الصوم والفطور على بصلة المؤتمر الوطني! وضرورة التمييز بين الجيش والمؤتمر الوطني (٢/٢)
ياسر عرمان
١- الصوم والفطور على بصلة المؤتمر الوطني
٢- التمييز بين الجيش والمؤتمر الوطني
٣- حركات الكفاح المسلح ومأزق الانقلاب على اتفاق السلام
٤- وحدة قوى الثورة الفريضة الغائبة
بعد صيام شعبنا عن الشمولية وفاشية المؤتمر الوطني لمدة ثلاثة اعوام، وبعد تضحيات جليلة على مدى ثلاثة عقود وثورة شعبية فريدة، هاهو المؤتمر الوطني يعود من جديد، علنا لا في الخفاء، وبكامل قواه التآمرية، لم يتعلم شيئا ولم ينس شيئا.
لقد تم ارجاع الآلاف من كوادره الى مؤسسات الدولة في وظائف قيادية، وظهر قادته الى العلن، مطالبين بارجاع حزبهم، وربما الاعتذار لهم، وقد بدا ابراهيم غندور في لقائه بالامس مع قناة الجزيرة يحاول ان يكتم غضبه تحت اسنانه، وهو يتحدث عن الخطأ الفادح للقوات المسلحة في التوقيع على الوثيقة الدستورية، فلقد كان ابراهيم غندور وحزبه قبل ذلك الوقت هم المتنفذون في قيادة القوات النظامية، وقد اعطانا محاضرة حول الاصلاح السياسي والانتخابات الديمقراطية التي لم يقم بها على مدى ثلاثة عقود، حتى داخل حزبه، فلمدة ٣٠ عاما لم تتغير قيادة الحزب او الدولة ممثلة في البشير. قفز غندور فوق جثث الشهداء وآلام الجرحى وضحايا الابادة، وكأنه لم يسمع بثورة ديسمبر.
على الحركة الجماهيرية ان تأخذ غندور وحزبه مأخذ الجد، فالانقاذ التي قذف بها شعبنا من الباب، تعود من نافذة عريضة، وعلى المليونيات القادمة ان تواجه سلطة المؤتمر الوطني، فالمؤتمر الوطني لم يسقط بعد، وعلينا العودة الى شعارات الثورة الاولى ورفع راية اسقاط اسلاميي المؤتمر الوطني. ان منازلة المؤتمر الوطني يجب ان تكون من اهم معارك الحركة الجماهيرية التي تنبت النصر.
التمييز بين الجيش والمؤتمر الوطني
المؤتمر الوطني يسعى للالتفاف على الحركة الجماهيرية وقوى الثورة، باستعادة السيطرة على مؤسسات الدولة والقوات النظامية، وعلى رأسها القوات المسلحة تحديدا. فالمؤتمر الوطني وقادته من الاسلاميين لم يكن يستطيعوا ان يحكموا السودان، او حتى الانتصار على الدكتور حسن الترابي دون السيطرة على مؤسسات الدولة والقوات المسلحة وثورة ديسمبر حررت الشعب والقوات المسلحة، من قبضة قيادات المؤتمر الوطني، ووضعت اساسا لبناء جيش واحد وهي اهم قضية الآن في السودان، دون انجازها ربما تنهار الدولة، دعك عن اقامة ديموقراطية او اجراء انتخابات.
المؤتمر الوطني يسعى لاقتناص فرصة العزلة التي يعاني منها انقلاب ٢٥ اكتوبر للالتفاف مرة اخرى على القوات المسلحة وارجاعها الي بيت الطاعة. والمدقق في لقاء غندور، رغم توزيعه لاشارات حسن النوايا، التي يظن انها طريقه للصعود الى الحكم، الا انه بدا غاضبا بحذر من القوات المسلحة، التي يظن انها وقفت مع قوى الثورة ووافقت على صيغة الوثيقة الدستورية وقبلت بادخال قادة المؤتمر الوطني الى السجن.
ان المؤتمر الوطني لا يساوي شيئا دون اجهزة الدولة ومواردها والقوات النظامية. وهو يتزلف للصعود مرة اخرى على اكتاف القوات المسلحة ويحاول ايقاع الفتنة بين الجيش والدعم السريع، والقضاء على كل ما انجزته ثورة ديسمبر.
علينا ان نفرق ونميز بين القوات النظامية وخصوصا القوات المسلحة بينها وبين المؤتمر الوطني والا نقع في حبائل المؤتمر الوطني، التي تسعى بان نعامل القوات المسلحة ككتلة صماء والايحاء بانها مؤسسة من مؤسسات المؤتمر الوطني، وكأنها جناحه المسلح، للصعود على اكتافها مرة اخرى. وعلينا الاستمرار في مقاومة الانقلاب دون الخلط بين القوات المسلحة والمؤتمر الوطني.
القوات المسلحة يجب الا تقع في فخ اساطين المكر والدهاء في المؤتمر الوطني وتصدق بان المؤتمر الوطني الذي ادخلها في حروب على مدى ثلاثين عاما وشرد خيرة كوادرها يمكن ان يقدم لها الدعم والمساعدة في اوضاعها الحالية.
علينا جميعا ان ندعم مبدأ الجيش المهني الواحد واصلاح وبناء ثالث للقوات المسلحة بعيدا عن سلبيات الماضي وان تكون قوات مسلحة صديقة الشعب ولمشروعه الوطني الديموقراطي وان تكون مهنية، وتعكس التنوع السوداني، والا تخوض حروبا ضد شعبها في الريف والمدن، وان تحل قضية قوات الدعم السريع لمصلحة بناء الجيش الواحد، المهني، دون القبول بشراء فتنة اسلاميي المؤتمر الوطني، الذين يسعون لدفع الجيش والدعم السريع للاصطدام. راجع الجزء الاول من هذه المقالة، بعنوان (الحل السياسي زائف ام حقيقي؟ مبدأ الجيش الواحد نحو اصلاح وتأسيس ثالث للقوات المسلحة السودانية) الذي نشر بتاريخ ٢٢ مارس ٢٠٢٢.
حركات الكفاح المسلح ومأزق الانقلاب على اتفاق السلام
السهم الذي اصاب السلطة المدنية الديموقراطية في انقلاب ٢٥ اكتوبر من الخلف، سيصيب اتفاقية السلام من الف خلف، ولقد كان غندور صادقا بالامس حينما نعت حركات الكفاح المسلح بالمتمردين قبل ان يستدرك. فعودة المؤتمر الوطني تعني بالضرورة عودة الحروب لاحقا والقمع ونهب الموارد. المعركة ضد المؤتمر الوطني مسجلة باسم الجميع وعلى حركات الكفاح المسلح ان تعلم انها المعني الاول بهذه القضية، فكيف اعاهدك وهذا اثر فأسك! لقد اُكل الثور الاسود حينما حررت شهادة وفاة الثور الابيض، كلما هنالك مسألة وقت.
وحدة قوى الثورة الفريضة الغائبة
مظاهرات ٦ ابريل وبتعبير فصيح من الناشطات والناشطين، افتقدت قضية رئيسة هي وحدة قوى الثورة، والرؤية السياسية المفصلة للحراك والمركز الموحد والقيادة الميدانية التي توفر الموجهات، كل ذلك يحتاج الى جهد وحوار شفاف وتقديم تنازلات، والافضل ان تقدم قوى الثورة التنازلات لبعضها البعض بدلا من تقديمها لخصومها.
ان الوصول الى كتلة حرجة تضمن التغيير يستدعي وحدة قوى الثورة، كما في تجارب ١٩٦٤، ١٩٨٥ وديسمبر. تلك التجارب التي قامت على مبدأ توحيد الكتلة الحرجة في مركز موحد. وقد اصبح ذلك اشبه بقانون لا سبيل لتجاوزه، ولا يمكن توحيد قوى الثورة في قالب واحد. فهي قوى متعددة ومتنوعة. والمركز الموحد لن يكون هو اي من المراكز الحالية. بل مركز جديد وباسم جديد وصيغة جديدة، لا يستثني احدا من قوى الثورة، ولا يفرض فيه اي تيار شروطه، ويتجاوز اخطاء الماضي، وهو فرض عين. القوى المضادة للثورة، تسعى ايضا لقيام مركزها الموحد وحاضنتها واعلنت عن مزاد لاختيار رئيس الوزراء الجديد. ان وحدة قوى الثورة هي الفريضة الغائبة.