تحقيقات

تشريد (80%) من العاملين في المصانع بسبب توقفها

أصحاب المصانع: قطوعات الكهرباء وارتفاع أسعارها من أسباب الأزمة

كشف تحقيق أجرته (الديمقراطي) عن تشريد (80%) من العاملين في المصانع بسبب توقف عدد من المصانع العاملة بالبلاد، ووفقاً لاتحاد الغرف الصناعية، فإن عدد المصانع المتوقفة بلغ (5940) مصنعاً من جملة (7350)، والعامل منها (1410) مصانع. وعزوا ذلك لعدة أسباب منها: عدم استقرار التيار الكهربائي، وعدم استقرار سعر الدولار، وارتفاع أسعار الإيجارات، مما عمل على تشريد الآلاف من العمال، وتدني نسبة الإنتاجية بنسبة إلى (50%)، وهنالك توقعات بتوقف المتبقي من المصانع بسبب زيادة رسوم الجمارك بنسبة (26%) وسعر الدولار، مع وجود كساد في الأسواق.

(الديمقراطي) في المساحة التالية استمعت للأطراف ذات الصلة بالقضية..

تحقيق – نسيبة فرحان

اتحاد الغرف الصناعية

كشف اتحاد الغرف الصناعية عن توقف (5940) مصنعاً عن العمل بالبلاد، وأوضح الأمين العام للاتحاد، الفاتح جبورة، أن عدد المصانع يبلغ حوالي (7350)، وإجمالي العامل منها (1410) مصانع. وأكد، بحسب تصريحات إعلامية، أن المصانع العاملة طاقتها الإنتاجية لا تتجاوز الـ (20%)، وتقلص حجم العمالة في تلك المصانع إلى (80%).

وكشف عدد من أصحاب المصانع التي توقفت عن العمل بمنطقة السوق الشعبي أم درمان لـ (الديمقراطي)، جملة من التحديات التي تواجه قطاع الصناعات. وذكروا أن عدم استقرار التيار الكهربائي أثر سلباً على القطاع الصناعي الإنتاجي، ويعد واحداً من بين أسباب متعددة لتناقص عدد المصانع المنتجة. يقول حماد جبرالله، صاحب مصنع لصناعة البلاستيك بالسوق الشعبي أم درمان، إن قطاع التصنيع يمر بعدة تحديات، من بينها: القطوعات المتكررة للتيار الكهربائي، وارتفاع أسعار الكهرباء التي أثرت سلباً على الإنتاج، حيث انخفضت نسبة الإنتاج إلى (50%)، وأضاف أن هنالك زيادة كبيرة في أسعار الكهرباء، موضحاً أن الأسعار أصبحت غالية بالنسبة للقطاع الصناعي، وقال: “قطوعات الكهرباء المجدولة أثرت بصورة كبيرة، في الفترة السابقة كنا نشتري الكهرباء بمبلغ 30 ألف جنيه كاستهلاك شهري، وحالياً هذا السعر لا يكفي المصنع لمدة يومين”.

اتحاد الغرف الصناعية: إنتاجية المصانع تدنت بنسبة (50%)

تشريد العمالة

واصل حماد بقوله، إن من سلبيات توقف المصانع تشريد العمالة بالمصانع بسبب ارتفاع تكاليف صناعة البلاستيك، أضاف: “من المؤسف أننا قلصنا العمالة، وأصبح من بين 8 نعتمد على 3 فقط من العمال”. وأوضح أن هنالك زيادات كبيرة في تكلفة أسعار طن البلاستيك بنسبة (150%)، حيث وصل سعر تصنيع الطن إلى (110) آلاف جنيه بدلاً عن (40) ألفاً. وقال إن الدولار تم تعويمه مما شكّل تحدياً في سوق شراء الماكينات وإسبيراتها وتكاليف الجمارك، وطالب حماد الجهات المختصة بالعمل على استقرار خدمة الكهرباء ودعمها ليكون في مقدرة المواطن المنتج وشراؤها بما يتناسب مع الدخل.

في ذات السياق، كشف آدم الحاج، صاحب مصنع بالسوق الشعبي أم درمان، أن ارتفاع تكاليف الإنتاج دفع بالكثيرين من زملائه لبيع مصانعهم. وقال إن أكثر من (10) من أصحاب وملاك المصانع من معارفه باعوا مصانعهم بأسعار زهيدة لا تتناسب مع أسعارها الحقيقية، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات التي وصلت ما بين (8 – 10) آلاف (مليار) شهرياً، وذلك حسب موقع المصنع ومساحته. وأضاف أن ذلك ترتب سلباً على تشريد العمالة، موضحاً أن إغلاق (10) مصانع يعني تشريد (60) عاملاً. وقال إن المشاكل الخاصة بالمصانع بدأت منذ أكثر من عام، وضح ذلك في تدني الدخل الذي أصبح شبه معدوم، بالإضافة للركود في حركة البيع والشراء، مما دفع مجموعات كبيرة من العمال لترك العمل في المصانع والاتجاه للزراعة ومواقع تعدين الذهب.

مصنع منتجات بلاستيكية

يقول أحمد، مهندس يعمل في مجال تجميع وتصنيع الماكينات المحلية، بالإضافة لعمله في مجال السمسرة في مجال بيع وشراء الماكينات المستعملة، إن سوق الماكينات متوقف بشكل كامل نسبة لعدم الإقبال والعزوف عن الشراء والاتجاه لبيع ماكينات المصانع لتغطية الخسائر، بالإضافة لتدفق قطع الغيار الواردة في فترة الثلاثة أشهر الماضية. أضاف: “للأسف، سياسات الدولة أصبحت تحارب الإنتاج الصناعي بدلاً من تشجيعه، وأغلب أصحاب المصانع هاجروا إلى دول الجوار بسبب السياسات الاستثمارية الطاردة”، وكشف عن عروض لبيع (36) ماكينة (وهي مازالت تعمل) في المصانع، بأسعار زهيدة مقارنة بأسعارها الحقيقية، مما يدل على الإحباط من الأوضاع. وأوضح أن سعر الماكينة الواحدة (40) ألف دولار قبل أربعة أشهر من الوقت الحالي، والآن يتم عرضها بنصف قيمتها بواقع (20) ألف دولار، وقال إن التصنيع لا يحتمل تذبذب التيار الكهربائي.

وقال صاحب مصنع قام ببيع مصنعه- فضل حجب اسمه -، إن سوق التصنيع والإنتاج أصبح طارداً بصورة كبيرة، مما جعلهم ينسحبون ويعتذرون للعمال البسطاء الذين تم تشريدهم بغير إرادتهم، وتوقع زيادة نسبة العطالة والفقر. أضاف: “نعلم سلبيات ذلك، وخسارتنا أخف علينا من تشريد العمال”.

تشريد

وذكر العامل آدم محمدين، أنه كان يعمل في أحد المصانع العاملة في إنتاج البسكويت، وراتبه كان يساهم بصورة كبيرة في تغطية الحد الأدنى من احتياجات أسرته الضرورية، لأنه كان يعمل دوامين في اليوم، بالإضافة لعمله في مجال تسويق بعض المنتجات. لكنه عقب إغلاق المصنع أبوابه أصبح بدون عمل، وقال: “لدي أربعة أطفال في المراحل الدراسية المختلفة، عجزت عن تسديد الرسوم، وتوفير الاحتياجات، ما اضطرني لإيقاف اثنين من أبنائي عن الدراسة في مرحلتي الأساس والثانوي”.

في ذات السياق، اشتكى عدد من العمال الذين تم تشريدهم من الأوضاع الاقتصادية الطاحنة بسبب فقدانهم لأعمالهم في المصانع، وحملوا المسؤولية للسياسات الاقتصادية للحكومة الحالية بسبب زيادة أسعار الجمارك والكهرباء، مما أدى لتوقف عدد كبير من المصانع، وطالبوا بضرورة عودة الحكومة المدنية.

طريق مسدود

قال الأمين العام للغرف الصناعية (سابقاً)، عبدالرحمن عباس، في تصريحات لـ (الديمقراطي)، إن وضع الصناعات في السودان في الآونة الأخيرة وصل لطريق مسدود، بدءاً بإشكالات الكهرباء التي أثرت بصورة سالبة على القطاع الصناعي، حيث توقفت (80%) من المصانع العاملة في مختلف المجالات الإنتاجية، أي أكثر من (5000) آلاف مصنع، وبلغ عدد المصانع العاملة (140) مصنعاً فقط، وتوقع توقف عدد كبير من جملة المصانع التي مازالت تعمل جراء القرار الأخير لوزير الصناعة، والخاص بالإجراءات المصرفية للمواد الخام المستوردة من الخارج. واعتبر عباس أن القرار تعجيزي بالنسبة لقطاع الصناعات، وقال: “هذا الوضع لم يحدث في تاريخ الصناعة، هذا بالإضافة لقرار زيادة رسوم الجمارك بنسبة 26%، وعوامل أخرى مثل أسعار العملات التي أثرت سلباً على الوارد من المواد الخام مع وجود كساد في الأسواق”. وختم بقوله: “نحن في القطاع الصناعي صرخنا صرخة استغاثة، فهل من مجيب؟!”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى