الرأي

اهوال الانزلاق

د. وجدي كامل
المعارك الجارية حاليا هى وبكل وضوح النسخة التطبيقية لذات ما تعرف بالقواميس العسكرية والمدنية بحرب المدن.
وبالتعريف الدقيق للحالة الحضرية التي بات عليها المدن بالسودان وفي مقدمتها الخرطوم نجد انها تعبر عن النموذج المتآكل المتأريف للمدن مما يؤهل وصف ما يمكن ان يحدث بانه الاقرب لحدوث لقاء طارى بين حرب المدن وحرب الشوارع.
وبغض النظر عن من المنتصر ومن الخاسر من كل ذلك فان استدامة المعارك لاسبوع اخر او دفعها للاستمرار من شانها انتاج مصاعب ومضاعفات اصعب واخطر بكتير مما نشهده الآن من سقوط ضحايا مدنيين وموت البعض من الشرائح الخاصة من كبار السن ومرضى الامراض المزمنة بغياب اسباب العلاج والتطبيب. ما هو محتمل في حالة استمرار المعارك بعدم العمل بموجهات العقل والمسؤولية الوطنية المطلوبة هى مضاعفات الازمة الاقتصادية الطاحنة وضرب الجوع البطون حيث من الممكن ازدياد اعداد الجوعى خاصة ممن كانوا يعتمدون بالامس القريب على رزق اليوم باليوم. سيدفع ذلك دون شك الى ان تبحث الناس عن طرق اخرى اقرب الى العنف والقوة التي ستتمثل الهجوم والاستيلاء على المحلات التجارية ومخازن الغذاء وكافة المواقع المشابهة بما فيها البيوت السكنية بالاحياء بحثا عن البقاء. ايضا وفي حالة تزايد الفرار المتوقع من الجنود سواء من جهة الجيش او قوات الدعم السريع وانتشارهم بالاسواق وبالاحياء ولجوئهم الى البيوت السكنية بالحسنى او بالقوة سيعقد كل ذلك من المشهد والواقع الفعلي للحياة اكثر وينذر بالفوضى وغياب القانون الغائب الى الغائب تماما.
ازاء كل ذلك ليس هنالك من حل يستوجب الالتفاف حوله والعمل عليه من الجميع بداخل السودان وخارجه وخاصة منظمات حقوق الانسان الوطنية والاقليمية والدولية سوى الضغط لايقاف الحرب بشتى الوسائل والسبل باسرع ما يمكن قبل ان تصل الاوضاع الى النقطة المتوحشة والوحشية- نقطة اللاعودة.
ما يؤيد ذلك وبالاضافة للبنى الهشة لاحتمالات التوافق بين الطرفين بانعدام المنصات الإعلامية المتفاهمة التي يمكن ان تساعد على تخفيض التوتر تمهيدا لايقاف اطلاق النار المؤدي الى الجلوس الى طاولة المفاوضات هو غياب الالية الثنائية على مستوى القيادة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والتي تمكن من ارسال وتبادل الرسائل فيما بينها والتوصل حول التفاهمات المؤقتة آو الدائمة وان ما يجرى حاليا هو تبادل للرسائل على الهواء او بواسطة الوسائط الاعلامية العامة.
الاستشعار باهوال الانزلاق او الانحدار تدعمه حاليا الصور والفيديوهات المتدفقة عبر الوسائط الاعلامية والتي تظهر احداث المطاردات وحالات الكر والفر بين القوتين داخل الاحياء السكنية والتي ربما تلعب دورا اكبر في تعقيد ما يجري وتحويله الى حرب شوارع معلنة مما يعني ان الخصمين يمضيان في معركة كسر العظم واتخاذ عقيدة الازالة والتصفية للاخر دون تبني او أتخاذ حلول وسيطة توفر حلا واقيا محتملا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى