تقارير

الذكاء الاصطناعي.. سوق العمل أمام تحولات كبيرة

تقرير- آلاء عبدالرحيم
حذرت تقارير اقتصادية من فقدان 300 مليون وظيفة بدوام كامل في سوق العمل في أمريكا وأوروبا، بسبب تطورات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGP الذي يستطيع القيام بكتابة مقالات ونصوص طويلة بشكل سريع في خلال دقائق معدودة، بالإضافة لاستطاعته أن يجيب على أي سؤال نظرًا لقاعدة بياناته التي تخطت 175 مليار معلومة. ووفقاً لتلك التقديرات، فإن 25% من القوى العاملة الحالية في أمريكا و24% في أوروبا قد يتم استبدالها بالذكاء الاصطناعي، في حين أن ثلثي القوى العاملة قد تشهد قدراً من الأتمتة لوظائفهم. مما يشير الى انه مع تزايد تطور الذكاء الاصطناعي يتم استبدال الوظائف، خاصة الوظائف التي لا تتطلب الكثير من العمل البدني.
مصالح ومخاوف
تشهد تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات الاعلام والصحافة تنوعًا، من استخدام للخوارزميات التي تساعد الصحافة الاستقصائية على كشف البيانات مرورا بأنظمة التعلم الآلي التي تكتب المقابلات وتترجم المحتوى.
يقول الصحفي المهتم بتطبيقات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس (تقنيات الواقع الافتراضي) محمد العجمي في حديثه لـ(الديمقراطي)، إن الذكاء الاصطناعي سيكون في صالح تطوير سوق العمل في الصحافة، رغم المخاوف التي تدور حوله، كما أنه لن يشكل خطرا كبيرا على الوظائف وهذا أمر اختبرته الصحافة مرارا في تحولاتها وتطورها من الكتابة إلى الراديو والتلفزيون ثم الإعلام الالكتروني مؤخرا.
ويواصل العجمي حديثه ويقول: “كما خلقت الصحافة المكتوبة وظيفة المخرج الصحفي، وظف التلفزيون في المقابل المخرج التلفزيوني، وكما مكنت الهواتف من تسهيل البث المباشر والتصوير، سيسهل الذكاء الاصطناعي كثيرا من مهام الصحفيين في جمع البيانات وتحليلها، فيما ستظل المهام الأساسية للصحفي في طرح الأسئلة وصياغة السياسات التحريرية وتنفيذها ثابتة لن تتغير حسب المرحلة الحالية التي وصل إليها الذكاء الاصطناعي”.
الأستاذ المساعد في الصحافة الرقمية في جامعة سويسرا كولين بورليزا ذكر لـ(شبكة الصحفيين الدوليين) ” أنّ أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون موردًا لا يُقدر بثمن للصحفيين، ولكن يجب ضمان الإشراف البشري؛ لتجنب نشر بيانات غير دقيقة أو ادعاءات غير صحيحة “. وأشار بورليزا إلى إمكانية ظهور مخاوف مختلفة في مراحل مختلفة، بداية من التحقق من توافق تصميم النظام مع القيم الصحفية ووصولًا إلى التحقق من دقة البيانات المستخدمة وضمان الشفافية في غرض.
يقول الاعلامي والباحث في الحقوق الرقمية، خطاب حمد، في حديثه لـ(الديمقراطي)، خدم الذكاء الاصطناعي سوق العمل الاعلامي بشكل يساهم في توفير الوقت والجهد والتكاليف. يتخوف البعض من أن يحل الذكاء الاصطناعي محل مهنة الصحافة، ولكن الحقيقة هي أنه يساهم في تخفيف أعباء العمل. فالذكاء الاصطناعي مستخدم في المجال الصحفي منذ عدة سنوات، فيما يخص مهام التحقيقات الاستقصائية، والتحقق من صحة الأخبار، والتدقيق اللغوي وغيرها، هذه الخواص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لا تكون متوفرة باللغة العربية في بعض الاحيان، ولكنها موجودة ويمكن تشجيع توفيرها للصحافة العربية، في رأيي لن يؤثر الذكاء الاصطناعي على حال الصحافة السودانية في المستقبل القريب، ولكن على المدى البعيد بالطبع سيؤثر، وهنا يجب أن نلتفت لأهمية التدريب وبناء القدرات.
الواقع والتجليات
في مطلع مارس ناقش مؤتمر في أوستن في ولاية تكساس الأمريكية إمكانات وقدرات برامج الذكاء الاصطناعي في السنوات القليلة المقبلة، مع مخاوف من وجود خصوصية أقل للبيانات والمزيد من مركزية النفوذ في يد حفنة من الشركات والذكاء الاصطناعي الذي يتوقع احتياجات المستخدم ويفهمها بشكل خاطئ أو على الأقل يقيد الخيارات للمستخدمين.
مديرة مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض، أراتي برابهاكار، قالت خلال المؤتمر: “ما نراه جميعاً هو ظهور هذه التكنولوجيا القوية للغاية يعتبر منعطفاً مهماً جداً في تاريخنا، ولكن التاريخ علمنا أن مثل هذه التقنيات الجديدة القوية قد تكون سلاحاً ذو حدين، فتستخدم للشر كما للخير تماماً”.
وعلى الصعيد المحلي يقول رئيس تحرير صحيفة الحداثة يوسف حمد، في حديثه لـ(الديمقراطي)، ان مسألة الذكاء الاصطناعي تعد واحدة من هذه التجليات، مضيفا: “في الواقع؛ نحن نعيش مرحلة من مراحل نفاد الزمن والفضاء معا، لكن مع ذلك لن يفقد الإنسان مركزيته في هذه الأرض، والدليل البسيط هو أن الصحيفة يسعدها أن تستانس بآرائنا في هذه القضية العصرية جدا، ولا يبدو أنها ستثق كثيرا في بديلنا الاصطناعي المحتمل وبطريقة أخرى، عودتنا التكنلوجيا على إدهاشنا في بادئ الأمر، لكنها عادة ما تفشل في إيجاد الحلول الناجعة، وحتى الآن لم تختصر لنا الجهد أو الوقت، فضلا عن كون خدعة اكتساب الوقت بفضل التكنلوجيا دوما ما تأتي متبوعة بكوارثها الخاصة، وسرعان ما يتنامى نمط من الاشمئزاز الأخلاقي والمطالبات الحقوقية متى ما كانت التكنلوجيا خصما على الحقوق”.
على كل يمكن القول اننا امام تحول كبير في سوق العمل بعد تزايد استخدامات الذكاء الاصطناعي، وامام هذه التحديات لا يوجد افضل من الاستعانة بنصيحة الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت ساتيا ناديلا خلال حديثه في مؤتمر دافوس مطلع العام الجاري بقوله: “أفضل طريقة للاستعداد لهذه التكنولوجيا هي عدم الرهان عليها وجعلها فقط تساعدك في وظيفتك وعملك ولضمان ألا يحل الذكاء الاصطناعي مكانك سواء كنت تعتمد على منتجات مايكروسوفت للقيام بعملك أم لا، هو تكوين صداقات معها بدلاً من التفكير فيها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى