الرأي

الدفتردار جبريل

مريم البشير

قد لا يعلم الجيل الذي درس مرحلة الأساس شيئاً عن التركية السابقة وأسباب قدوم محمد علي باشا لغزو السودان في العام 1821، وذلك لأنّ هذا من ضمن مقرر مادة التاريخ للصف الثالث في المرحلة المتوسطة. لقد كانت أسباب الغزو الأساسية الذهب والرجال ليستعين بهما في تكوين إمبراطورية عظمى، وقد مارسوا أقسى أنواع الترويع في جمع الضرائب، وكل أنواع الاستفزاز الذي بسببه دبر المك نمر وشقيقه مساعد لمحرقة شندي وانتصروا فيها لذاتهم، وتم حرق الخديوي إسماعيل باشا ليأتي محمد بك الدفتردار بحملات انتقامية لم تستثن أحداً. مع أن الدفتردار عند الأتراك تعني الموظف المسؤول عن الحسابات، لكنه خلط الأوراق بنفسية المحتل والاستعباد، وهذا طبيعي.

جبريل وزير مالية انقلاب البرهان

ذاك محتل لا تربطنا معه أواصر ولا يجمعنا معه وطن وأعلن أهدافه. لكن غير الطبيعي، والذي لا يمكن تمريره، هو أن يُفجر شعب ثورة سلمية ضد الطغيان والفساد والعنصرية باسم الدين، ويأتي من يدَّعي النضال وتبني قضايا المهمشين، والذي لم تُفلح بندقيته في إسقاط نظام الفساد لعشرين سنة خلت، دفع فيها الشعب السوداني الثمن غالياً، وعانى كل المعاناة، يأتينا بسياسة محتل يمارس كل أنواع الظلم، ويزعم أنَّ ذلك من ضمن بنود اتفاق سلام جوبا الكارثي، ويصرح بلا حياء ولا خشية من الله بأنه أعفى عربة ابن أخيه من الجمارك، والتي لن تُقدم للشعب شيئاً، في حين رفض تخفيض الجمارك لوطني منتج تقدم ببراءة اختراع لركشة تعمل بالطاقة الشمسية. عذراً يا فتح الرحمن (صاحب الاختراع)، فالدولة التي تعتمد على جيب مواطن كادح كمورد أساسي في تمويل الدولة لا تنتظر منه غير رده. كما يطل علينا بعجائب لم نسمع بها إلا في العهد التركي، بأنَّه بعد أن تم تخفيض أسعار الوقود التي لم ينتظر هل تم تطبيق قراره بالتخفيض أم لا، لأننا لازلنا ندفع نفس الفاتورة، ليفاجئنا بأنه بصدد إصدار رسوم جديدة تحت إيصال موحد أسماها (رسوم سلام جوبا لتنمية ولايات دارفور)، والأكثر جرأة وغرابة أنه أكد على أنها ستكون إجبارية تُضاف إلى فاتورة الكهرباء وأيضاً رسوم العبور وترخيص العربات والمحلات التجارية، زاعماً أن ذلك سيغنينا عن الدعم الخارجي.

أي كفاءةٍ هذه التي تفشل وتؤيد الفشل وتأتي لتصنع نجاحاً من دم الشعب؟! لماذا تتغافل عن حقيقة دعم سلام جوبا؟! هل كان في حساباتك أن تعتصم أمام القصر وتُسقط حكومة أنت جزء منها وتنسف الوثيقة وتنحر الثورة التي لولاها لكنت حتى يومك هذا في الفنادق؟! ما ذنب الشعب ليعوضك الدعم الذي تسببت في تعطيله على حين غفلة؟!

هل اتضحت الصورة؟! 

معلوم من يريد الاستغناء عن الآخرين والتخلي عن اليد السفلى وحفظ ماء الوجه، يكون باعتماد سياسة توطين الإنتاج وفرض هيبة الدولة وسيادتها، ليس بالقتل والترويع، وإنما بضبط حدودها ومحاسبة المتفلتين المهربين.

*همسة

كل الشعب فقير ومهمش ولا علاقة له بتعويضات سلام الجبن والعار.

#التصعيد الثوري فرض عين

قوموا إلى ثورتكم ينصركم الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى