الرأي

تساؤل لأهل القانون: توحيد الأحكام على اللصوص..!

حكم قاضٍ في أم درمان بقطع أيدي ثلاثة أشخاص لقيامهم بسرقة (اسطوانات غاز).. وقام ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالتعليق على هذا الحكم..وونحن هنا لا نتحدث عن الأمم المتحدة ومفوضياتها.. ولا عن حكم القاضي في هذه القضية..ولكن نتحدث فقط عن ضرورة سريان العدالة في الأحكام على الجميع.. فما يهمنا هو استطراق العدالة على جميع المواطنين في القضايا المتشابهة بغض النظر عن (هوية السارق)..!
لا نتوقف عند هذه القضية الخاصة وما إذا كانت أنابيب الغاز فارغة أو مشحونة أو أن المدانين الثلاثة قد تقاسموا الأنابيب ومسؤولية السرقة بالتساوي (فعلاً ونية) فحكم القاضي على ثلاثتهم باقتسام العقوبة…! نحن فقط نتساءل: هل يتم إصدار الأحكام القضائية في بلادنا في الجُرم المتشابه بعقوبة واحدة متماثلة تسري على الجميع..؟ أم يتم الحكم على السارق بحسب لونه وملابسه وجنسه وخلفيته الاجتماعية ووظيفته ومكان سكنه..أو حجم ما يملك مقابل القيمة الدفترية للمسروقات..؟! ولدينا مثال قريب في محكمة زوجة المخلوع.. فقد أدانتها المحكمة بأخذ أموال ومنقولات ثمينة من حرز الدولة بغير وجه حق..! فهل ينطبق عليها حكم السرقة أم لا..؟! وإذا كان ما قامت به سرقة هل تم الحكم عليها بذات ما صدر ضد (جماعة الأنابيب)..؟!
لقد كان الحكم عليها بالغرامة مع الرأفة.. وعادت إلى بيتها..! ونحن نطرح هذه التساؤلات لإيماننا بأهمية إقرار العدالة في هذا الوطن والاطمئنان على وقوف المواطنين سواسية أمام القضاء… فهل كل تلك الأموال الضخمة والمنقولات الثمينة التي آلت إلى هذه السيدة بغير وجه حق لم تبلغ حد النصاب حسب وجهة نظر المحاكم العامة ومحاكم اسطوانات الغاز..؟!
ثم ألم يقم (الزوج المخلوع) بأخذ مال ليس له الحق في أخذه من خزينة الدولة ثم قام بالتصرّف فيه تصرف المالك و(بطريقته الخاصة).. بل انه أهدى شخصاً آخر جزءاً يسيراً من هذا المال المنهوب مقداره (خمسة مليون دولار).. وقد اقرّ ذلك الشخص (وأظنه داعية فشنك يحمل اسم عبد الحي يوسف) موجود الآن في تركيا.. وله قناة فضائية…! وإذا كنا نجهل الحجم الكلي لسرقة المخلوع ألا يكفينا منها إقرار المانح والمستلم بمبلغ الخمسة مليون دولار..؟ وهذه الدولارات (مهما كانت قيمة تحويلها بالسعر الموازي أو الرسمي) هل كانت دون نصاب السرقة..؟! نقول ذلك لأن المحكمة قضت على المخلوع بقضاء سنتين فقط في (مؤسسة إصلاحية)..!
لنا الحق في التساؤل عن الأموال المليارية التي قام بسرقتها عشرات الإنقاذيين والاخونجية من الدولة..فهل تم أي حكم تجاههم ببتر الأيدي أسوة بسارقي أنابيب الغاز..؟! ولا ننسى أنها جميعها (سرقات رفاهية) وتخمة.. وليست سرقة من اجل الحاجة..؟!
مما قاله الرجل النظيف محجوب شريف (حليلك بتسرق سفنجه وملايه/ وغيرك بيسرق خروف السمايه/ وفي واحد تصدّق بيسرق ولايه)..؟!
كل الأديان والأعراف والقوانين تنعي على القضاء أن يفرّق بين الناس في التقاضي وتحذّر الذين إذا سرق فيهم (الوجيه) أو صاحب السلطان تركوه وحاكموا (نشّال السوق) والفقير الذي لا يجد قوته (ولا تبرير للسارق كما إنه والحمد لله ليس بين الإنقاذيين شخص وجيه)..!
المواطنون سواسية كأسنان المشط أمام القضاء.. جفّت الأقلام وطويت الصحف..! إلا أن يكون لقضاة الإنقاذ والانقلاب شفاعة خاصة للسارق عندما يكون رئيس جمهورية سابق أو وزير طاقة أو رئيس مؤتمر وطني أو عضو في (منظمة الدعوة) أو مدير بنك أو رئيس هيئة تنقيب أو (شهبندر تجار) أو زوجة مسؤول بسبب (أحجارها الكريمة)..؟!
إنها العدالة المدغمسة الموروثة من الإنقاذ (بضبانتها).. والغريب إن الذي وصفها بالمدغمسة هو رئيسهم نفسه الذي علمهم السرقة على أصولها ..؟.. الله لا كسّبكم..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى