الرأي

تحالف مُعلن بين الانقلابيين ورموز النظام البائد

محاولات عسكر انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر المُستمرة لاكتساب (شرعية ما) ولو كانت شكلية، تقودهم مباشرة إلى قيادات الإخوان من رموز النظام البائد كحليف صاحب مصلحة حقيقية في إجهاض الثورة والإبقاء على الانقلاب لأطول فترة ممكنة، في مواجهة قوى الثورة وجماهيرها التي أسقطت نظام الإخوان في ثورة ديسمبر المشهودة. فعادت (منظمة الدعوة الإسلامية)، التي تُلي بيان انقلاب الإنقاذ من داخل مقرها، واستردتها لجنة تفكيك الثلاثين من يونيو وألغت ترخيصها، عادت للعمل، وأُفسح لها المجال في إعلام الانقلاب. وألغت (لجنة مراجعة عمل لجنة تفكيك التمكين) الانقلابية كافة قرارات استرداد أموال وأصول الدولة، بل وأعادتها لناهبيها من رموز الإخوان ليستعينوا بها في محاولة إيجاد موطئ قدم مرة أخرى في سودان ما بعد الثورة. في وقت تنشغل فيه بعض القوى المحسوبة على الثورة بوضع المتاريس أمام وحدة قوى الثورة، يتمترسون حول مطالب ذات طبيعة (انتخابية) تأتي في نهاية الفترة الانتقالية والبلاد لا تزال ترزح تحت ظل الانقلاب.

في يونيو الماضي، شطبت محكمة سودانية دعوى ضد الزبير أحمد الحسن، القيادي البارز في النظام البائد، عقب أسابيع من رحيله، وفكت الحجز المفروض على حساباته وأرصدته البنكية. حيث أعلنت محكمة مدبري انقلاب 30 يونيو 1989 شطب الدعوى الموجهة ضد الزبير أحمد الحسن بسبب الوفاة، وفك تجميد أرقام حساباته البنكية. تولى الزبير عدداً من المناصب خلال فترة حكم النظام البائد، منها: حقيبة وزارة المالية، ووزير دولة بوزارة المالية، وعمل نائباً لمحافظ بنك السودان المركزي، ورئيساً للجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني. كما تولى منصب الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية في العام 2012م وحتى سقوط نظام الإنقاذ في أبريل 2019م. وفي ذات الشهر، استهجنت لجنة التفكيك المجمدة فك تجميد حسابات عدد من قادة النظام السابق متورطين في قضايا فساد بناء على أوامر من المحكمة العليا، مشيرة إلى أن البنك المركزي وجه المصارف بفك تجميد حسابات عدد من الذين صدرت ضدهم قرارات الاسترداد وتجميد الحسابات. وأوضحت اللجنة في بيان لها أن لجان التحقيق المشكلة من النيابة العامة وديوان المراجعة العامة أكدت وجود تجاوزات كبيرة في مشروع سكر مشكور بولاية النيل الأبيض، إضافة إلى تجاوزات في القرض المقدم من دولة الهند لقيام المشروع. ومع ذلك، أنهى البنك المركزي تجميد حسابات عبد المحمود إسماعيل المتعافي، الذي هو واجهة لشقيقه والي الخرطوم الأسبق إسماعيل المتعافي المتهم في عدد من القضايا على رأسها فساد سكر مشكور.

وجاء في البيان أن بنك السودان فك تجميد حسابات مأمون عبد المطلب ومحمد المأمون، وهما اسمان لشخص واحد يملك شركة نوبلز متهم في عدد من قضايا الفساد من بينها صفقة قطارات ولاية الخرطوم التي بموجبها حصل على ملايين الدولارات وعشرات قطع الأراضي التي استعادتها اللجنة لصالح الدولة. كما أن البنك المركزي فك حسابات مدير الشرطة الأسبق الفريق أول شرطة محمد نجيب وزوجته هند مصطفى وابنتيهما ريتاج وبسنت، إضافة إلى مرام وميرال كمال علي إبراهيم. وبحسب البيان، فقد استردت لجنة التفكيك (107) قطع أراض من محمد نجيب و(175) قطعة أرض من هند مصطفى، جميعها داخل العاصمة الخرطوم، وقالت إنهما حصلا على هذه الأراضي عن طريق المنح.

تستعيد دولة الإخوان العميقة عافيتها من خلال التحالف الحالي مع الانقلاب لتطيل أمده وتضيق الخيارات أمام جماهير الشعب الثائرة ليرضوا بأقل الخسائر، وهو إشراك الإخوان بصورة واضحة ومعلنة في الفترة الانتقالية في سيناريو يراهن عليه الإخوان، مستفيدين – للأسف – من قوى محسوبة على الثورة تتخذ مواقف (تعجيزية) وأحياناً (مستفزة) في مواجهة القوى الثورية الأخرى الداعية للوحدة، لجهة أنها تتجاوز راهن الانقلاب لتشترط مطالب تصلح للحملات الانتخابية في نهاية الفترة الانتقالية، أكثر من صلاحيتها لواقع اليوم في ظل الحديث عن برنامج يهدف لتوحيد قوى الثورة في مواجهة الانقلاب، وفق اشتراطات متفق عليها من الجميع لكيفية سير الفترة الانتقالية وصولاً للانتخابات. وما دون ذلك فلا يعد سوى دعم للقوى الانقلابية التي تمسك بمقاليد الأمور. أما الإخوان الذين يتربصون بثورة ديسمبر الخالدة، فقد ثبت أنهم أعجز من أن يقودوا السودانيين للاستسلام عبر التآمر، وتشهد على ذلك شعارات المواكب في ظل الفترة التي سبقت الانقلاب، ووسط ضائقة معيشية كبيرة، حين ابتدع السودانيون شعار (الجوع ولا الكيزان)، إلا أن معركتهم مع الشعب خاسرة.

حفظ الله السودان وشعب السودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى