الرأي

تطورات في المشهد السياسي

مستجدات عديدة شهدتها الأيام القليلة الماضية على صعيد العملية السياسية الجارية في البلاد، فبخلاف قرار مجلس الأمن بتمديد العقوبات على السودان عاماً واحداً الأربعاء الماضي، كان هناك بيان الجيش الداعم للاتفاق الإطاري، وانطلاق فعاليات ورش العدالة الانتقالية، ضمن فعاليات المرحلة النهائية للعملية السياسية.
وهو ما يشير إلى وجود تقدم ما في اتجاه العودة إلى المسار الانتقالي، على الرغم من تعقيدات المشهد السياسي في السودان وصعوبة التنبؤ بما يمكن أن يؤول إليه الحال، مع نشاط الفلول المحموم في سبيل قطع الطريق على إكمال العملية السياسية والعودة إلى المسار الانتقالي.
صوت على قرار مجلس الأمن (13) عضواً مع امتناع (روسيا والصين)، ومدد القرار التفويض الممنوح للجنة الخبراء المُكلّفة بالإشراف على العقوبات وتطبيقها وعلى حظر الأسلحة حتى الثاني عشر من مارس من العام القادم، وكانت العقوبات التي تتعلق بحظر الأسلحة قد فُرضت خلال حرب نظام الإخوان البائد التي أشعلها في إقليم دارفور في العام 2005.
أما بيان الجيش فقد أكدت فيه قيادة القوات المسلحة التزامها بالعملية السياسية الجارية، والتقيد الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري الذي يُفضي إلى توحيد المنظومة العسكرية، وقيام حكومة بقيادة مدنية فيما تبقى من المرحلة الانتقالية إلى حين قيام الانتخابات بنهايتها.
جاء في البيان: “نؤكد لشعبنا أن قواته المسلحة ستبقى أملاً مستداماً ومرتجى ورفيقاً وفياً لاستكمال مسيرة الثورة”، ورحبت (القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري) ببيان القوات المسلحة، مُشيرة إلى أنه حمل رسائل مهمة وإيجابية تُعزز التزام كل الأطراف بالمضي قُدُماً وتجاوز التحديات بروح وطنية مسؤولة.
وجاء في البيان كذلك: “الاتفاق الإطاري وضع أساساً سليماً لأهم القضايا التي تواجه البلاد الآن، وعلى رأسها ضرورة استرداد مسار الانتقال الديمقراطي تحت قيادة سلطة مدنية كاملة، ووحدة الجيش السوداني ونأيه عن السياسة، ضمن عملية شاملة للإصلاح الأمني والعسكري، والشروع في عملية شاملة ومُنصفة للعدالة والعدالة الانتقالية”، منوهاً إلى ضرورة إكمال مناقشات المرحلة النهائية في أقرب فرصة ممكنة بما يؤسس لمرحلة انتقالية مستقرة وناجحة تقود في نهايتها لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
من جانبها رحبت (قوى الحرية والتغيير)، بالبيان الصادر عن مكتب الناطق الرسمي للقوات المسلحة الذي حمل تأكيد التزام القوات المسلحة بالعملية السياسية الجارية، والتقيد التام والصارم بنصوص الاتفاق الإطاري. وجددت (الحرية والتغيير) في تصريح صحفي لها تمسكها بالعملية السياسية المؤسّسة والمستندة على الاتفاق الإطاري، والمُفضية إلى إنهاء الانقلاب واسترداد مسار التحول الديموقراطي بتشكيل حكومة مدنية تمثل قوى الثورة وتعمل على تحقيق غاياتها، لافتة النظر إلى حرصها على إكمال مناقشة قضايا المرحلة النهائية للعملية السياسية.
كما جددت التزامها بالعمل المُشترك مع كل قوى الثورة لتأسيس وإدارة الفترة الانتقالية بما يضمن استقراراها وإنجاز مهامها، وفي مقدمتها توحيد وإصلاح المنظومة العسكرية وخروجها من المعادلة السياسية، وإطلاق عملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، والإصلاح المؤسسي، وتفكيك دولة تمكين الثلاثين من يونيو، وصولاً لقيام انتخابات عامة حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.
وشهدت بداية هذا الأسبوع انطلاق أعمال (ورش العدالة والعدالة الانتقالية) في كل من الخرطوم وكادوقلي، ومن المُقرر أن تغطي أعمال هذه الورش أقاليم (شمال وشرق السودان، النيل الأزرق، الخرطوم، ودارفور، وكردفان) ضمن فعاليات المرحلة النهائية للعملية السياسية، تُقدم فيها أوراق وتناقش مجموعات العمل المحاور ذات الصلة بعناوين الأوراق على مدى ثلاثة أيام، لتخرج بخُلاصات تُناقش في مؤتمر العدالة الانتقالية المزمع عقده في الخرطوم في وقت لاحق.
وفيما يبدو، فإن العملية السياسية في السودان تمضي على قدم وساق، على الرغم من تعقيدات المشهد السياسي وتزايد نشاط الفلول المعادي ومحاولاتهم البائسة للتلبس بالوطنية، من خلال رفع شعارات رفض التدخل الأجنبي، والتشكيك في جدية ومصداقية كل ما من شأنه أن يمثل المخرج من أزمة البلاد الحالية من أنشطة ومن فاعلين سياسيين، حتى وإن أثمرت جهودهم عن خطوات كبيرة للأمام على طريق العودة إلى المسار الانتقالي.
الغريب أن هؤلاء لا يخجلون من التلبس بلبوس الوطنية بعد أن سقطت ورقة التوت التي كانت تستر سوأتهم، فبدوا للناس كما هم، وكان أكثر ما يميزهم نقائض الوطنية ومُبطلاتها في المعاش والمعاد، وقديماً قال الكاتب البريطاني، صمويل جونسون: “إن الوطنية هي الملاذ الأخير للأنذال”.
حفظ الله السودان وشعب السودان..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى