“المتحرش بالأطفال”.. آثار مدمرة على الضحايا وأنظمة عربية “تطمس الحقائق
الحرة / خاص – دبي
ينتج عن الاعتداء الجنسي على الأطفال آثار نفسية مدمرة وتبعات ترافقهم لسنوات، وممكن أن تؤدي بالضحية إلى الإدمان على المخدرات أو حتى الوصول إلى الانتحار.
ولطالما تحدثت تقارير عن “وصمة العار” التي تلصق بالضحية، خصوصا في المجتمع العربي، هذا فضلا عن الإجراءات القانونية المعقدة التي تدفع الطفل وذويه للتستر عن الأمر.
فكيف يحصل التحرش أو الاعتداء الجنسي على الأطفال؟ وكيف يعرف “البيدوفيل”؟ وبأي طريقة يحمي المجتمع الأطفال منه؟
تؤكد الدكتورة والمحاضرة الجامعية في علم الاجتماع نسرين عبدالله البحري في حديث لموقع “الحرة” أن الآثار النفسية على الطفل المعتدى عليه مدمرة جدا، وأبرزها:
انعدام ثقة الطفل بنفسه
تدني تقديره لذاته
ممكن أن يفكر بالانتحار
يفضل العزلة عن المجتمع
يرفض إقامة أي علاقات اجتماعية وصداقات مع الآخرين
شعور الخوف يلازمه
رفض الارتباط والزواج عند الكبر
فوبيا من الجنس الآخر
الانحراف الجنسي
إدمان المخدرات والحبوب المهدئة، فكي ينسى الشخص ما حصل معه بطفولته، وكي يخرج نفسه من الحالة النفسية التي يكون تعرض لها، ممكن أن يلجأ للإدمان
لذلك تؤكد البحري على ضرورة وجود وعي لدى الأسرة وخضوع الطفل المعتدى عليه للمعالجة النفسية.
عنف جنسي
تشرح البحري أن “البيدوفيل” يقوم بنوع من أنواع العنف الجنسي على ضحيته القاصر، أكان ذلك من خلال الاغتصاب أو من خلال التحرش الجنسي.
وتوضح أن بعض الأشخاص لديهم رغبة جنسية تجاه الأطفال، وتكون ناتجة عن أمراض واضطرابات نفسية. وهذا النوع من التحرش صعب جدا، وله انعكاسات مدمرة على الأطفال.
فالمعتدي، حسب البحري، يعاني من حالة نفسية غير مستقرة ناتجة عن ظروف معينة يعيشها في صغره، ومن الممكن أن يكون قد اعتدي عليه بالطريقة عينها.
وتضيف: “هذه العوامل تضع بالبيدوفيل رغبة عارمة في إعادة توليد هذا الشعور الذي يمكن أن يكون اختبره في صغره، فينتهج هذا السلوك العدواني نحو الأطفال”.
وتشدد على أن البيدوفيليا “حالة نفسية، يفترض أن يخضع الشخص الذي يمر بها للعلاج، لكن المسائل الجنسية تطمس في المجتمعات العربية المحافظة وتعتبر من المحرمات وتمارس بالخفاء”.
ولا يقتصر التحرش الجنسي على المداعبة أو اللمس، ولذلك تصنف “لجنة تكافؤ فرص العمل” أنواع التحرش المتعددة، وتشرح أنها “تلك الكلمات والأفعال ذات الطابع الجنسي التي تنتهك خصوصية الجسد أو المشاعر، وممكن أن تكون لفظية أو غير لفظية، أو جسدية”، مثل:
النظر المتفحص والتحديق غير اللائق
إقفال طريق أمام شخص ما بالجسد
تقديم هدايا شخصية (حميمية).
إخبار أكاذيب ونكات عن الحياة الجنسية لشخص آخر
التعبيرات التي تحمل اقتراحا له أبعاد جنسية
النداءات والتصفير، والصراخ، والهمس، التي تحمل إيحاءات الجنسية
الملاحظات الجنسية عن الجسد
تتبع شخص ما والاقتراب منه بسوء نية
الدعوة لممارسة الجنس العلنية والضمنية
عرض صور جنسية
التحرش عبر الإنترنت
اللمس والتحسس، والحك، والاقتراب بشكل كبير، وغيرها العديد
التعري وإظهار أجزاء حميمة أمام شخص آخر
دور الأهل
تقول البحري إن على الأهل الذين يحصل اعتداء جنسي على أبنائهم، خصوصا إذا كان الاعتداء من شخص من أفراد العائلة، مثل الأب بحق الأبناء أو البنات، أو العم والخال (..)، معالجة المسألة فورا وعدم طمسها رغم حساسيتها.
لكن في المجتمعات العربية تصبح القضية عائلية، وتمس بالسمعة وتسبب بخوف اجتماعي خصوصا بالنسبة لموقف العائلة أمام الناس. لذلك يسكت الأهل عن الاعتداء على طفلهم، وفق البحري.
وتلفت إلى أن نتيجة لهذه العوامل، يعتاد الطفل المعتدى عليه على ما يحصل تجاهه من تحرش واغتصاب، ويصمت محيطه القريب منه عن الحالة التي يمر بها الطفل، الأمر الذي يزيد من الاضطرابات النفسية لدى القاصر.
وتشرح أن بعد ذلك، يعاني الطفل من أزمات نفسية صعبة جدا.
لذلك تؤكد ضرورة الحديث عن المسائل الجنسية بحرية داخل العائلة، ومن المفترض أن يتم توجيه وتوعية الطفل عن التحرش الجنسي وكيفية حماية جسده.
تمييز البيدوفيل
تلفت البحري إلى عدم إمكانية التعرف على الشخص البيدوفيل تلقائيا لتوجيه الأطفال بعدم الاقتراب منه، فممكن أن يلتقي الطفل به في أي مكان بالأسرة أو المدرسة أو المجتمع، لذلك يجب تسليح الطفل بالوعي في كيفية حماية نفسه من أي اعتداء وحماية جسده وتبليغ أهله.
وتأسف البحري أن في مجتمعاتنا العربية يلقى اللوم على الضحية خصوصا إذا كانت فتاة.
وتورد أنه لا يمكن التعرف على البيدوفيل لأنه يمارس ذلك بالخفاء، ومن هنا التعويل على وعي المجتمع، من خلال تكثيف المحاضرات ونشر الثقافة الجنسية وتشجيع الأهل على التحدث مع الأطفال بهذا الموضوع بكل حرية. وتشدد على ضرورة كسر حاجز الخوف بين الأهل والأولاد للتبليغ عما حصل بحرية.
أنظمة قانونية قديمة
وتنتقد البحري الأنظمة القانونية القديمة في العديد من البلدان العربية، والتي لا تساعد في الكشف وملاحقة البيدوفيل والمغتصب.
وتقول إن رغم معرفة المراكز الاجتماعية بحالات اعتداء جنسي مستمرة على شخص ما، يبقى التبليغ صعب للغاية، في ظل قوانين تنص على تجريم التشهير ولا تحمي المبلغ، وترفض التدخل من دون إثبات، رغم تعرض الطفل للأذى بشكل متواصل ومتكرر.
وتضيف أن في كنف هذه الأنظمة تخاف الضحية على سمعتها، ومن إمكانية إلقاء اللوم عليها، وصعوبة معاقبة المعتدي. إضافة إلى غياب الآليات التي تحمي الضحية بعد التبليغ.
ويتفق الخبراء على أن أفضل طريقة للوقاية من التحرش، هي تثقيف القاصرين وتنبيههم بوجوب عدم التعامل مع أي شخص غريب، وعدم التقرب من أي شخص لا يعرفونه يحاول الاقتراب منهم.
ودور الأهل كبير جدا بتحصين المراهق، وحمايته من التعرض للتحرش.
وفي تقرير سابق لموقع “الحرة” أوضحت المعالجة والمحللة النفسية الأستاذة الجامعية، الدكتورة ماري-آنج نهرا أنه “عن عمر صغير جدا تحت الـ10 سنوات ممكن أن نشرح للطفل بكل بساطة أن جسده ملكه، وأنه لا يمكن لأي أحد أن يقترب من هذا الجسد”.
إضافة إلى تشجيع الطفل على:
التواصل دائما مع أهله بحال شعر بخطر التحرش
الثقة متبادلة وقدرة الأهل على الإصغاء
وحينها أوضحت منسقة برامج الوقاية في “أبعاد”، وهي جمعية تدعم المساواة بين الجنسين، لمى جرادي أنه يمكن الحديث مع الأطفال عن التحرش بطرق خاصة. ويحصل ذلك خلال أعمار صغيرة جدا، منذ صفوف الحضانة، وذلك من خلال توعيتهم على الأجزاء الخاصة من أجسامهم، ومن يمكنه رؤيتها، ومن هذه اللحظة تبدأ التوعية الجنسية.
وشددت على ضرورة تثقيف الأطفال عن كيفية حماية أنفسهم من التحرش الجنسي، وذلك من خلال توفير الحماية الذاتية لهم، وتعريفهم بأشكال التحرش وماذا تعني هذه الظاهرة، ولماذا يقع هذا التحرش عليهم، وأن هذا الأمر ليس ذنبهم، وحينها يحصل الطفل على المهارات الذاتية لحماية نفسه.
*نقلا