الرأي

الاعلام – معركة في معركة

د. وجدي كامل
السيطرة على الالة الاعلامية ذات الخبرة والتقاليد الراسخة واحتواء الاعلام من فضائيات واذاعات وصحف تميل بنحو واضح لصالح القوات المسلحة لما لها كذلك من كوادر مدربة و قدرات متخصصة.
في مقابل ذلك يلاحظ ان ثمة ضعف بنيوي لا تخطئه العين يتصل بقدرات قوات الدعم السريع في هذا المضمار الهام والذي وفيما يبدو انها لم تتحسب لعواقب الاهمال او عدم العناية المهنية الكافية به بصفة جيدة منذ تكوينها الى ما بعد اندلاع الثورة بصفة خاصة.
وكمثال لذلك فقد تكون قوات الدعم السريع هى القوة الضاربة على ارض المعركة وجغرافيا الميدان الحربي واقعيا حاليا ولكن ذلك قد لا يصبح كافيا لتحقيق الانتصار النهائي وفق قدرات عسكرية تفتقد الى الذراع الاعلامي لها على ارض المعركة. الاعلام في ازمنة الحرب وخاصة المرئي والمسموع منه مادة علمية تدرس في الكليات العسكرية المتطورة وتهتم بها الجيوش والدول. وفي تجارب المعارك والحروب التي شهدها العالم في نصف القرن المنصرم.
كثيرا ما غيرت الالة الاعلامية بتاكتيكاتها واساليب عملها اتجاهات المعادلة في الميدان بتكبيد الطرف الخاسر (لاحقا) السحق والقهر النفسي عبر التحكم في الراى العام بخلق سلاسل التأييد المستمرة وبصناعة وتوجيه المعلومات المتدفقة وفق الاغراض السياسية الحربية اما بواسطة بسط الحقائق او بتزييف الانباء، وقلب المعلومات، وتكثيف العتمة على الحقيقة.
وعودة الى السيطرة الاعلامية فقد كان للدعم السريع فرصة ذهبية للسيطرة على الراى العام المحلي والاقليمي والعالمي في هذه اللحظات اذا ما كانت له الاستراتيجية وبناء القدرات الاعلامية والوفرة في الكوادر لتوظيف سيطرته الحالية على مبنى الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون بفتح المجال لمنسوبيه ومناصريه في التشغيل والتقديم وانتاج البرامج لارسال الرسائل الاعلامية الداعمة لموقفه وتركيب الصورة الذهنية للاحداث وللواقع حسب رؤيته. ولكن ما تؤيده الوقائع ان قيادة الدعم السريع قد اكتفت باغلاق الباب على العاملين والمشغلين باستثناء فني تشغيل واحد وهو الذي تتابعون اجتهاداته المثيرة للعجب منذ اندلاع القتال حتى هذه اللحظة رغم محاولة ظهور المذيع مبارك خاطر الخاطفة لتهدئة روع المشاهدين باذاعة نبا عن هدوء الاحوال تمت مقاطعته باصوات مدفعية ليختفي تماما دون رجعة. وعلى العكس من ذلك يمكن القول بان القوات المسلحة بحواضنها السياسية قد خسرت منصة هامة للغاية كان من الممكن وحسب خبرة حاضنتها الاعلامية في توجيه الضربات القاضية لعدوها الحالي واختطاف الراى العام لجزيرة خياراتها السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى