الرأي

انقلاب الكيزان والتهديد به


كرم الله ضيف آدم
تقود متاسلمي المؤتمر الوطني المجموعة التي تقبع في سجن كوبر، وهي مجموعة يائسة وانتحارية.
وعلى عكس ما يرى ديمقراطيون في الاتفاق الاطاري من نواقص وتحفظات فإن مجموعة كوبر ترى فيه اسوأ كوابيسها، من استمرار محاكماتهم بعد إصلاح القضاء واستئناف تفكيك التمكين وملاحقة فسادهم. ولهذا فإن هذه المجموعة تسعي لتنفيذ انقلابها الكامل قبل وضع الاتفاق الاطاري موضع التنفيذ.
وقد تكشفت خطة الانقلاب من عدة مصادر. وتستند على عدة محاور رئيسية، اولها استمرار زعزعة زعزعة الأوضاع الأمنية، بإغلاق الطريق القومي، وإغلاق مناطق البترول، وإطلاق أيادي العصابات الاجرامية وتحريض الشرطة للاضراب عن العمل، وكذلك بالنزاعات القبلية الاثنية خصوصا في غرب السودان، حيث يقود أمير الحركة الاسلاموية بالجيش المنطقة الغربية. وقد وضع هناك باعتباره الأكثر موثوقية لتنفيذ اهم عناصر الخطة، بتشبيك وتسليح تحالف قبلي من مجموعة موسى هلال وبعض مسيرية تمازج والدفاع الشعبي وبعض القبائل التي لها ظلامات سابقة من قوات الدعم السريع، وكل ذلك بتمويل وإشراف جهاز الأمن وجيوب الكيزان في الاستخبارات العسكرية. والهدف من ذلك استنزاف قوات الدعم السريع بالنزاعات القبلية كي تنكفئ وتسحب قواتها الرئيسية من العاصمة كشرط ضروري لنجاح الانقلاب.
وبالتزامن تقضي الخطة باستغلال علاقة الدعم السريع بمرتزقة فاغنر لفرض عقوبات غربية فورية عليها، الأمر الذي يؤدي لعزلها عن داعميها الاقليميين. وقد جند المتاسلمون كل علاقاتهم لأجل هذا الغرض، سواء إخوانهم في التنظيم الدولي أو مصادرهم التي تظهر بمظهر ليبرالي. ولكن لسوء طالع المتاسلمين فشلت هذه الحملة في تحقيق أغراضها لأن الإدارة الأمريكية أذكى من أن تقع في مصيدة أجندة المتاسلمين، وأيا تكن اعتراضاتها على الدعم السريع فالادارة تعرف ترتيب الأولويات بما يحقق هدفها المعلن في إنجاح الانتقال المدني الديمقراطي في السودان.
وبعد فشل الحملة اياها وظف المتاسلمون البرهان بوساطة من السيسي كي يقنع الإماراتيين بتجفيف موارد الدعم السريع ،ولكن البرهان الذي استقبل في صالون أصحاب الحاجات رجع من الإمارات بخفي حنين.!!.
ومع ذلك تواصل القيادة اليائسة تنفيذ خطتها، وفيما يتعلق بالدعم السريع حددت الخطة لحظة الصفر باغتيال حميدتي وأخيه عبدالرحيم.
كما تقضي الخطة بتقويض مواقع القيادات السياسية التي يستشعرون منها الخطر، وهم صديق الصادق والواثق البرير وعمر الدقير وخالد عمر ومستور احمد وبابكر فيصل وياسر عرمان وطه عثمان إسحق. ولهذا الهدف مساران ،اولهما دعائي، بتصوير هذه القيادات كتابعة للدعم السريع لتعبئة الرأي العام في الجيش ضدها، وفي ذات الوقت تصويرهم كعملاء للدول الغربية لتعبئة المشاعر الوطنية ضدهم، إضافة قيادة حملة دعائية في وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة كل مصادرهم خصوصا مصادرهم وسط الجذريين لتصوير هذه القيادات كمستسلمين للانقلابيين وبائعين لدماء الشهداء. وأما المسار الثاني فسياسي يطلق عليه الكيزان مصطلح: (اشغلو في جلدو خرش)، ويعني ان تقود مصادر الكيزان/ جهاز الأمن والاستخبارات حملة مسمومة داخل أحزاب الأمة والمؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي برفع المذكرات وصناعة التكتلات لازاحة هذه القيادات أو زعزعة مواقعها داخل احزابها مما يجعلها تنشغل عن القضايا الوطنية بالاوضاع الداخلية لاحزابها.
ويقول الكيزان ان الاولوية القصوى في هذا المحور إزاحة خالد عمر يوسف الذي يرون أنه رأس الرمح في السيناريو المناهض لهم. والمتأمل فيما يجري حاليا في في المؤتمر السوداني يتأكد بأن خطة الكيزان/ جهاز الأمن والاستخبارات يجري تنفيذها على قدم وساق.
ورغم ان البرهان جزء لا يتجزأ من خطة الكيزان الا انهم يطمعونه وفي ذات الوقت يكيدون له، ومن ذلك انهم اوعزوا لقضاتهم بإطلاق سراح قاتل موظف المعونة الأمريكية وإصدار عقوبات استفزازية بالرجم وقطع الأيادي، لإرسال رسالة للغرب بأن البرهان داعشي اسوأ منهم، وذلك ليدعم الغرب التخلص من البرهان وتنفيذ انقلابهم الكامل.
وعلى عكس مجموعة كوبر فإن غالبية قيادات المؤتمر الوطني تشعر بأن خطة الانقلاب الكامل غير عملية ومكشوفة وغير قابلة للنجاح وغالبا ما تحيق بهم ذات ما حاق بالشيوعيين إثر فشل مغامرة ١٩ يوليو ٧١، ولهذا اعتمدت غالبية القيادات سيناريو حافة الهاوية بالتهديد بالانقلاب دون تنفيذه بالكامل ،ونشأ بالتالي ما يشبه توزيع الأدوار : مجموعة كوبر و شبكتها تشتغل لتنفيذ الانقلاب، فيما تعمل معها مجموعة على كرتي لزعزعة الأوضاع ولكن مدعية في ذات الوقت سعيها لايقاف الانقلاب والطريق الوحيد لذلك قبول الآخرين لاجندتهم الرئيسية والتي هي اصلا أهداف الانقلاب : إيقاف تفكيك التمكين، وإيقاف ملاحقة الفساد وارجاع الأموال المنهوبة، وتنصيب حكومة تكنوقراط بقيادة رئيس وزراء ضعيف او تحت التحكم، وفترة انتقالية قصيرة، تنظم آخرها انتخابات متحكم بها ليرجع متاسلمو المؤتمر الوطني الي السلطة كحزب أغلبية بزعم الشرعية الشعبية، فيصادر الحريات ويصفي بالدم حساباته مع ثورة ديسمبر وقواها الحية..
وغني عن القول ان فاسدي المؤتمر الوطني افاعي تنفث السموم بطبيعتها الجوهرية ولذا لا يمكن تدجينها او التعايش معها بسلام، اذن فلا مستقبل للسودان ،لا لاستقراره ولا لنمائه ولا لديمقراطيته الا بهزيمة هذه الأفاعي هزيمة ساحقة ونهائية…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى