الرأي

النُصرة بمُجرَّد الحِياد

عبر الوقائع التي أثبتتها الأحداث، بات مما لا شك فيه أن الحركات المسلحة كانت على علمٍ بانقلاب 25 أكتوبر المشؤوم -إن لم تكن من (المُخطَّطين) لهُ- وإن (خطيئة) ما يُسمى بالاتفاق تحت الطاولة مٌثبتة عليهم إثباتاً يدعمهُ موقفهم (غير المُتفاجئ) وغير (المُستنكِر) للانقلاب بعد انحيازهم لفئة الذين أسموه تصحيحاً للمسار. ومن الإثباتات أيضاً (تماهيهم) السلِس والانسيابي والتلقائي مع ما حدث من قرارات وتداعيات بُعيد الانقلاب، فقد انتفى من تصريحات قادتها ما يمكن أن نستشِف منه بوادر (المفاجأة)، لذا علينا من الآن فصاعداً أن نُزيل دِثار الحياء ونصفهم بكل جراءة وموضوعية بـ (أعداء الحرية والسلام والعدالة)، شأنهم شأن الفلول والبرهان ومن التف حولهم من النفعيين القدامى والجُدد.
بل وحتى لا نكون من الظالمين، علينا أن نؤهِّلهم لـ (صدارة) وإمارة مُحاربي إرادة الشعب السوداني، إذ إن (خيانتهم) لم يدفعهم إليها سوى حُب السُلطة والمال. بينما خيانة البرهان والفلول تبرِّرها أسباب أكثر موضوعية وإلحاحاً مثل الخوف من معاول العدالة الثورية التي قد تطال رقابهم (بالقانون)، بعد أن (أسهبت) في انتزاع ثرواتهم وإمكانياتهم ومواردهم التي هي في الأصل موارد البلاد والعباد عبر (فعاليات) لجنة إزالة التمكين.

لن ندعهم يواصلون سيرهم في طريق (التخوين الجماعي) لكل من لا ينتمي عرقياً أو جهوياً إلى دارفور أو جنوب كردفان أو النيل الأزرق أو حتى جبال النوبة، فالسودان جميعهُ حقٌ لكل السودانيين، ومن الآن فصاعداً أدعو كل الكُتل السياسية والاجتماعية والمهنية والطوعية برفع شعار (كل مظالم الهامش لنا)، مثلما رفعنا أيام اعتصام القيادة المُقدس شعار (يا عُنصري ومغرور كل البلد دارفور). فهم ليسوا أولى منا نحن (مهمشو) المناطق الأخرى في السودان، من رعاية حقوق أهلنا في تلك المناطق، وعلى ما يبدو فإن أولئك المُهمشين جراء الحرب الأهلية، والمُشتتين في أصقاع الأرض في معسكرات اللجوء التي لم تعُد آمنة بعد الانقلاب المشؤوم، لا داعم لهم سوى رب العالمين.
(نحن) أبناء الشمال والوسط والشرق والجنوب علينا وعلى جميع النُخُب السياسية والمهنية أن نتبَّنى قضايا المُهمشين في مناطق الحروب بكل السودان، وفق رؤى ترعاها (مبادئ وقيَّم قومية)، بعد أن اغتالت الحركات المسلحة عبر (انبطاح) قادتها للعسكر رؤاها المرعية بـ (مبادئ وقيِّم عرقية وجهوية). يجب أن (يُحرِّم) الدستور الاعتراف بالكُتل السياسية والأهلية والطوعية والمهنية التي تنشأ على أساس قبلي وعرقي، حتى ولو كان ذلك تحت راية النضال ومقاومة الديكتاتوريات، وذلك ببساطة من باب (لا يُلدغ مؤمن من جُحرٍ مرتين)، حيث اتضح -وبالوقائع والأحداث الماثلة- أن قادة الحركات المسلحة لم يحملوا السلاح ضد الجيش السوداني ولا ضد النظام الكيزاني البائد، وكذلك لم يحملوهُ من أجل حقوق أهل الهامش، بقدر ما حملوه من أجل المناصب والمغانم الشخصية. ومن غرائب وعجائب الأشياء أنهم (يستنكرون) الآن (لوم) الشارع الثوري وانتقاداته (المُهذَّبة) لموقفهم المُخزي المُتعلِّق بوقوفهم مع الانقلاب، والتخاذل عن نصرة الإرادة الشعبية بُمجرَّد (الانسحاب) والمراقبة من بعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى