع الأمن، مبدياً أمله في أن تسير الأمور نحو اخْتِتام العملية السياسية بُغية تحويل كل التوترات في الساحة السياسية إلى طاقة إيجابية خلال المرحلة المقبلة من الانتقال.

وذكر أن هناك تحديات مُضنية، ليس أقلّها الأزمات الأمنية والإنسانية الشديدة، والأثر المدمِّر للفشل الاقتصادي، والمهمة الجسيمة المتمثّلة في تعزيز الانتقال الديمقراطي إزاء المفسدين، المسلحين والسياسيّين على حد سواء.

تنفس الصعداء

وذكر التقرير أن السودانيين تنفسوا الصُّعَداء عقب اجتماع عُقد في 11 مارس بين “البرهان وحميدتي”، اتفقا خلاله على تشكيل لجنة أمنية تضم قواتهما وقوات الحركات المسلحة الموقّعة على اتفاق جوبا للسلام من أجل مراقبة الوضع الأمني وحل المشكلات فور ظهورها.

وجدد الرجلان التزامهما بالمواصلة في المسار المؤدي إلى إبرام اتفاق سياسي نهائي على أساس الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر 2022 مع قوى الحرية والتغيير، الداعية للديمقراطية، إلى جانب جهات سياسية فاعلة ومدنيين آخرين.

ويُملي الاتفاق المتوقع إنهاء الوضع الانقلابي وانسحاب الجيش من السياسة، كما يمكّن من السيطرة المدنية على السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل كيان مدني ذي سيادة، وستُمثّل الأجهزة الأمنية في مجلس الأمن القومي والاستخبارات الذي يرأسه رئيس الوزراء.

جبريل ومناوي وهوس السلطة

وأشار التقرير إلى أن دولة مصر سعت بالمحاولة تلو الأخرى للإبقاء على الجيش في موقع السيطرة على الانتقال الجديد، بما في ذلك من خلال دعوة مجموعة من أعضاء “الكتلة الديمقراطية” المتعاطفين مع العسكر وغيرهم من الجهات السياسية الفاعلة إلى القاهرة بغية تمتين صفوفهم خلف البرهان.

ومع فشل إعلان القاهرة، انطلق مِنّي منّاوي ومبارك الفاضل المهدي ومبارك أَردُول وشخصيات أخرى، من أعضاء الكتلة الديمقراطية يُكِيلون الاتّهامات لقوى الحرية والتغيير، بتجيير موقف حميدتي لمصلحتهم، ويُحذِّرون من نتيجة كارثية إذا واصل الموقعون على الاتفاق الإطاري مسارهم بِدُون حصول شخصيات الكتلة الديمقراطية على مواقع نفوذ في النظام السياسي الجديد واحتفاظهم بها.

وتابع: “يبدو أن هذا هو الشغل الشاغل لوزير المالية، جبريل إبراهيم، وحاكم إقليم دارفور، مِنّي مَنَاوي، الذي يرغب بالمثل في البقاء في منصبه والاحتفاظ بأحد مساعديه الكبار وزيراً للمعادن”.

وأكد التقرير أن “اجتماع 11 مارس، نجح في نزع فتيل التوتُّرات، الحقيقية منها والمفبركة، بشأن حرب المدن في العاصمة وخارجها، ومع ذلك، يظل الاستقطاب بين قوى الحرية والتغيير وحلفائها من الموقعين على الاتفاق الإطاري، من ناحية، وبارونات الكتلة الديمقراطية، من ناحية أخرى، أمراً معوّقاً كما كان دائماً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى