الرأي

السيول والفيضانات.. تحذيرات من كوارث صحية قادمة!!

في توضيح صحفي، قللت لجنة إزالة التمكين من تصريحات حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي التي عزا فيها كارثة السيول والأمطار الأخيرة لـ (تراكم التهميش في السودان على مر العهود السابقة)، على حد قوله. وقال مناوي إن المسؤولية عن هذه الكارثة تتحملها لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو (المحلولة بأمر الانقلاب)، كونها (صادرت) الآليات التي تستخدم في فتح القنوات ودرء الكارثة.

جاء ذلك على خلفية مقتل تسعة وسبعين شخصاً خلال السيول التي اجتاحت مناطق من ولايتي الجزيرة ونهر النيل، بالإضافة لولاية جنوب دارفور ومناطق عديدة في ولايات الشرق. وبحسب إحصاءات رسمية، فقد انهار أكثر من ألفي منزل في مدينة المناقل، بالإضافة لـ (53) مرحاضاً، و(32) فصلاً دراسياً. واتخذت المدارس كدور إيواء للأهالي، وشملت المناطق المتأثرة بالسيول تسع وثمانين قرية، فيما جرفت السيول والأمطار حوالي خمسة آلاف فدان مستخدمة للزراعة.

وأكدت لجنة الأطباء المركزية، في بيان، لها ضعف استجابة وزارات الصحة في أغلب المناطق التي طالتها الفيضانات، مع انعدام المرافق الصحية في القرى والأرياف التي غمرتها المياه. كما أنه لا توجد أي أرقام مضبوطة حول عدد الوفيات والإصابات جراء السيول من قبل هيئات الدفاع المدني ووزارات الصحة الولائية أو الاتحادية. وأشار البيان إلى أن آلآف الأسر فقدت منازلها وممتلكاتها وهم الآن بدون مأوى، وتهدمت المراحيض واختلطت بمياه الأمطار، الشيء الذي أدى إلى نزوح عدد كبير من الأسر للمدن المجاورة، ونفق عدد كبير من الحيوانات الآليفة والماشية والأبقار.

كما غمرت السيول مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية التي توفر فرص عمل والاكتفاء الذاتي من المأكل، وترفد الميزانية العامة من الصادرات مع استمرار السيول خصوصاً في قرى المناقل دون توضيح رسمي من الدولة حول طبيعة أو أسباب هذه السيول. وبحسب اللجنة، فإن تكاثر البعوض وانعدام الصرف الصحي والتخلص الآمن من الفضلات وعدم توفر المياة والازدحام وغيرها تفاقم من سوء الوضع الصحي الحالي. وحذرت اللجنة من كارثة صحية سوف تحدث في مقبل الأيام تتمثل في الحُميات والإسهالات المائية والنزلات المعوية، وفقدان عدد كبير من الحوامل للفرصة الآمنة للولادة مع إمكانية ظهور بعض من الأمراض المعدية والمنقولة عبر المياه.

لجنة تفكيك التمكين في ردها على تصريحات حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، أكدت أنها قامت في الخامس عشر من سبتمبر (2021)، باسترداد عدد (312) آلية ثقيلة من (27) شركة (شركات المتكاملة) تعمل في حفر القنوات بمشروع الجزيرة، وقد حازت هذه الشركات على الآليات من البنك الزراعي (حكومي) دون أن تدفع مقابلها بموافقة من إدارة مشروع الجزيرة، والتي بلغت قيمتها في ذلك الوقت (55) مليون دولار. وبحسب التوضيح الصحفي الذي أصدرته اللجنة، فإن هذه الشركات هي شركات خاصة عددها (23) شركة بدأ إنشاؤها في العام 2011 على خلفية تصفية مؤسسات مشروع الجزيرة بالبيع والإغلاق، حازت على تمويلات مُيسرة من البنك الزراعي من المال المخصص لبرنامج النهضة الزراعية. قامت هذه الشركات باستجلاب الآليات وتمتعت بالإعفاءات الجمركية تحت دعاوى المساهمة في نهضة المشروع، وسرعان ما تم توظيف هذه الآليات في مهام وأغراض غير التي استوردت من أجلها مثل استخدام هذه الآليات في التعدين مثلاً، واستمر تسرب الآليات من المشروع حتى بلغ عددها عشر آليات في عام (2015)، والتي كانت لا تكفي لفك الاختناق في قنوات يبلغ طولها (14.000) كيلومتر، واستخدمت هذه الآليات في تخريب النظام الهندسي لقنوات الري، وأوقعت الأضرار بالمزارعين الذين أجبروا على التخلي عن أراضيهم، مشيرة إلى علاقة تربط مناوي بأحد فلول النظام البائد المتضررين من استرداد الأموال والممتلكات العامة المتمثلة في هذه الآليات لخزينة الدولة، ولافتة النظر إلى أن مناوي لم يطالب بإعادة الآليات لمشروع الجزيرة بل بإعادتها لمن استردت منه من الفلول عن طريق لجنة التفكيك.

يصر حاكم إقليم دارفور على التغريد خارج السرب في كل مرة، صارفاً النظر عن اتفاقية جوبا التي أفرغها الانقلاب من محتواها، وعن بنودها من قبيل جبر الضرر والعدالة الانتقالية، وحتى إيجاد الحلول الناجعة للنزاعات القبلية والانتهاكات التي ما زالت تترى على ذلك الإقليم المنكوب، ابتداء من قتل المتظاهرين في شوارع نيالا وحتى حالة اللاسلم واللاحرب، والتي لولا الجهود الشعبية لتطورت إلى ما لا يحمد عقباه.

حفظ الله السودان وشعب السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى