الرأي

انتخابات الإخوان المبكرة!!

من المعلوم أن ظلالاً كثيفة من الشكوك، ظلت تحوم حول (جدية) عسكر الانقلاب في إنفاذ الاتفاق السياسي، وإيصال العملية السياسية لنهاياتها، المنطقية دون عراقيل. باعتبار سابق الخبرة في التعامل معهم، خلال الفترة الانتقالية الأولى، أو أثر (فأس الغدر)، الذي لا زالت آثاره على الشجرة، مُتمثلة في انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر. حين ظن عسكر الانقلاب، أن محاول السير عكس عقارب الساعة والتاريخ (نُزهة). واليوم تتآكل الثقة في (جدية) العسكريين، كلما طال أمد التفاوض. واستشعر الناس (زُهداً) من جانبهم، في التعجيل بإنفاذ الاتفاق، الذي يُنهي الانقلاب، ويستعيد الوضع الانتقالي في السودان.
وكان العنوان الأبرز في هذا الصدد هو بيان (التجمع الديمقراطي للدبلوماسيين السودانيين)، السبت الماضي، والذي كشف عن (مُخطط لتحالف مدعوم من مجموعة عناصر النظام البائد، لتقويض العملية السياسية، والذهاب لانتخابات مبكرة. ما يقطع الطريق أمام بناء الدولة المدنية الديمقراطية). وجاء في البيان: (إن قُوى الردة انتظمت في جبهة عريضة لعرقلة العملية السياسية، ولإجهاض الحكومة المدنية المرتقبة، بصناعة الفوضى، وقفل الطُرق، وتظاهرات السلاح، وتجويع الشعب، تمهيداً لإنقضاض جنرالات الحركة الإسلامية، وحلفائهم في الجيش على السلطة، والاستيلاء عليها). وأشار البيان إلى أن المخطط يشمل (التوجه نحو انتخابات مُبكرة)، تحت رعاية وحماية جهاز الدولة الإخواني، من شرطة وجيش ومخابرات، وقضاة التنظيم، تفضي إلى قيام سلطة مدنية عسكرية إخوانية فاشية جديدة، تقطع الطريق أمام التغيير، وتُغرق البلاد في الدم. ودعا البيان القوى السياسية السودانية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية، والدفاع عن الحكومة المدنية الانتقالية حال إعلانها، من خلال بناء جبهة وطنية ديمقراطية ملتزمة بشعارات الثورة وأهدافها، في مقابل جبهة الفلول، ومُنتهكي السيادة الوطنية، ودُعاة الفوضى، التي نظمت صفوفها مؤخراً، لإسترداد دولة الفساد والإستبداد.
لم يعد سراً ما يريد الفلول فعله إذن، خاصة بعد فشل مساعيهم في استغلال تباين الآراء بشأن الاتفاق السياسي بين قوى الثورة، لإحداث انقسام كبير بينها، بحيث يتطور إلى عنف، وعنف مضاد. وفشل استهدافهم للأنشطة الجماهيرية للقوى المدنية، عبر بقايا جهاز أمن الحركة الاسلامية البائدة، بعد تزويدهم بالقنابل الصوتية، والغاز المسيل للدموع، والإفتراء على فصائل من قوى الثورة، بالتلبس بلبوسها. إذ سُرعان ما انكشف أمرهم، وعرفهم القاصي والداني، وزال بمعرفة هويتهم كل خطر. بل عاد (الفلول) لحجمهم الطبيعي، بعد أن فشلوا هم أنفسهم في تنظيم إفطار جماهيري (الاثنين). يريد الفلول القول أن العملية السياسية ستنهار، وأن القادم أسوأ، وأن الحرب الأهلية على الأبواب، وأن الدين في خطر. وانهم على اتفاق مع (البرهان) ضد جماهير ثورة ديسمبر المجيدة، وأن الأمر لا زال بأيديهم. لكن تكذب ذلك أعمالهم، حينما يبلغك نبأ تشفي من هم في الوظيفة العامة اليوم من الفلول، فساداً وتخريباً، هي من صميم صفات (المفارق اللئيم)، نسبة لتيقنهم من أن لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، قد اقتربت، من البدء باستئناف مهامها. ولا أحد في خطر إذن، سوى الفلول. أما ما يتعلق بالدعوة لانتخابات مُبكرة، فهو قول يأتي في غير أوانه، وبطريقة تجعلك تشعر أنه أمر قد (أعد على عجل)، ودون أن يخضع للتمحيص، ويجعلك تتساءل أين كان هؤلاء، يوم أن وقع العسكر على وثيقة الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر الماضي؟ والتي نصت على المبادئ العامة، ومنها (فترة انتقالية لمدة عامين، تُشكل خلالها حكومة مدنية، تقوم بعدد من المهام المنصوص عليها في الاتفاق)؟ يطمع هؤلاء في اتفاق نهائي ينسف الاتفاق الإطاري عبر إدخال بنود في النهائي، تُناقض ما نص عليه الإطاري، والذي بُنيت عليه العملية السياسية في الأساس، وهو ما لا يقول به عاقل.
واقع الحال أنه لا مخرج أمام العسكر سوى الوصول لخُلاصات في ملف الاصلاح الأمني والعسكري، وتوقيع الاتفاق النهائي، والوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، طال الزمن أو قصر. خاصة إذا كان البديل هو مثل هذه الدعاوى، التي لن تنطلي على جماهير شعبنا، بعد ما اختبره من نفاق الإخوان، وحركتهم الاسلامية، لما يزيد عن الربع قرن من الزمان. وحسب الحركة الاسلامية اليوم ضعفاً أن يكون مجرد نجاحها في تنظيم فعالية (علنية)، يعتبر نصراً وفتحاً عظيماً ترتفع له التكبيرات الكذوب، ويصرخ فيه هؤلاء شعارات بشعارات (بكائية)، من قبيل (عائدون)، وهم أعلم باستحالة عودتهم تلك، بعد أن خرج ما تخفيه نفوسهم من خبايا للعلن، فلُعنوا بأمر ديسمبر المجيد.

حفظ الله السودان وشعب السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى