الرأي

القضاء والعدالة في السودان…حاجة عجيبة…!

القضاء في السودان أحواله عجيبة..! كل مرة تصدر من جهته رياح غير طيبة..! وعندما نقول إن أحواله عجيبة نقصد أن قرائن الأحوال التي ترافق كلكثير من أحكام القضاء الآن تحت سلطة الانقلاب تذكّرنا بأحوال القضاء وأحكامه في زمن نظام الإنقاذ المُجرم.. وهذه الأحكام هي بمثابة ألغاز يصعب تفسيرها و(ضفادع يستعصي ابتلاعها) كما يقول الفرنسيون..! فشؤون العدالة والقضاء في السودان أضحى عليه ألف سؤال وسؤال..! كل يوم نسمع عنه (محنة) لا يمكن أن يستسيغها عقل ولا منطق.. إيش الحكاية: (كلما قلنا عساها تنجلي/ قالت الأيام هذا مبتداها)..!
لا يمكن أن نهضم أن يتم من باب الصدفة تبرئة الإنقاذيين دائماً وبسرعة صاروخية لم نعهدها في مسيرة التقاضي السلحفائية في كل القضايا الأخرى الأكثر وضوحاً في حيثياتها وبيّناتها من قضايا جرائم الإنقاذيين الملتوية الغامضة وأساليبهم الشيطانية التي يستولون عبرها على ما ليس لهم وبطرق تضاهي في تعرجاتها سراديب النمل و(أنفاق اليرابيع)…! فكيف يتأتى كل مرة تبرئة مجرمي الإنقاذ عند محكمة الاستئناف إذا إدانتهم محكمة الموضوع..وعبر المحكمة العليا إذا أدانتهم محكمة الاستئناف.. وبقرار (حفظ البلاغ) إذا تجاوزت الإدانة كل العتبات..!!
هذا إذا تم تقديم جرائمهم (من أصلو) بواسطة النيابة التي أصبحت تمارس لعبة جديدة بتقديم قضايا مجرمي الإنقاذ والانقلاب حيث لا يقدم الاتهام عن قصد البيّنات الكافية للإدانة فيتيح للقاضي أن يسقط الاتهامات (خد وهات)…! هذا حدث للغرابة في قضية الإرهابي “الناجي مصطفي”؛ فقد قضت المحكمة بإدانته بالإرهاب وحكمت عليه بالمؤبد في جريمة خطيرة (تهديد أمن الدولة وسلامة مواطنيها للخطر) ثم أطلقت سراحه لعدم وجود بينة ترقى للإدانة بأنه مارس الإرهاب..!! (دا كلااااااام)..؟!
هل حدث ذلك لإنقاذي واحد أو اثنين أو ثلاثة..؟! إنها عشرات الأحكام بالبراءة للمجرمين من جماعة الإنقاذ والاخونجية.. ولا ندري ما الذي يجعل المحاكم فجأة تنتابها هذه الحالة من النشاط..! وهي التي كان الناس يتعطلون على أبوابها بالسنين وإلى درجة انسلاخ أعمار الأجيال من الجدود إلى الآباء حتى شاخ الأحفاد وهم في انتظار إنفاذ حكم قضائي حول نفقة أو شفعة أو وراثة…! ولكن (حكمة الله) إن قضايا الإنقاذيين تعجّل بالبراءة وإطلاق السراحات بغير تسويف ولا تعطيل وبغير أن تطلب شاهداً أو تراجع أوراقاً وتحريات.. بل تتجاهل حتى الاعترافات التي سجلها اللصوص ب(لغاليغ ألسنتهم)…!
كم هو ملفت بأن تصدر كل الإحكام تجاه الإنقاذيين (في اتجاه واحد).. وهو وهو لغاء كل حكم وقرار صدر من لجنة تفكيك الإنقاذ وإزالة التمكين واسترداد أموال الدولة من اللصوص..! وإذا سألت (طيور الروابي) عن هذه الأحكام الغريبة التي تعيد للصوص أموال الدولة ومرافقها وأراضيها وعقاراتها ستقول لك هناك ألف شك وتساؤل حول نزاهة هذه الأحكام في موازين العدالة..!!
هل تذكرون كيف صدر قرار من احد المحاكم تجاه الوزير الإنقاذي وقائد أفرع الدفاع الشعبي المتهم بالإرهاب وبإزهاق الأرواح والسرقة والنصب والاحتيال واستغلال النفوذ والمحاباة والامتلاك الجنائي..كيف صدر القرار بتبرئته وإطلاق سراحه فوراً وهو متورط حسب وثيقة الاتهام في جرائم بالعشرات تقتضي فحص آلاف الأوراق واستنطاق مئات الشهود ولكن ما أسرع أن تمت تبرئته بغير حيثيات في أيام الانقلاب الأولى وبسرعة مدهشة.. فانقلاب البرهان هو (طوق نجاة) اللصوص و(سيارة إسعاف) الحرامية التي تدهس في طريقها كل ما يمت بسبب أو صلة بالقانون والعدل والنزاهة..!
هذه فقط (عينة صغيرة) من عشرات القضايا الغريبة التي ليس أعجبها الحكم الغريب بإرجاع زوجة المخلوع إلى بيتها بغير سجن (ولو ليوم واحد) في سرقات بلغت قيمتها المليارات وجرائم نصب واحتيال (وأحجار كريمة) واستغلال نفوذ وتزييف ملكية وخرق قوانين.. في حين تم الحكم بالسجن على (اللص المتواضع) الذي (لطش اسطوانات غاز فارغة) بحجة أن سرقته (تجاوزت النصاب) بحساب ثمن أنابيب الغاز بسعر السوق الأسود….. الله لا كسّبكم..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى