الرأي

العبادي (26) الامتاع والمؤانسة مع الصرماتي..!!

يقول الطيب صالح للعبادي: نرجع لشعرك الهزلي عندك مطارحات وأهاجي.. زي حكايتك مع الصرماتي.. يقول العبادي: الصرماتي دا حكايتو طريفة..تقدم إني قلت ليك كنت بشتغل في محل (بدران) في الخرطوم بحري.. بشتغل كاتب دوبيا.. في كاتب آخر هو بعمل “يومية خرطوش” انا بجي اشيل اليومية اصفيها اعملها “جورنال” وأوديها للدفاتر… بيني وبينو في حاجز شيش في الدكان.. من هنا في الفتحة التانية في واحد صرماتي اسمو احمد… صوتو جميييييل جداً.. اجمل صوت انا سمعتو.. وهو قادر انو يتحكّم في صوتو بصورة غريبة جداً.. لو عاوز يسمّعك انت براك وانت تطرب والعلى بُعد خمسة امتار منو ما يسمعوا.. ولو عاوز يمط صوتو لي داك ممكن.. لكنو زول كذوب..!! انا كنت لو ارتجّت علي حاجة أو لو ميزانية أو تضريبات ما لفقت معاي.. أمشي أقعد جنبوا واتونس معاهو… وكان في واحدة اسمها (…..) بتعمل مع ناس (خضر النحاس) جات نبتّت مركوبها عند الصرماتي دا… (النباتة والتنبيت خياطة الجلد).. كانت جميييييلة خالص..قامت أدت الصرماتي ثلاثة قروش… زعل قال ليها انا بسوى ليك سيرة تاني ما تقدري تشقي البلد.. يقصد يهاجيها… انا كان لي حوار ومشاغبات مع الشاعر جقود.. يقوم احمد دا يقول لي انا قلت كدا والعبادي قال كدا وهو ما بعرفنيش..ما عارف إني أنا العبادي.. انا قلت مالي..؟ اسمع وأطرب.. ومرّت الحالة دي لغاية ما وقع الاشكال بينو وبين البنت دي… جات البت شكت لي… أنا قلت ليهو بنزيدك قروش.. قال لي ما تتدخّل في الحكاية دي.. انا حالف إلا اعمل ليها سيرة.. قلت ليهو اذا عملت ليها سيرة انا بعمل ليك عديله.. واشتغل معاك باقي السنة دي كلها..! هو ما عارفني.. وكان سرور جنب محطة ود ارو عندو دكان بتاع مكوة..عادة في آخر االحفلات كان عندي هزليات كدا بديهن لي سرور يعملن.. تكون دي علامة ختام الحفلة… القصيدة دي تقول رسلها ابليسلي ..!! القصيدة دي وانا جاي من بحري نزلت (ود ارو) يمكن عملت فيها عشرين بيت والله بين المعدية والطرماج.. انا بقول في (العديلة) بتاعة احمد الصرماتي دا على لسان اختو:

 احمد يا العيال ولداً نشيط بلحيل/ ينبّت من ضحا ولامن يكابسو الليل

لا بصرف ولا بودر قروش بالميل/ يصر الخمسه فوق الخمسه في المنديل 

غني وشكري يا اختو كل ليله/ وسيد رسميه اخوي ماليتو ما قليله

ان قلت الغَزِل فدامو بالشيله/ وكمان خمسين نصُل في الحِلة لي الليله

(النَصُل في بعض الدارجية السودانية ما يتم لفّه من خيوط النساجة حول محورها في شكل قمع.. والعجيب أن في لسان العرب لابن منظور أن نَصْل الغزل هو ما يخرج من المغزل.. ولكنها عندنا نَصُل باشباع ضم الصاد)..!

وان قلت الابار عددن كتير بلحيل/ وبدل (اللشفا) خمسه من الحديدو اصيل 

وان شقا الفريق في القدلة ساري الليل/ يبزغن البنات لا دوب عليك لا حِليل

طلعتلو الشمش ما ودّرو نهارو/ فوق كرسي النباته اخوي لوى حكارو

الجود والكرم لا حرِفتو لا كارو/ وفي الاندايه اخوي رفعولو نَقارو

شدولو وركب فوق بنبرو أب لبده/ واتحكر جلس ختا السفنجه حِدا

لولح راسو ناد وأدى الابار جبده/ في اقل من دقيقه ينبّت الفرده

وحين جاهو الزبون عاد علّب العوّه/ ودي نباتت شنو الخيت بره خيت جوه؟ 

نتعضر جميع من فعلو هو السوا/ عمراً يكمّلوا والفايده في القوه

مما تب قام معروف اخوي معنادي/ ونحلاً في الجدود حاشاهو ما هو البادي

مابمشي الجوامع وما مشى النادي/ ومن السوق غِشا الاندايه بي غادي..!

وفي الانداية روّح (والـ……) ذلّو/ واتحكر جلس قال يا عيال سلو

وقت الحِسبه ترّت والعيال ضلو/ اتنبّر قال عليّ حق الفجل كلو..ّ

(لاحظ إن العبادي يستخدم مفردة (نحلاً) عن (نحلة) ومن معانيها الاعتقاد الراسخ وهو يسخر من احمد الصرماتي ويقول إن العناد والمعاندة ميراث أصيل في أسرته وجدوده)..!

يواصل العبادي: (القصيدة طويلة لكن النكتة والطريف في الأمر إنو أحمد تاني يوم عرف الحكاية وعرف إني أنا الكتبت القصيدة.. انوعج جداً وقال لي تعاهدني ما تقول القصيدة.. قلت ليهو: سبق السيف العذل.. قال لي: كطيب بس ما تجيب اسمي أبداً وما تقول إنها خاصة بي أنا.. وخلي الباقي عليّ…!!

.. في نهاية أي حفلة يجي أحمد الصرماتي يقول لسرور: بالله قول القصيدة بتاعت ود صنعتنا…الله يقطع ضراعو دا أذانا وخرب سمعتنا….!! لغاية ما مات رحمه الله ما كانش واحد يعرف إنو هو المقصود.. كان شيطان ودارى عن نفسو بصورة عجيبة..!!

**

يقول له الطيب صالح: مش عاوزين نعيد ليك ذكرى حزينة.. لكن انت قلت قصيدة في رثاء سرور.. يقول العبادي: نعم .. أنا قلت:

فقد الفن سرورو وطالت احزانو ارتجت قواعدو وطاشت اوزانو

                         آه علي الاحيا الغنا وزانو  

السودان كِتِل في أعز فتاينو/ ومنعش لي حياة روحو ورقي كيانو 

حاديهو الخليل بي مجرى وديانو/ ومهيج شعورو المخفي بي بيانو

شين يا دنيا حالك والدهر شانو/ قطف زهرك وترك الشوك وغيشانو

 ما بان فيك كوكب وضوّا حيشانو/ إلا الموت مصوّب نحوه نيشانو

وين يا ناس سرور وحي الشعر لقلوبنا/ وين محي الشعورفينا ومغذّي طروبنا 

وين شادينا وين حادي الشروق وغروبنا/ استعجل تناول كاسو من مشروبنا

العِرفَك عدو واليعرفوك صديق/ وصاحبك في الرخا والوازرك في الضيق

 يعرفوا فيك رجل رغم اليضيق ويفيق/ ويعرفو حُر صريح لا غش ولا تلفيق

في وداعة الكريم في رحمة المنان/ والفردوس نزولك بين حور ودنان

اعلنلوا الشكر بي صوتك الرنان/ وآيات حمدو طوف بيها التمانيه جِنان 

إن لا قيت (خليل) في الجنة اغري سلامي/ وادي تحيتي لي (بطران) وبُث آلامي

وقول لي (العُمري) إني اتحطمت أقلامي/ ومثّل (للأمين) صاحبك أواخر أفلامي

و(أب عثمان جقود) بحر الشعور النابع/ كان في شعرو أول وفي منيتو الرابع

 لهفي على الرفاق راح ركبهم متتابع/ وأعلاهم عُمر ما اتخطا عِقدو الرابع..!!

(فيصل) كان ابوك فصل العقد في اخوانو/ معروف بالوفا والمُكرمات عنوانو 

واضح مبدا حُر ما اتعددت ألوانو/ الموت عاجَلو.. ووافاهو قبل أوانو

ثم يقول العبادي: القصيدة طويلة.. أنا ما بحفظها كلها.. رحم الله سرور..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى